ليبيا: عادات وثقافات إلى تراجع في عيد الأضحى

ليبيا: عادات وثقافات إلى تراجع في عيد الأضحى

27 يونيو 2023
يحرص الليبيون على شراء الأضاحي (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

يشكو غالبية الليبيين من ارتفاع أسعار أضاحي العيد. إلا أن هذا الارتفاع لا يمنعهم من شرائها، وإن كان البعض يناقش في مسألة إلزامية شراء الأضاحي كأحد طقوس عيد الأضحى من عدمه.

يتوافد باعة الأضاحي إلى أحياء مختلف المناطق، لا سيما تلك القريبة من العاصمة طرابلس، قبل أيام من حلول العيد. يقول أحد باعة الأضاحي في تاجوراء، شرق طرابلس، عثمان حبيش، إن إقبال المواطنين على شراء الأضاحي "لا بأس به، لكن ليس في المستوى المطلوب بالنسبة إلينا"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه "جيد في مثل هذه الأوقات".
ويؤكد حبيش، في حديثه لـ"العربي الجديد"، ارتفاع أسعار الأضاحي، لافتا إلى أن تراجع الإقبال على الشراء "قد يكون مرتبطا بانتظار كثيرين الأغنام التي توفرها الحكومة في كل عام وتكون أسعارها مناسبة"، الأمر الذي يؤكده المواطن رجب فيتور، الذي كان يتجول بين الباعة مستفسرا عن الأسعار. ويوضح في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الأسعار تعادل راتب شهر لموظف عادي. وحتى الموظفون من أصحاب الدخل المتوسط لن يكون من السهل عليهم شراؤها. لكن الأضحية أمر ضروري وسأضطر إلى شرائها بأي ثمن". 
من جهته، لا يرى عبد الباسط فليليح أن عدم الإقبال على شراء الأضاحي مرتبط بالأسعار بقدر ما هو مرتبط بعادة جديدة، وهي "أن التأخر في شراء الأضحية تحول إلى ثقافة جديدة. الناس لا تريد تحمّل عبء رعاية الأضحية لأيام عدة، ويعمد كثيرون إلى شراء الأضاحي قبل يوم من حلول العيد". يتابع فليليح، خلال حديثه لـ"العربي الجديد": "شراء الأضحية قبل العيد كانت إحدى مظاهر الفرح، بالإضافة إلى التباهي بحجم الأضحية وسعرها بين الجيران. أما اليوم، فمثل هذه المظاهر اختفت، وأصبح الناس يمارسون أعمالهم بشكل طبيعي حتى نهاية يوم وقفة عرفة، ثم يشترون الأضاحي ويستعدون ليوم العيد". 
يضيف فليليح: "كنا نعطل أعمالنا الخاصة قبل العيد بأسبوع، ويتوجه البعض إلى قراه. وكان لهذه الأيام بهجتها. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال يوم العيد مهماً ويحرص الناس على الالتزام بطقوسه، بدءا بصلاة العيد في مسجد الحي، ثم الاجتماع على ذبح الأضحية وبعده جلسة الشواء بصحبة جميع أفراد الأسرة والأبناء". ويوضح أن "من عادات بعض الأسر ذبح الأضاحي، وتأجيل جلسات الشواء إلى ثاني أيام العيد. وباعتقادي، القصد هو تمديد أيام الفرح حتى يتمكن جميع أفراد العائلة من المشاركة، خصوصا أولئك الذين يأتون ثاني أيام العيد لتبادل التهاني". ويشير إلى أن تلك الجلسات تساهم في تعزيز صلات القربى بين الكبار والصغار". 
أما ابتهاج العواسي التي كانت تتنقل بين باعة الأضاحي لمعرفة أسعار الأضاحي في حي طريق الشوك في طرابلس، فتشير إلى مظاهر الفرحة بالعيد. وتقول لـ"العربي الجديد" إن "ارتفاع سعر الأضاحي قد يمنع بعض الأسر الفقيرة أو ذات الدخل المحدود من شرائها". من جهة أخرى، تشير إلى أن "بعض الشباب الذين تزوجوا حديثا يستعينون بجزارين لذبح الأضحية، وهناك من يكتفي بشراء اللحوم فقط لشويها من دون أن يكون لهم أضحية".

إلى ذلك، يشير فليليح إلى ظاهرة أخرى تتعلق بسفر بعض الشباب برفقة أطفالهم لقضاء يوم العيد في أحد المصايف، إلا أن ذلك لا يلغي الالتزام بتقاليد العيد. يضيف: "سابقا، كنا نكتفي بفرحة الأضحية من دون شراء ملابس العيد التي نشتريها عادة في عيد الفطر. وفي الوقت الحالي، هناك من يشتري ملابس العيد بالإضافة إلى الأضاحي".  
وتشير كثرة العروض التي تقدمها المصايف والاستراحات خلال أيام العيد على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى إقبال الشباب على قضاء أيام العيد فيها.
وتختلف عادات تناول الطعام خلال العيد بين منطقة وأخرى. ففي وقت تعد المثرودة (تعتمد بصورة أساسية على الخبز المفتت مع إضافة الحليب والسمن، ويضاف إليها اللحم أحيانا) الوجبة المفضلة في شرق البلاد، يفضل أهل الجبل الغربي تناول خبز العيد المعروف باسم غروم يمضرز. أما في غرب البلاد، فيقبل الناس على تناول السفنز (نوع من المعجنات الطرية المقلية). وفي الجنوب، لا يزال الأهالي يفضلون تناول وجبة الفتات (رقائق الخبز أو فطيرة منقوعة بالمرق واللحم والحمص) الشهيرة.
وتنشط الجمعيات الخيرية خلال الأيام العشرة الأواخر قبل يوم العيد في توفير الأضاحي للأسر الفقيرة. ويقول عضو جمعية التيسير الأهلية حسن بركان، لـ"العربي الجديد"، إن 12 جمعية خيرية أطلقت جنوبا ائتلافا لحشد جهودها من أجل حصر الأسر المحتاجة وتوزيع الأضاحي التي تجمع ثمنها من التبرعات، عليها.

المساهمون