أهالي بنغازي يتعايشون مع الرصاص العشوائي

أهالي بنغازي يتعايشون مع الرصاص العشوائي

07 اغسطس 2021
يُقتَل كثيرون من جراء الرصاص العشوائي (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

تسعى السلطات المحليّة في مدينة بنغازي الليبية إلى ضبط الوضع الأمني المتفلّت منذ مدة طويلة، وإن كان الأهالي قد تعايشوا مع هذا الوضع، وخصوصاً مع ظاهرة إطلاق الرصاص والقذائف العشوائية. وخلال العام الجاري والذي سبقه، قتل ما لا يقل عن العشرين مواطناً من جرّاء الرصاص العشوائي. 
ويؤكّد ضابط سابق في جهاز أمن مديرية المدينة، طلب عدم الكشف عن اسمه، أنّ الجهات المتورطة في إطلاق الرصاص والقذائف العشوائية معروفة ومحددة، إلا أن الأجهزة الأمنية لا يمكنها القبض عليها كونها تملك السلاح والمقاتلين، وتسيطر على أحياء المدينة كمليشيات، إلا أنها تعمل تحت مسميات عسكرية رسمية.
وفي محاولة للحدّ من الظاهرة التي تشكّل تهديداً مباشراً لحياة المواطنين، أعلن مكتب المدعي العام العسكري في بنغازي، قبل أيام، عن قرار يقضي بالسجن المؤبد لمن يستخدم الأسلحة النارية في المناسبات، أو صاحب المناسبة إن لم يعترف، وإحالة من يتستر عليه إلى المحاكمة.
ويصف مكتب المدعي العسكري هذه الظاهرة بـ "الفعل الإرهابي"، مؤكداً أن الفرق التابعة له ستعمل على ملاحقة مرتكبيها ومنعهم من الإفلات من العدالة ومعاقبتهم. لكن لم تمر ساعات على قرار المدعي العسكري، حتى أعلن مستشفى الجلاء في المدينة عن وفاة طفلة لا يتجاوز عمرها السنوات العشر متأثرة بإصابتها برصاصة عشوائية في منطقة السلماني في المدينة. وبحسب المكتب الإعلامي للمستشفى، فقد توفيت الطفلة فاطمة الزهراء عمر، الأربعاء الماضي، بعد يومين على إصابتها بطلق ناري عشوائي.  
وتُعاني بنغازي من جرّاء فوضى انتشار السلاح التي عجزت الحكومات المتعاقبة عن ضبطها، ما أدى إلى سقوط مئات الضحايا في صفوف المدنيين بين قتيل وجريح. وتعمل المجموعات المسلحة المنتشرة في المدينة تحت مسميات عسكرية منحتها إياها قيادة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر التي تسمى "القيادة العامة للجيش".

في هذا السياق، تقول مواطنة من بنغازي تدعى شريفة النويصري، إنّ أصوات الرصاص العشوائي باتت جزءاً من حياتهم، ما اضطرهم إلى التأقلم معها. وتسأل: "ما الحل؟ هل نبقى في البيوت ونترك حياتنا؟ السلطات لا تلقي بالاً ولا يمكنها القبض على هؤلاء المجرمين المعروفين بأسمائهم ومقارهم".
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، توفي أحد جيران النويصري برصاصة عشوائية في منطقة أرض الحراسة وسط مدينة بنغازي. وتشرح في حديث لـ "العربي الجديد": "كان خالد المالكي، وهو أحد شباب الحي الذي حوّل سيارته الخاصة إلى سيارة أجرة، قد خرج من البيت وبدأ عمله، فأصيب بطلق ناري عشوائي استقر في رأسه مباشرة". وتتابع أنه لدى نقل جارها إلى مستشفى الجلاء، كانت إدارة المستشفى قد سجلت أربع وفيات بسبب طلق ناري عشوائي خلال الأسبوع نفسه الذي توفي فيه جارها. وعند فتح محضر للتحقيق لدى مديرية الأمن، اتهم الضابط أهل الحي بأنهم شركاء في مقتل خالد.
وتقول النويصري إن الضابط كان يقصد المناسبات الاجتماعية التي يطلق فيها الكثير من الرصاص العشوائي، الأمر الذي يؤدي إلى إصابة ومقتل مواطنين". وفي وقت تؤيد المسؤولية الملقاة على الأهالي، إلا أنها تشير في الوقت نفسه إلى أن السلاح لا يملكه كل مواطن بل العائلات التي على علاقة بالمليشيات أو لديها مسلحون فيها.

قضايا وناس
التحديثات الحية

ومن أبرز الحوادث المتصلة بظاهرة الرصاص العشوائي في بنغازي، مقتل الفنان الليبي هيثم درباش منتصف الشهر الماضي، من جراء شظايا قذيفة عشوائية سقطت قرب مقر أحد المصارف في المدينة، حيث صودف تواجده. 
وإزاء المتابعة الإعلامية المكثفة لمقتل درباش، تحركت وزارة الداخلية في الحكومة لمتابعة القضية وأعلنت القبض على المتورطين في إطلاق القذيفة. إلا أن الناشطة المدنية والحقوقية من المدينة مروى الفاخري، تسأل: "ما مصيرهم؟ ولماذا لم تعلن الداخلية عن أسمائهم؟". تتابع في حديثها لـ "العربي الجديد" أنها "لا تخفي استياءها من الوضع الأمني في المدينة. هل يمكن للمدعي العسكري القبض على أفراد المليشيات فضلاً عن حبسهم؟ جميع المواطنين في المدينة يدركون أنه قرار لذر الرماد في العيون كغيره من عشرات القرارات السابقة". وتلفت إلى أن "وسائل التواصل الاجتماعي كانت تتابع الأمر وقد أطلقت هاشتاغ #أوقفوا_الرصاص_العشوائي، وقد لاقى إقبالاً كبيراً". تضيف: "الآن هناك تراجع، ما يعكس ملل المواطن من الشكوى والحديث ومعايشته للواقع رغبة منه في مواصلة حياته".

المساهمون