قلق بشأن صحة التونسيين: هجرة أطباء سنوية تفوق عدد الخريجين

قلق بشأن صحة التونسيين: هجرة أطباء سنوية تفوق عدد خريجي كليات الطب

26 مارس 2024
طبيب تونسي (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تواجه تونس تحدياً كبيراً في قطاعها الصحي بسبب هجرة غير مسبوقة للأطباء، حيث غادر 1500 طبيب البلاد في عام 2023، وهو عدد يفوق خريجي كليات الطب، مما يزيد القلق حول مستقبل الرعاية الصحية.
- دراسة صادرة عن وزارة الصحة التونسية تتوقع تحديات كبيرة بسبب تقاعد عدد كبير من الأطباء ونقص حاد في أطباء الاختصاص، مع هجرة حوالي 80% من الخريجين الجدد للعمل بالخارج.
- بعض الخبراء يرون في هجرة الأطباء جوانب إيجابية مثل اكتساب مهارات جديدة وتعزيز الطب التونسي دولياً، مع التأكيد على أهمية دعم طب الأسرة وتحسين ظروف العمل لتشجيع الأطباء على البقاء.

تثير هجرة أطباء تونس غير المسبوقة القلق، خاصة مع ارتفاع عدد المهاجرين من الأطباء سنويا بما يفوق عدد الخريجين من كليات الطب الأربع، مما يضاعف قلق التونسيين بشان مستقبلهم الصحي.

وأعلن مجلس عمادة الأطباء، قبل أسابيع، أن 1500 طبيب غادروا البلاد عام 2023 للعمل في دول أوروبية وعربية، بينما يتخرّج سنويا من كليات الطب 1000 طبيب.

وتتزامن طفرة الهجرة المكثفة للأطباء التي بدأت منذ عام 2011 مع مؤشرات أيضا بتهرّم العاملين في القطاع الصحي ممن يشرفون حاليا على علاج التونسيين.

التقاعد يقلص عدد أطباء تونس 

وتكشف دراسة حول ديمغرافيا الطب في تونس صدرت عام 2019 عن وزارة الصحة أن القطاع سيتأثر خلال السنوات العشر القادمة بموجات الإحالة على التقاعد في صفوف الأطباء في القطاع الحكومي، مشيرة إلى أن 1356 طبيبا موزعين بين 776 طبيبا عامًا و580 متخصصًا سيحالون على التقاعد في غضون عام 2030.

ونبّهت الدراسة إلى خطورة النقص الكبير في المهنيين الصحيين إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء في الوقت المناسب، مضيفة أن "هذه التحديات ستؤثر خلال هذا العقد على تنفيذ السياسة الصحية الوطنية الجديدة 2020-2030".

وتقدر عمادة الأطباء عدد الأطباء الشبان الذين غادروا البلاد في السنوات الأخيرة للعمل في دول أجنبية بنحو 80 بالمائة من الخريجين، وتتصدر ألمانيا وفرنسا ودول الخليج وكندا القائمة كنقطة جاذبة، وفق إحصائيات حديثة لوكالة التعاون الفني في تونس.

البلاد ستسجّل نقصا في أطباء الاختصاص في غضون السنوات العشر القادمة

وقال عضو هيئة الأطباء، زياد العذاري، إن "البلاد ستسجّل نقصا في أطباء الاختصاص في غضون السنوات العشر القادمة نتيجة الهجرة المكثفة للأطباء الشبان، وبدرجة أقل من هم أكبر سنا".

وأكد العذاري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "قطاع الصحة في تونس استفاد على مدى أكثر من ثلاثة عقود من الإشباع الصحي في مختلف الاختصاصات، نتج عنه تحسن كبير في مؤشرات الصحة ومكافحة الأمراض، إلى جانب تحوّل القطاع الصحي إلى قاطرة استثمار"، غير أنه لم يخف خشيته من "تراجع هذه المؤشرات في السنوات العشر القادمة، وأن يشهد القطاع انتكاسة بسبب نقص مرجّح في الأطباء".

واعتبر العذاري أن "تحديات عديدة تطرح على قطاع الصحة، أحد أهم ركائز الدولة الاجتماعية في تونس، من أبرزها نزيف الكفاءات، بسبب تردي الوضع العام في البلاد وغياب الحوافر المشجعة على تثبيت شباب المهنة في الهياكل الصحية الحكومية".

وأضاف: "يجب أن تأخذ المهنة بعين الاعتبار التغيرات المتسارعة التي يشهدها القطاع الصحي"، مشيرا، في سياق متصل، إلى أن "ظروف العمل الصعبة التي يواجهها الأطباء الشبان خلال مراحل التدريب في المستشفيات الحكومية تدفعهم إلى الهجرة بحثا عن أفق أحسن".

وتكشف بيانات وردت في دراسة لمنظمة "بوصلة" حول القطاع الصحي أن عدد الأطباء لكل 1000 شخص في تونس يقدر بـ1,3 طبيب في القطاع العام.

في الوقت ذاته، ارتفع عدد ممتهني الطب العام من 3414 في عام 2017 إلى 4225 في عام 2019، في المقابل شهد عدد الأطباء الاخصائيين انخفاضا حادا خلال ذات الفترة من 3339 إلى 2318 طبيبا، أي بمعدل 0,19 طبيب لكل 1000 ساكن.

ويرى رئيس الجمعية التونسية لطب العائلة محمد الطاهر المرابط أن "نسبة التغطية الصحية لكل 1000 تظل جيدة وفق المؤشرات الدولية"، معتبرا أن "الخوف من تأثير هجرة الأطباء على صحة التونسيين مبالغ فيه".

وقال المرابط، في تصريح لـ"العربي الجديد": "لا يجب أن ينظر لهجرة الأطباء من جانب سلبي، حيث يمكّن انتقال الكوادر الصحيين للعمل في أوروبا من تحصيلهم لمهارات جديدة في اختصاصات متعددة ويزيد إشعاع الطب التونسي".

وأفاد المتحدث بأن "الطب العام أو طب الأسرة قادر على تلبية 70 بالمائة من الحاجيات الصحية للمواطنين"، مشددا على "أهمية دعم هذا الفرع من أجل الحفاظ على مؤشرات صحية مرتفعة". وتابع: "هناك قلق مبالغ فيه من تأثير هجرة الأطباء على الصحة"، مشيرا إلى أن "من أبرز أسباب هجرة الكوادر الطبية هو إجبارهم على العمل في المحافظات الداخلية التي لا تتوفر فيها مقومات عيش جيّدة".

المساهمون