صلاح رب أسرة بعمر 12 عاما.. حكاية رجولة مبكرة في غزة

صلاح رب أسرة بعمر 12 عاما.. حكاية رجولة مبكرة في غزة

05 فبراير 2024
أزمة جوع وعطش في مخيمات غزة (الأناضول)
+ الخط -

يصارع الطفل عبد الله صلاح، الذي يقيم في مركز للإيواء بمخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمالي قطاع غزة، متاعب الحياة التي تجلت ملامحها الأخيرة بـ"الجوع والعطش وانعدام النظافة".

ففي الوقت الذي من المفترض أن يعيش فيه الطفل صلاح (12 عاما) طفولته بكافة تفاصيلها ويحصل على حقوقه كاملة، يجد نفسه مرغما على المكافحة من أجل البحث عن طعام لأسرته.

الصورة
مخيمات النازحين تفقر لمقومات الحياة في غزة (الأناضول)
مخيمات النازحين تفتقر لمقومات الحياة في غزة (الأناضول)

أمام مركز الإيواء، يجلس صلاح برفقة مجموعة من أصدقائه يطهو حساء "العدس"، داخل قدر متوسط الحجم لا يكفي بالعادة لعشرة أشخاص، لكنه سيوزعه على 20 فردا من عائلته.

ومنذ أكثر من ساعتين، بدأ صلاح بطهي هذا الحساء الذي لم ينضج بعد بسبب ضعف النيران المستخدمة، والتي أشعلها باستخدام الأوراق.

الدخان وصحة أطفال غزة

وتعد الأوراق أسرع اشتعالا من الحطب كما أنها تحترق بسرعة كبيرة، ما يضطره لوضع كميات كبيرة من الأوراق بشكل متتال من أجل ضمان استمرارية اشتعالها. بينما يصيب الدخان المنبعث عن احتراق هذه الأوراق الأطفال المتجمعين حولها باختناق وسعال متكرر.

 يقول صلاح، إنه يستيقظ في ساعات الصباح الباكر ينظف خيمة النزوح الخاصة بهم، ليشرع مباشرة بالبحث عن الطعام وطهيه، موضحا أن هذا الحساء سيتناوله أفراد الأسرة بدون أي إضافات، في ظل انعدام توفر الدقيق اللازم لصناعة الخبز.

الصورة
يقاسي النازحون في غزة حياة قاسية داخل خيام مهترئة (الأناضول)
يكابد النازحون في غزة حياة قاسية داخل خيام مهترئة (الأناضول)

وبالكاد يساهم هذا الحساء القليل بسد رمق العشرين فردا من عائلته، في ظل عدم توفر أي نوع آخر من الطعام، كما قال.

انعدام مقومات الحياة في غزة

يستخدم الطفل صلاح الأوراق لإشعال النيران، في ظل عدم توفر الحطب وندرته وارتفاع أسعاره، فضلا عن ندرة توفر الوقود وغاز الطهي، قائلا: "لا يوجد حطب ولا أخشاب ولا غاز ولا طعام ولا دقيق، لا يوجد شيء هنا"، مشيرا إلى أن سكان الشمال يصبّرون أنفسهم بأقل القليل من أجل البقاء على قيد الحياة.

وفيما يتعلق بمياه الشرب، يقول صلاح إنها بالعادة غير متوفرة حيث يضطر هو وأفراد عائلته من الأطفال لقطع مسافات طويلة من أجل الحصول على المياه، مضيفا: "نحمل الغالونات المعبأة بالمياه لمسافات كبيرة وصولا إلى هذه الخيمة في مركز اللجوء".

كما أن انعدام سبل ومستلزمات النظافة، من الأمور التي فاقمت مصاعب الحياة التي يعيشها الطفل صلاح وعائلته وضاعفت معاناتهم،  قائلا: "مياه الصرف الصحي (المجاري) تتسرب إلى مراكز الإيواء، للشوارع، ما يزيد الأوضاع سوءا". 

الصورة
معاناة الحصول على الماء في غزة (الأناضول)
معاناة الحصول على الماء في غزة (الأناضول)

إلى جانب ذلك، فإن الخيمة –في فترة المنخفضات الجوية- معرضة للغرق بمياه الأمطار، فيما تتسرب إليها مياه الأمطار المختلطة مع مياه الصرف الصحي، كما قال، مشيرا إلى أن انعدام مستويات النظافة داخل مكان النزوح يتسبب بأمراض صحية للمتواجدين خاصة الأطفال من المواليد والكبار بالسن.

ومنذ اندلاع الحرب المدمرة على القطاع في 7 أكتوبر الماضي، قطعت إسرائيل إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان غزة.

ولأكثر من مرة، حذرت مؤسسات أممية ودولية من انتشار الأمراض والأوبئة جراء أزمة المياه في القطاع، وانعدام مستلزمات ومستويات النظافة.

الأمل في هدنة لدخول المساعدات إلى غزة

يعتقد الطفل الفلسطيني أن الملاذ الوحيد من هذه المجاعة والأوضاع الصحية المتردية التي يعيشونها في غزة والشمال، هو التوصل إلى هدنة ووقف إطلاق النار، قائلا: "نريد هدنة توفر لنا عودة كريمة إلى منازلها، وتوفر لنا دخول المساعدات، والطعام والشراب والمياه ومقومات الحياة".

ووصف حياته في مركز النزوح هذا بـ"المتعبة"، لافتا إلى أنهم نزحوا من مكان سكنهم منذ 7 أكتوبر الماضي.

 ويعاني سكان محافظتي غزة والشمال من مجاعة جراء نفاد الأغذية الأساسية، بعد 4 شهور من الحرب والحصار الإسرائيلي المشدد، حيث لجأ سكان غزة والشمال، مؤخرا، لاستخدام أعلاف الحيوانات بديلا عن الدقيق لصناعة الخبز وسد رمقهم.

وحسب وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، فإن نحو 600 ألف مواطن شمال غزة يتعرضون للموت نتيجة المجاعة وانتشار الأمراض والقصف الإسرائيلي، فيما حذرت الأمم المتحدة، في بيان سابق، من أن 2.3 مليون شخص في قطاع غزة معرّضون لخطر المجاعة.

ومنتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن جميع سكان القطاع يعانون من "انعدام الأمن الغذائي"، بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ويشن جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر الماضي، حربا مدمرة على غزة خلفت حتى الأحد 27 ألفا و365 شهيدا و66 ألفا و630 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.

(الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون