ليبيا: لا حلّ قريباً لمهجري بنغازي

23 يناير 2022
بعض المهجرين يحلمون بالعودة إلى بنغازي (عبد الله دوما/ فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت لجنة حصر الأضرار التابعة لبلدية بنغازي شرق ليبيا رصد وتحديد العقارات المتضررة من الحرب على الإرهاب في المدينة، مشيرة إلى أنّها بلغت 6666 عقاراً تضررت بشكل كلي أو جزئي، في وقت يسأل ناشطون عن مصير سكان العقارات الخاصة، لا سيما منازل المهجرين قسراً من بنغازي.
وأعلنت اللجنة عن تقريرها أخيراً، في إطار استعدادها لإحالة ملفات العقارات المتضررة إلى الجهات الحكومية المعنية بصرف تعويضات لأصحابها. وقال رئيس المجلس البلدي لمدينة بنغازي الصقر بوجواري، خلال اجتماعه باللجنة، إنّه "من الضروري بدء تحديد قيمة التعويضات عن هذه المباني، وإحالتها إلى اللجنة المركزية التابعة لوزارة الإسكان والتعمير في أسرع وقت، حتى يتسنى تخصيص الأموال اللازمة وصرفها لمستحقيها من قبل الجهة المختصة".

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

ويؤكد بوجواري "استمرار أعمال حصر المباني"، موصياً بضرورة توفير احتياجات لجنة حصر الأضرار من "أجهزة ومعدات تفرضها طبيعة العمل، على أن توافي البلدية بتقارير دورية عن نتائج سير عملها". وفي تصريحات سابقة، قال إنّ نسبة الدمار من جراء الحرب التي شهدتها المدينة على مدى سنوات وصلت إلى 30 في المائة. كما أشار إلى أنّ غالبية العقارات المتضررة هي عبارة عن مبان حكومية، مؤكداً أنّ أعمال لجنة حصر الأضرار تركز على منطقة وسط المدينة، كونها أكثر الأحياء تضرراً.
من جهتها، تشير الناشطة الحقوقية بدرية الحاسي إلى أنّ اللجنة تقول إنّ الحرب كانت على الإرهاب، موضحة أنّ سلطات بنغازي ما زالت تصر على إخلاء المسؤولية عن مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر حيال الدمار والتهجير الذي طاول المدينة. وتسأل: "ماذا عن حي قنفودة الذي حوصر أهله بداخله أشهراً عدة حتى ماتوا جوعاً، قبل أن تهدم منازلهم فوق رؤوسهم؟ وهل يدخل حصر الأضرار في أعمال اللجنة؟ وماذا عن تعويض أصحاب منازل هذا الحي وغيره من الأحياء معنوياً ومادياً؟".
وعلاوة على تصريحات بوجواري بشأن استمرار أعمال الحصر في ظل وجود أحياء أخرى لم يشملها، يبدو أنّ أعمال اللجنة تقتصر فعلياً على أحياء معنية. وسبق لعضو اللجنة يوسف الفاسي أن صرّح بذلك، موضحاً أن منطقة وسط المدينة "تختلف عن غيرها من مناطق وأحياء مدينة بنغازي، على اعتبار أن غالبية سكانها يقطنون في شقق في عمارات عمودية الشكل"، موضحاً أن العدد الإجمالي للأسر الليبية المقيمة في وسط المدينة قبل الحرب بلغ 8250، ونزحت جميعها من جراء الحرب. في هذا الإطار، تسأل الحاسي: "إذا كان هذا هو العدد الإجمالي للنازحين، فما هي الأحياء التي خرجت منها 13 ألف أسرة وما زالت مهجرة بين مختلف المناطق؟". وتؤكد أن سلطات مليشيات حفتر التي تسيطر على بنغازي لا ترغب في تسوية ملف المهجرين.

ناشطون يسألون عن مصير سكان العقارات الخاصة (عبد الله دوما/ فرانس برس)
ناشطون يسألون عن مصير سكان العقارات الخاصة (عبد الله دوما/ فرانس برس)

وشهدت الفترة الممتدة من عام 2014 وحتى عام 2018 حروباً مستمرة بين مليشيات حفتر وخصومها من مختلف القوى المسلحة. إلا أن قيادة حفتر رفعت شعار الحرب على الإرهاب في المدينة واعتبرت كل خصومها منهم. وعلى الرغم من استمرار رفض مليشيات حفتر عودة المهجرين من المدينة بعدما سويت منازلهم بالأرض في عدد من الأحياء، أبرزها قنفودة، سعت سلطات حكومة الوحدة الوطنية إلى تسوية الملف من خلال اتصالات عدة، ولا سيما النائب الأول لرئيس الحكومة حسين القطراني. وأكد رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة أنّ الملف بات على رأس أولويات حكومته.
لكن، في ظل التعقيدات السياسية الحالية والاختلافات بين الدبيبة والقطراني، يستبعد الناشط السياسي الليبي صالح المريمي حل الملف، مؤكداً أنه ليس في قائمة أولويات الحكومة. ويتحدث لـ"العربي الجديد" عن "إهمال الملف من قبل الهيئة العليا للمصالحة الوطنية، إذ إن قضية مهجري بنغازي لا تختلف عن قضية مهجري تاورغاء، التي دامت سنوات قبل أن يتم السماح بعودتهم إلى منطقتهم وسط إهمال كبير لإعادة إعمارها". ويرجح المريمي توظيف قضية مهجري بنغازي سياسياً لتكون ورقة ضغط من قبل الأطراف المتنافسة، على أن تطول كما طالت قضية تاورغاء". ويسأل: "إذا كانت القضية أولوية، فلماذا الحديث عن مهجري بنغازي حصراً، في وقت هجرت عشرات الأسر من مناطق الشرق، وتحديداً من أجدابيا ودرنة".

ووفقاً لتصريحات قادة رابطة مهجري بنغازي، فإنّ عددهم يبلغ 13 ألف أسرة، موزعين بين مناطق غرب ليبيا، أبرزها العاصمة طرابلس ومصراتة، فيما فضل جزء منهم العيش خارج البلاد. وفي منتصف أغسطس/ آب الماضي، نظمت بعض عائلات مهجري بنغازي وقفة احتجاجية أمام مقر الحكومة في طرابلس للمطالبة بحقهم في العودة إلى مدينتهم، ما استدعى من الحكومة تشكيل لجنة عليا لمهجري المدينة لبحث سبل حلحلة مشاكلهم الحالية إلى حين تسوية ملفهم.

المساهمون