معازل أكاديمية في الضفة الغربية

معازل أكاديمية في الضفة الغربية

18 ابريل 2024
طلاب وطالبات من جامعة بيرزيت (عصام الريماوي/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مؤسسات التعليم العالي في الضفة الغربية تواجه انتهاكات مستمرة تشمل المداهمات، الاعتقالات، وتسليح المستوطنين، مما يعيق تحقيق بيئة تعليمية آمنة ويحرم الشعب الفلسطيني من حقه في التعليم.
- التحول إلى التعليم عن بُعد بسبب العدوان وهجمات المستوطنين قلص الفرص التعليمية والثقافية لأكثر من 138 ألف طالب، محولاً الجامعات إلى مؤسسات محلية تفتقر للتنوع الثقافي.
- من 1982 إلى 2023، تعرضت الجامعات وطلابها لأكثر من 2000 حالة اعتقال واقتحامات متكررة، في استراتيجية إسرائيلية لعزل مؤسسات التعليم وتقويض دورها النضالي والثقافي.

تختلف الصورة بعض الشيء في قطاع غزة عنها في الضفة الغربية، ففي الأخيرة يجري تدمير مؤسسات التعليم العالي على "البارد"، أي إنه لا طائرات أو مدفعية تدك المباني وتقتل الأساتذة والطلاب، لكن الممارسات الصهيونية التي يتعرض لها الناس في الضفة عبر المداهمات للقرى والمخيمات والمدن تقود إلى الهدف نفسه، وهو حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في التعليم العالي. 
وتتعرض جامعات الضفة إلى أشكال من الانتهاكات التي تطاولها بوصفها مؤسسات، وتطاول أساتذتها وطلابها داخل الحرم وخارجه أيضاً، وأضاف تسليح المستوطنين العنصريين المزيد من قوى القمع الصهيونية، إذ بات هؤلاء يقطعون الطرق على المواطنين، وفي مقدمتهم طلاب الجامعات والمعاهد العليا.
في 9 أكتوبر/تشرين الأول، أي بعد يومين من بدء العدوان على غزة، ونتيجة المخاوف من هجمات المستوطنين الإسرائيليين، وفرض مزيد من القيود على حركة الفلسطينيين، قامت كل مؤسسات التعليم العالي في الضفة الغربية، والتي تضم أكثر من 138 ألف طالب وطالبة، بالتحول إلى التعليم عن بُعد، وكأن وباء كورونا عاود التفشي، والحقيقة أن ممارسات الاحتلال في الضفة جعلت الجامعات أشبه ما تكون بمدارس أحياء تخدم المنطقة القريبة منها، ولا تتعداه إلى دمج طلابها وطالباتها من مناطق متنوعة، ما يعبر عن ثقافة المجتمع وانفتاحه.
وقبل العدوان على القطاع، كانت إسرائيل قد اعتمدت كل ما يمكن اعتماده من وسائل لتقييد حركة الناس والطلاب، ما أعاق حركة الدخول إلى القدس، والتواصل بين أجزاء الأراضي المحتلة، وقاد إلى نوع من المحلية في التعليم العالي، الأمر الذي سبّب فقدان بعض الجامعات الفلسطينية، كجامعة بيرزيت، بعض سماتها الوطنية، في حين أصبح الطلبة البعيدون عنها يواجهون صعوبات متزايدة في الوصول إليها.
ونتيجة ذلك تراجع عدد الطلاب الذين كانوا يقصدونها من قطاع غزة من 350 طالباً في سنة 2000، إلى 35 طالباً فقط في عام 2005، ثم تناقص العدد هذا العام إلى أقل من 10 طلاب.

لم يقتصر التنكيل على ذلك، بل تعرضت الجامعة وطلابها إلى حملات اعتقال طاولت أكثر من 2000 طالب خلال الأعوام من 1982 إلى 2023، ومنذ أكتوبر الماضي، جرى اعتقال أكثر من 45 طالباً، ما رفع عدد طلبة جامعة بيرزيت في سجون الاحتلال إلى أكثر من 125 طالباً، كما تعرض حرم الجامعة للاقتحام 20 مرة منذ سنة 2002، من بينها مرتان خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وتعرضت مبان جامعية أخرى لاعتداءات واقتحامات، من بينها جامعة فلسطين التقنية في طولكرم التابعة لجامعة النجاح الوطنية، وجامعة القدس المفتوحة في طوباس، والتي جرى إطلاق النار على مرافقها، وداهمت قوات الأمن مُختبرات ومَشاغل هندسة السيارات (مبنى الطاقة سابقاً)، وخربت ممتلكاتها. 
ويبلغ عدد مؤسسات التعليم العالي في الضفة الغربية 34 مبنى تقدم خدماتها لنحو 138 ألفاً و800 طالب، ويعمل فيها 12 ألفاً و300 موظف.
وكل ما تفعله سلطات إسرائيل العسكرية هو بغرض تحويل مؤسسات التعليم العالي إلى مراكز تعليمية معزولة عن المجتمع، ما يضع طلابها وطالباتها تحت المراقبة والحصار، ويفقدها دورها النضالي في الدفاع عن القضية الوطنية، ومقارعة الاحتلال، ومواجهة نظام الأبارتهايد المفروض على الأرض المحتلة، إذ لا يمكن للجامعات أن تكون مساحة حرية في ظل الاحتلال، ونظام الكانتونات والحواجز، وحائط الفصل العنصري، وتفلت المستوطنين بأسلحتهم وعجرفتهم واستعلائهم.

(باحث وأكاديمي)

المساهمون