مؤتمر المناخ "كوب 28": الطاقات المتجددة والنووية على الطاولة

مؤتمر المناخ "كوب 28": الطاقات المتجددة والنووية على الطاولة

02 ديسمبر 2023
تتواصل أعمال مؤتمر المناخ "كوب 28" لليوم الثالث على التوالي (بياتا سارسويل/ Getty)
+ الخط -

تستمرّ أعمال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 28)، في حين يشهد العالم أزمة مناخ كبرى تهدّد الحياة على كوكب الأرض.

وتستحوذ مصادر الطاقة على الاهتمام، اليوم السبت، مع التركيز على الطاقة النووية والطاقات المتجددة ورفض الاستمرار في استخدام الفحم وغاز الميثان، قبل مفاوضات شائكة بين نحو 200 دولة حول كيفية التخفيف أو التخلّص من الوقود الأحفوري في خلال بضعة عقود.

وبحلول بعد ظهر اليوم السبت، تعهّدت 118 دولة بمضاعفة قدرات الطاقات المتجدّدة ثلاث مرّات بحلول عام 2030 وزيادة كفاءة الطاقة مرّتَين في الفترة نفسها. ووعدت هذه الدول بـ"العمل معاً" من أجل زيادة القدرات العالمية للطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية إلى 11 ألف غيغاوات بنهاية العقد، مع الأخذ في الاعتبار "الفروقات والظروف الوطنية" لمختلف الدول. وتبلغ القدرات الحالية للطاقة المتجدّدة 3400 غيغاوات على مستوى العالم.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين لوكالة فرانس برس إنّ هذا الإعلان الذي يجري الإعداد له منذ أشهر ودعمته دول مجموعة العشرين هو "رسالة قوية جداً" إلى الأسواق والمستثمرين.

وتأتي دول الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة العشرين المسؤولة عن 80 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية من بين الدول الموقّعة. لكنّ الصين والسعودية وإيران وفنزويلا لم توقّع بعد هذا التعهد. ويبقى السؤال عمّا إذا كانت سائر دول العالم سوف تتبنّى ذلك في خلال مؤتمر "كوب 28" الجاري.

وكان الاتحاد الأوروبي قد أطلق، في الربيع الماضي، نداءً في هذا الإطار تبنّته فيما بعد دول مجموعة السبع ومجموعة العشرين على التوالي، علماً أنّها المسؤولة عن 80 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية.

وفي كلمتها في "كوب 28" أمس الجمعة، قالت فون ديرلاين إنّ "دعوتنا تحوّلت اليوم إلى حركة قوية وانضمت إليها بالفعل أكثر من 110 دول"، داعية "الجميع إلى إدراج هذه الأهداف في القرار النهائي لمؤتمر الأطراف، ثمّ نبعث برسالة قوية إلى المستثمرين والمستهلكين".

ويمثّل هذا الهدف نقطة تفاوض موازية ومرتبطة بصورة وثيقة بالنقاشات الأكثر صعوبة بشأن تخفيض الوقود الأحفوري، أو حتى التخلّص منه.

وتُعَدّ مضاعفة مصادر الطاقة المتجددة (طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية والكتلة الحيوية وغيرها) المحرّك الرئيسي لسيناريوهات الحياد الكربوني.

ومن عام 2015 إلى عام 2022، نمت منشآت الطاقة المتجدّدة بمعدّل 11 في المائة سنوياً. وعلى خلفية الارتفاع الكبير في أسعار النفط والغاز وانعدام أمن الطاقة المرتبط بالحرب في أوكرانيا، تتوقّع وكالة الطاقة الدولية نموّاً غير مسبوق في عام 2023، بنسبة 30 في المائة تقريباً.

أكثر من 20 دولة تدعو إلى زيادة مصادر الطاقة النووية 3 أضعاف

وكان اليوم الثالث من مؤتمر المناخ "كوب 28" قد بدأ بدعوة أكثر من 20 دولة مشاركة فيه، من بينها الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبلجيكا والإمارات، في بيان مشترك اليوم السبت، إلى زيادة مصادر الطاقة النووية في العالم ثلاثة أضعاف بحلول عام 2050 مقارنة بعام 2020، بهدف تقليل الاعتماد على الفحم والغاز.

وجاء ذلك على لسان المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري في أثناء وجوده في دبي، إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دو كرو.

لكنّ قائمة الموقّعين على البيان لا تتضمّن الصين ولا روسيا اللتَين تُعَدّان أبرز دولتَين في مجال بناء محطات للطاقة النووية في العالم راهناً.

