قلوب الطلاب الفلسطينيين في الجزائر معلّقة بغزة

قلوب الطلاب الفلسطينيين في الجزائر معلّقة بغزة

28 نوفمبر 2023
تفاعل الطلاب الفلسطينيون في الجزائر مع غزة (العربي الجديد)
+ الخط -

يتفاعل الطلاب الفلسطينيون الذين يدرسون في الجزائر في شكل كبير مع أحداث الحرب الحالية على غزة، وتطوراتها التي يتابعونها لحظة بلحظة عبر وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال مخاطبة الأهل والأقارب مباشرة في غزة وباقي مناطق فلسطين المحتلة.
ورغم المسافة البعيدة تعتصر قلوب الطلاب الفلسطينيين في الجزائر بالحزن مما يحدث في قطاع غزة من همجية وقصف وإبادة جماعية يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي. وبعد فرحتهم بالعملية العسكرية للمقاومة الفلسطينية وكتائب القسام في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يتابع الطلاب التطورات الميدانية وتفاصيل الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين.

في جامعة محافظة تيبازة غربي الجزائر يدرس الطالب الفلسطيني علي منصور تخصص الكيمياء منذ سنتين. وهو وجد نفسه مع اندلاع الحرب أكثر تركيزاً على ما يحدث في غزة بدلاً من التركيز على الدروس في تخصص صعب يتطلب بذل جهود فكرية كبيرة. ويقول لـ"لعربي الجديد": "تقطن عائلتي في قطاع غزة. ومنذ أن بدأ الاحتلال في قصف القطاع أتواصل يومياً مع أهلي وأقاربي وبعض الأصدقاء لمعرفة أوضاعهم، وقد فقدت حتى الآن ثلاثة من أفراد من عائلتي هم عمي وابنه وزوج أختي، فيما أصيب والدي بشظايا، أما أخي الصغير فأصيب بصدمة نفسية نتيجة القصف".
يضيف: "لم أتمكن من حضور الدروس لأيام بسبب حالتي النفسية الصعبة، إذ كنت أعلم بفقدان صديق أو أحد معارفي في كل اتصال أجريه مع أهلي، ما أصابني بإحباط شديد. ومن حسن حظي أن الأساتذة تفهموا وضعي الذي بلغ حدّ التفكير في توقيف دراستي لأنني بت لا أستطيع التركيز، ولولا وقوف بعض الزملاء في القسم ومقر الإقامة الجامعية معي لما تخطيت هذه المرحلة، إذ ليس سهلاً أن أخسر أشخاصا من عائلتي، وأرى الهمجية والإبادة بأم العين في وسائل الإعلام، مع الاكتفاء بالتفاعل معها من بعيد من دون أن أستطيع فعل أي شيء".
واذا كان علي محظوظاً في إيجاد وسيلة للتواصل مع أهله في قطاع غزة، يعاني طلاب فلسطينيون آخرون من هذا الأمر بسبب تدمير أجهزة اتصال الهواتف الخلوية خلال القصف، لاسيما عندما عطّل الاحتلال كامل الاتصالات في القطاع، ما يبقي شعورهم بالقلق والترقب، ويبحثون بعد أن تبث القنوات مشاهد للمناطق المقصوفة عن تفاصيل القصف، وإذا كان استهدف نقاطا قريبة من تجمعات سكنية يقطن فيها أهلهم وأقاربهم، ثم يحاولون الاتصال بمعارفهم في مناطق مختلفة لمحاولة الاطمئنان على حال عائلاتهم.

الصورة
ألم كبير ناتج عن الحرب على غزة (الأناضول)
ألم كبير ناتج عن الحرب على غزة (العربي الجديد)

ويعيش يوسف الكيلاني المتحدر من قطاع غزة، والذي يدرس الماجستير في إدارة الأعمال بجامعة تيبازة لحظات صعبة منذ بدء الحرب على القطاع بعدما انقطعت الاتصالات لأيام مع أهله، واكتفى بمتابعة المستجدات عبر وسائل الإعلام فقط، وتحدث مع بعض معارفه وأقارب عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمحاولة الاطمئنان على أهله.
يقول يوسف لـ"العربي الجديد": "من الصعب أن أكون بعيداً عن أهلي، وأحاول الاتصال بهم من دون أن أستطيع ذلك، وأنا أموت عدة مرات يومياً حين أرى آثار القصف، وأعيش المشاهد كأنني واقف أمام المباني المهدمة. أما الجريمة الكبرى التي نفذها الاحتلال بعد قصف المستشفى المعمداني فتسببت لي بصدمة نفسية. وقد فقدت أربعة من أفراد عائلتي، فيما ترك أبي وأمي وأختي المنزل وتوجهوا إلى الحدود مع مصر حيث أنجح بالاتصال بهم أحياناً في الوقت الحالي".
ولأن الحدث جلل والمصاب عظيم، لم يتوانَ الطلاب الجزائريون في المعاهد وأماكن الإقامات الجامعية وباحات الجامعات عن تقديم الدعم النفسي للفلسطينيين، سواء عبر مشاعر الافتخار بما حققته المقاومة، أو التعزية بفقدان الشهداء والضحايا المدنيين جراء همجية الاحتلال. 

ولا تفارق الكوفية الفلسطينية الطلاب الجزائريين. ويصف الطالب الفلسطيني في جامعة "العفرون" بمحافظة البليدة، معاذ العز، وقفات الجزائريين بأنها "لا تنسى أبداً، وتثبت أنهم فلسطينيون أكثر منا. صحيح أنني أتأثر بما يحصل في غزة، لكن الدعم الذي وجدته من الجزائريين ينسي كل ضرر".
ويساهم الطلاب الفلسطينيون في كل الفعاليات التي تنظم في الجزائر داخل الجامعات أو في الشارع. وهم شاركوا بقوة في المسيرات الكبيرة التي شهدتها مختلف المحافظات الجزائرية، وعبّرت صرخاتهم المدوية بقوة عن معاناة الشعب الفلسطيني من الاضطهاد وحرقة البعد عن الديار، وأمنية الاستشهاد مع إخوانهم في تلك البقعة الشريفة، أو الحصول على التأهيل المعرفي المثالي ليشكلوا الركائز المستقبلية لدولة فلسطين.

المساهمون