قروض الطلاب... خطة بايدن للإعفاء من ديون التعليم

قروض الطلاب... خطة بايدن للإعفاء من ديون التعليم

28 اغسطس 2022
ملايين الأميركيين سيستفيديون من إسقاط ديون التعليم (كريغ هدسون/ Getty)
+ الخط -

كشف الرئيس الأميركي جو بايدن عن خطة لإلغاء 10 آلاف دولار من ديون قروض التعليم التي حصل عليها الطلاب من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط، فضلاً عن إسقاط رقم مماثل من ديون منحة "بيل غرانت".

وتضاعفت منذ عام 1980، التكلفة الإجمالية للدراسة الجامعية في الولايات المتحدة الأميركية ثلاث مرات تقريباً، ما ترك العديد من الطلاب الذين ينتمون إلى الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط من دون خيارات سوى الاقتراض لمواصلة السعي للحصول على شهادة جامعية.
ويشير تقرير تحليلي لإدارة التعليم العالي الأميركي، إلى أن "الشخص يتوجب عليه بعد التخرج تسديد ما لايقل عن 25 ألف دولار، وهو رقم ضخم بالنسبة للطبقات المتوسطة والفقيرة".
وقال بيان صادر عن البيت الأبيض، إن الرئيس بايدن، يرى أن "تحميل الطلاب أعباء فواتير التعليم العالي ينعكس سلباً على مستقبلهم، خاصة أن سداد ديون إتمام الدراسة الجامعية بات يطارد آلاف الأشخاص طوال حياتهم".
وبينما جاءت الخطة جزءاً من مساعي الإدارة الأميركية لتخفيف الأعباء المالية عن ملايين الأشخاص في ظل التضخم القائم، يرى معارضون ومنتقدون أن الإعلان عنها قبيل انتخابات منتصف الولاية التي تستعد الولايات المتحدة الأميركية لإجرائها في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، هو أمر مقصود.
وبموجب خطة بايدن الجديدة، فإن الأشخاص الذين حصلوا على قروض من وزارة التعليم، والذين لا تتجاوز قيمة دخلهم السنوي 125 ألف دولار، هم الفئة المستفيدة للحصول على إعفاء يصل إلى 20 ألف دولار من قروض الطلاب إذا حصلوا على منح "بيل غرانت" التي تُمنح للطلاب من عائلات منخفضة ومتوسطة الدخل، أما الأفراد الذين لم يحصلوا على تلك المنحة، ودخلهم السنوي أقل من 25 ألف دولار، فهم مؤهلون للإعفاء من 10 آلاف دولار من القرض التعليمي.
وتظهر بيانات نشرها موقع "فلوينغ داتا" الأميركي المتخصص بالبيانات، أنه في عام 2020، كان نحو 90 في المائة من الأميركيين يتقاضون أقل من 125000 دولار سنوياً، واعتبرت وكالة "أسوشيتد برس" أن ما يقارب من 43 مليون أميركي سيستفيدون من قرار الرئيس جو بايدن، كما يمكن أن يستفيد نحو 20 مليوناً آخرين من شطب ديونهم بالكامل.
من جانبها، تقدر وزارة التربية والتعليم، أن نحو 60 في المائة من المقترضين هم من بين المستفيدين من منح "غرانت بيل" الفيدرالية، والتي تخصص للطلاب الجامعيين ذوي الاحتياجات المالية، وأن غالبية هؤلاء قد يستفيدون من الخطة الجديدة لإسقاط أو تخفيض الديون.
ويعد برنامج "غرانت بيل" أحد أبرز برامج المساعدة المالية فعالية في الولايات المتحدة، لكن حسب البيت الأبيض، فإن قيمته بدأت تتأكل مع مرور الوقت.

ملايين الأميركيين قد يستفيدون من خطة بايدن لإلغاء ديون التعليم

تقدر وزارة التعليم أن ما يقرب من 27 مليون مقترض سيكونون مؤهلين لخطة إعفاء ما يصل إلى 20 ألف دولار من ديونهم، مما يساعدهم على تلبية حاجاتهم المعيشية الأساسية، وتجنب الأضرار الناجمة عن جائحة كورونا وأزمة التضخم، كما تقدر الوزارة أن 21 في المائة من المقترضين المؤهلين للحصول على الإعفاءات المالية، هم من الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة، وأن نحو 44 في المائة من المقترضين تتراوح أعمارهم حالياً بين 26 و39 سنة، في حين أن أكثر من ثلث المقترضين تجاوزت أعمارهم 40  سنة، وما زالوا يعانون لسداد تلك الديون المتراكمة، ومن بين هؤلاء 5 في المائة ينتمون إلى فئة كبار السن.
وتعتبر الخطة بشكلها الحالي مناسبة لجميع الفئات العمرية، إلا أن نطاق توزيعها قد يكون أهم بالنسبة إلى أصحاب البشرة السوداء، بحسب البيت الأبيض، ولذا ترى الإدارة الأميركية أن الخطة تسعى إلى زيادة المساواة، ليس فقط من خلال استهداف المقترضين من ذوي الأوضاع المعيشية المتردية، ولكن أيضاً عبر تضييق الفجوة العرقية. 
ومن المرجح أن يكون الطلاب من ذوي البشرة السوداء أكثر استفادة من الخطة، كونهم الفئة الأكبر التي تقترض لاستكمال التعليم، سواء التعليم قبل الجامعي، أو إتمام الدراسة الجامعية، ووجدت دراسة أجراها معهد "أوربن" الأميركي، أن برنامج الإعفاء من الديون الذي يستهدف أولئك الذين حصلوا على المنح أثناء دراستهم الجامعية سيعزز المساواة العرقية.

