مكتب تطوعي لمتابعة شؤون الجرحى والمفقودين شمالي سورية

مكتب تطوعي لمتابعة شؤون الجرحى والمفقودين شمالي سورية

03 مايو 2021
فقد أبناءه في غارة جوية (أحمد الأطرش/ فرانس برس)
+ الخط -

عانت معظم مناطق الشمال السوري من انقطاع الاتصالات وزيادة الكثافة السكانية منذ بدء خروجها عن سيطرة قوات النظام عام 2012. عاملان تسبّبا في فقدان الكثير من العائلات التواصل مع بعض أفرادها، وضياع واختطاف آخرين لأسباب أخرى، بالإضافة إلى سقوط العديد من الجرحى والقتلى نتيجة قصف النظام. ولم يتمكن أقارب البعض من الوصول إليهم بسبب نقلهم إلى مستشفيات بعيدة وأخرى داخل الأراضي التركية.
كل هذه الأسباب دفعت حذيفة الحمود، الذي أُصيب بقصفٍ للنظام السوري على ريف إدلب عام 2012 نقل على أثره إلى تركيا، إلى تأسيس مكتب شؤون الجرحى والمفقودين، لمتابعة شؤون القتلى والجرحى مجهولي الهوية والمفقودين الذين يتمّ التبليغ عنهم، بهدف المساعدة في لمّ شمل العائلات، ومساعدة المصابين ونقلهم إلى النقاط الطبية والمستشفيات. 
يقول لـ"العربي الجديد": "عندما نقلت إلى أحد المستشفيات التركية بعد إصابتي، شاهدت الكثير من المصابين السوريين الذين لم يكن معهم أي مرافق، ومنهم من لا تعرف عائلته أنه قد أصيب. سبب جعلني أبدأ العمل على التواصل مع المستشفيات ومراكز الشرطة والإسعاف، بهدف لم شمل العائلات بمصابيها، ومعرفة هوية القتلى مجهولي الهوية، الذين شهدت دفن كثيرين منهم من دون أن يتعرّف عليهم أحد. والسبب انقطاع شبكات الاتصال وصعوبة التنقل في مناطق الشمال السوري".

يُضيف الحمود أنّه بدأ العمل مع عدد من المتطوعين بأدوات بسيطة. وفور تلقيهم اسم ومواصفات المصاب، يذيعونها عبر الأجهزة اللاسلكية المنتشرة في المنطقة، والتي حلّت بديلاً عن شبكات الاتصال. وبعد وصول الإنترنت إلى المنطقة، لجأوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وباتوا ينشرون صوراً للمصابين والمتوّفين، بالإضافة إلى المركز الطبي الذي تمّ نقلهم إليه.

ويشير الحمود إلى أنهم وسّعوا دائرة عملهم لتشمل المفقودين والمخطوفين، حتى وصلوا إلى نشر نحو 20 حالة يومياً في بعض الأحيان، ما بين مصاب ومفقود وقتيل مجهول الهوية، وذلك بالتنسيق مع الأجهزة الطبية ومراكز الشرطة والمجالس المحلية والدفاع المدني. كما استعانوا بمتطوعين في المستشفيات التركية التي تستقبل المرضى والجرحى السوريين، ووصل عددهم إلى نحو 20 متطوعاً ومتطوعة، يتابعون حالات اختفاء الأطفال، الذين عادة ما يختفون بسبب ضياع أهلهم أو قصف منزلهم في معظم الأوقات، نتيجة لظروف الحرب وما آلت إليه من نزوح إلى مناطق جديدة، وكثرة الخلافات العائلية والمجتمعية.
موسى محمد، النازح من ريف مدينة حماة الجنوبي إلى بلدة كللي شمالي مدينة إدلب، فقد أحد أبنائه البالغ ثماني سنوات العام الماضي، ثم وجده في مدينة إدلب بعد يومين من نشر معلومات عنه عبر وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالمكتب، والتعميم عن فقدانه عبر أجهزة الإذاعة اللاسلكية المنتشرة في المنطقة. يضيف موسى أنه بعد حادثة ابنه انضمّ إلى إحدى مجموعات المكتب على تطبيق واتساب، في محاولة منه لرد الجميل لمتطوعيه، على حد قوله، وللمساعدة في نشر معلومات الجرحى والمفقودين والتبليغ عنهم، وإسهاماً منه في إيصالهم إلى أهلهم.
إلى ذلك، يقول مدير مكتب التوثيق في المركز علاء الفنيخ، لـ"العربي الجديد"، إن عدد الحالات التي وثّقها المركز منذ تاريخ إنشائه عام 2012، وصل إلى أكثر من 100 ألف، وبات المكتب ملجأ لكل من يفقد قريباً أو صديقاً في الشمال السوري. ويشير إلى أنهم أنشأوا مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي بهدف تسهيل التواصل، وخصّصوا أرقاماً لتلقي الاتصالات على مدار الساعة.

وعن آلية عمل المكتب، يشير الفنيخ إلى أنّ مسؤولي التواصل يتابعون الحالات. وبعد جمع المعلومات، يصمّمون بطاقات تحوي صورة المفقود أو المصاب ومعلومات عنه وأرقاماً للتواصل مع عائلته، ثمّ ينشرونها على كل وسائل التواصل التابعة لهم، لافتاً إلى أن هناك متطوّعين متفرّغين في المكتب يتابعون كل حالة على حدة، حتى يصل إليها الأهل، ثمّ يصار إلى إغلاق تلك الملفات.
وبحسب الفنيخ، فإن المكتب يتولّى أرشفة سجلات الجرحى والمفقودين ومجهولي الهوية بهدف العودة إليها عند الحاجة، مشيراً إلى أن مئات الحالات ما زالت ملفاتها مفتوحة لأسباب عدة، منها عدم العثور على المفقودين، أو عدم التوصّل إلى أحد من أقارب الجرحى والقتلى، وقد دفن كثيرون كمجهولي الهوية.

المساهمون