أمّا الدول الموقّعة، إلى جانب تلك المذكورة آنفاً، فهي بلغاريا وكندا وفنلندا وغانا والمجر واليابان وكوريا الجنوبية ومولدوفا ومنغوليا والمغرب وهولندا وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا والسويد وأوكرانيا وجمهورية التشيك وبريطانيا.

وجاء في نصّ البيان أنّ "الإعلان يعترف بالدور الرئيسي للطاقة النووية في تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 والحفاظ على إمكانية تحقيق هدف (حصر الاحترار المناخي) بـ1.5 درجة مئوية".

وقال كيري، خلال فعالية أُقيمت في إطار مؤتمر "كوب 28": "ندرك من العلم وحقيقة الوقائع والأدلة أنّنا لا نستطيع تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 من دون الطاقة النووية".

ودعت الدول الموقّعة أيضاً الجهات المساهمة في المؤسسات المالية الدولية، من قبيل البنك الدولي، إلى إدراج الطاقة النووية في تمويلها.

ويرى مؤيدو الطاقة النووية، التي تُعَدّ نموذجية ولا تتسبّب في أيّ انبعاثات لغازات الدفيئة تقريباً، أنّها وسيلة لا تُضاهى لإنتاج الكهرباء النظيفة والوفيرة.

لكنّ ثمّة مدافعين عن البيئة يشيرون، في المقابل، إلى مخاطر وقوع حوادث ومسألة النفايات على المدى الطويل وحتى التكاليف المرتفعة للطاقة الذرية.

مؤسسات خيرية: 450 مليون دولار لتخفيض انبعاثات الميثان

وعلى هامش مؤتمر "كوب 28"، أعلنت نحو 12 مؤسسة خيرية كبيرة، اليوم السبت، أنّها سوف تستثمر 450 مليون دولار أميركي على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة لمساعدة الدول على اتخاذ إجراءات للتعامل مع انبعاثات غاز الميثان، ثاني أهم الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري، والذي صار محور تركيز جديد لمفاوضات المناخ العالمية.

وسوف تساعد المؤسسات الخيرية، التي تشمل "صندوق بيزوس للأرض" و"مؤسسات بلومبيرغ الخيرية" و"مؤسسة سيكويا للمناخ"، في تسريع التخفيض التدريجي لانبعاثات غاز الميثان وغيره من الغازات المسبّبة لظاهرة الاحتباس الحراري غير ثاني أكسيد الكربون.

ويأتي الإعلان عن ذلك في الوقت الذي تستعدّ فيه الولايات المتحدة الأميركية والصين والإمارات لإصدار إعلانات عدّة في المؤتمر، اليوم السبت، بشأن جمع مزيد من التمويل لمعالجة قضية غاز الميثان، فيما تقدّم خططاً جديدة للحدّ من انبعاثاته.

ويرى خبراء المناخ أنّ إدراج الجهود المتعلقة بغاز الميثان في اتفاقية مؤتمر ملزمة قانوناً يمثّل أولوية.

تجدر الإشارة إلى أنّ لدى غاز الميثان قدرة كبرى على التسبّب في الاحترار مقارنة بثاني أكسيد الكربون، لكنّه يتحلّل في الغلاف الجوي في غضون أعوام فقط، في حين يستلزم ثاني أكسيد الكربون عقوداً من الزمن. وهذا يعني أنّ الحدّ من انبعاثات غاز الميثان يمكن أن يكون له تأثير فوري أكبر في ما يتعلق بالحدّ من تغيّر المناخ.

وينبعث غاز الميثان من مجموعة متنوّعة من المصادر، من بينها إنتاج النفط والغاز والزراعة ومطامر النفايات، والنفايات الناجمة عن المواد الغذائية.

وكانت أكثر من 150 دولة قد وعدت في عام 2021 بتخفيض انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30 في المائة عن مستويات عام 2020 بحلول عام 2030، بموجب التعهّد العالمي لغاز الميثان بقيادة الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، إلا أنّ عدداً قليلاً من تلك الدول قدّم تفاصيل حول كيفية تحقيق ذلك.

وبحسب ما أفادت شركة الأبحاث "كايروس" التي تتعقّب انبعاثات الميثان أمس الجمعة، فإنّ انبعاثات الميثان لم تنخفض على الرغم من التعهّد، لا بل هي ترتفع في بعض الأماكن.

(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)

المساهمون