إلغاء ديون التعليم تدعم مساعي أميركية للمساواة بين العرقيات

تشير العديد من الإحصائيات إلى أن المقترضين من السود تلقوا عدداً أكبر من منح "غرانت بيل" مقارنة مع أقرانهم البيض.
بموجب خطة الرئيس بايدن، سيتم الإعفاء من القرض الجزئي على المقترضين الذين يجنون أقل من 125 ألف دولار في السنة، أو العائلات التي يقل دخلها عن 250 ألف دولار سنوياً.
وتعد ديون القروض الطلابية الفيدرالية المتراكمة مشكلة يعاني منها الطلاب والخريجون، وتقدر قيمتها بنحو 1.6 تريليون دولار، وتشمل ما لا يقل عن 45 مليون مقترض، وغالبيتهم من أفراد الطبقة الوسطى، وهم يضطرون إلى دفع أقساط شهرية عالية تجعل من الصعب عليهم شراء المنازل، أو إدخار الأموال لفترة التقاعد، أو البدء بأعمال تجارية صغيرة أو متوسطة.
وآثار الديون أكثر قسوة بالنسبة للمقترضين الأكثر ضعفاً، فما يقارب ثلث المقترضين، حسب البيت الأبيض، لديهم ديون رغم أنهم لم يكملوا تعليمهم، أو لم يحصلوا على الشهادة.
ووفقًا لتحليل أجرته وزارة التعليم حول مجموعة حديثة من الطلاب الجامعيين، لم يتمكن العديد من هؤلاء الطلاب من استكمال دراستهم لأن تكلفة الحضور كانت مرتفعة للغاية، وحوالي 16 في المائة من المقترضين في حالة تخلف عن السداد، بما في ذلك نحو الثلث من كبار السن الذين لديهم ديون طلابية.

وتشير تقديرات الحكومة إلى أن قرار الرئيس بايدن، وعلى الرغم من أهميته الاجتماعية، فإنه سيكبد الحكومة الفيدرالية مبالغ مالية كبيرة، وحسب بيانات رسمية أوردتها شبكة "سي أن أن" الأميركية، فإن إلغاء 10 آلاف دولار من ديون كل مقترض دخله أقل من 125 ألف دولار في السنة، قد يكلف الحكومة ما يقارب 300 مليار دولار، وهو رقم قد يكون له تأثير على الأوضاع الداخلية بسبب زيادة التضخم.
ورغم أهمية هذه الخطة بالنسبة لقطاع واسع من الأميركيين، فإن ذلك لم يمنع إثارة الجدل حولها.
ونقلت شبكة "سي أن أن"، أن الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، الذي يرأسه بايدن، يطالب بمزيد من الإعفاءات المشابهة، وعلقت عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ماساتشوستس، السناتور الديمقراطية إليزابيث وارن، على الخطة قائلة إنها ستدفع الرئيس بايدن نحو مزيد من الإعفاءات، وصولاً إلى مبالغ تتجاوز 50 ألف دولار للشخص، في حين وجد الجناح المحافظ في الحزب، أن قرار بايدن يعاقب الأميركيين الذين تجنبوا الدخول في الديون الجامعية، وفي المقابل، اعتبر الجمهوريون أن "هذه الخطوة تعد ظلماً كبيراً بحق الذين سددوا ديونهم الجامعية بالفعل".

الصورة
التعليم الجامعي الأميركي باهظ التكلفة (ديفيد بوتو/Getty)
التعليم الجامعي الأميركي باهظ التكلفة (ديفيد بوتو/Getty)

لكن الجدل السياسي لم يؤثر على الرأي العام الأميركي، وعبرت سابرينا كارتان (29 سنة)، عن شعورها بالراحة من التخلص من الديون الجامعية الفيدرالية، وقالت الشابة من مدينة نيويورك، لوكالة "أسوشيتد برس"، إنها استخدمت القروض للالتحاق بالجامعة، وإنه من خلال خطة بايدن الجديدة ستكون قادرة على مساعدة والديها لتسديد آلاف الدولارات الإضافية التي اقترضوها من أجل استكمال مصاريفها الجامعية.
وتعد تكلفة التعليم الجامعي في الولايات المتحدة من بين الأغلى عالمياً، وحسب موقع "ثينك إمباكت" المتخصص بالتعليم، فإن متوسط التكلفة الإجمالية للرسوم الدراسية المطلوبة في العام الدراسي 2019-2020، بلغ 21035 دولاراً، ما يعني أنه خلال أربع سنوات، على الطالب الأميركي أن يسدد ما لا يقل عن 84 ألف دولار، وهذا على اعتبار أن الطالب يتلقى تعليمه الجامعي في الولاية ذاتها التي ينحدر منها، أما إذا كان طالباً من ولاية أخرى، فإن الأسعار ترتفع مجدداً، فضلاً عن كون هذه الأرقام ليست نهائية، وعادة ما تخضع للتعديل، كما تتفاوت ما بين كلية وأخرى، ودائماً ما تطلب الكليات العملية أموالاً أعلى من غيرها.
ولا تتضمن خطة بايدن مساعدة الطلاب الذين سيحصلون على قروض جامعية في المستقبل، لكنها تقترح خطة منفصلة من شأنها تقليل الأقساط الشهرية على ديون الطلاب الفيدرالية، وينشأ هذا الاقتراح خطة سداد جديدة تتطلب من المقترضين دفع ما لا يزيد عن 5 في المائة من دخلهم السنوي، مقارنة بـ 10 في المائة في الوقت الحالي.

المساهمون