صحة الدماغ فراغ من إنذارات العمل

05 يناير 2022
خبراء يطالبون بمراعاة صحة الدماغ خلال الراحة (بريتاني موراي/ Getty)
+ الخط -

ينشغل باحثون دنماركيون في درس إبعاد التأثيرات السلبية لإجهاد عقل الإنسان في العمل، ويطالبون بمراعاة صحة الدماغ خلال فترات الراحة، وعدم تأدية العامل وظائف في فترة الإجازات. وهم لا يترددون في التوصية بتشريع قوانين تغرّم أرباب العمل الذين يتصلون بموظفيهم ويرسلون بريداً إلكترونياً لهم خارج وقت الدوام الرسمي. 
ورغم أنّ الدماغ يحتاج إلى راحة، فإنّ كثراً اعتادوا على استبعادها خلال فترة الإجازة، ما جعل الباحثون يهتمون بدرس الآثار التي تتركها مواصلة إنجاز الأعمال والمهمات وتلقي البريد الإلكتروني من المدراء خلال العطل. 

يتحدث الباحث في الدماغ البشري والأستاذ المساعد في كلية كوبنهاغن للأعمال، جون سغورد فيغنر، عن قدرة الناس على تحديد الفرق بين دماغ مُجهد وغير مجهد، ويقول: "يؤدي استمرار أداء الوظائف أثناء الإجازة أو بعد دوام العمل إلى إرهاق كامل في نهاية المطاف، لكن بعض الأشخاص يتعايشون مع العمل أثناء فترات الاستراحة والإجازات، وقد لا  يصابون بإجهاد، خصوصاً إذا كانوا يجدون متعة في فعل ذلك، ويحبون تأدية عملهم خارج ساعات الدوام". 
ويتابع: "لا تعني الاستثناءات عدم حاجة الشخص لإجازة تريح دماغه، فالبقاء في حال إنذار مستمر أمر سيئ للصحة العقلية والنفسية". 

ويوضح فيغنر أنّ "تواصل ضغط العمل سيتطور في نهاية المطاف إلى حالة إجهاد مزمن تعطل العطاء لدى أصحابه حتى إذا كانوا يحبون وظائفهم، ويرغبون في الاستمرار فيها. ومن الأشياء التي تساعد في تقليل التوتر، ترك الشخص جهاز الكومبيوتر والهاتف في المكتب أثناء العطل للحصول على توتر أقل". 

ترك الهاتف وجهاز الكومبيوتر في المكتب أحد حلول الراحة (سقيب مجيد/ Getty)
ترك الهاتف وجهاز الكومبيوتر في المكتب أحد حلول الراحة (سقيب مجيد/ Getty)

ويشير فينغر في بحث أجراه عن علاقة العمل خارج الدوام مع بقاء الدماغ متيقظاً طوال الوقت، إلى أنّ "تقليل التوتر يخفّض أيضاً التوتر في المنزل، لأنه يمنح الشخص القدرة على السيطرة على يقظته الذهنية". 
وفي سياق بحث تأثير الإجهاد الوظيفي على الدماغ، تبين أن الشخص لا يدرك مدى التوتر الذي يعيشه، لأنه يقول لنفسه إن "الوضع على ما يرام عبر إنجاز الأعمال وصولاً إلى نقطة الانهيار التي تحتم طلبه مساعدة، رغم أن الأفضل اكتشاف إشارات الخطر مبكراً". 

التأهب المرهق
إلى ذلك يكشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "ميغافون" لحساب القناة الثانية في التلفزيون الدنماركي عن العمل خارج ساعات الدوام، أن 63 في المائة من الذي شملهم الاستطلاع يتحققون مرات من بريدهم الإلكتروني أثناء أوقات فراغهم، رغم أن 67 في المائة منهم يعترفون بأنه يستبعد أن يتلقوا رسائل من أماكن عملهم. 
وأظهر الاستطلاع أيضاً أنّ 49 في المائة من الدنماركيين يرون أنّه يجب إدخال تعديل قانوني يمنع الشركات من إرسال رسائل بريد إلكتروني للموظفين خارج ساعات العمل، وهو ما تبنته البرتغال عبر قانون يفرض غرامات مالية على الشركات التي تخالف توجيهات جعل دماغ الموظف يرتاح من إرهاق العمل. 
وبالنسبة إلى الأشخاص الذين يروق لهم العمل في فترات عطلهم وإجازاتهم السنوية، أوصى باحثون بتحديدهم فترة زمنية معينة فقط لأدائهم المهمات للمساعدة في إحداث فرق بين العمل والترفيه، علماً أن فيغنر يرى أنّ حال التأهب الدائمة ستؤدي إلى انزعاج من تلقي إشعارات أثناء فترة ما بعد الدوام الرسمي، وبينها تلك عبر وسائل التواصل التي تملك التأثير ذاته على التأهب المرهق للدماغ". 

توصيات
وبالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يشعرون بمتعة العمل خارج أوقات الدوام أو في الإجازات، يوصي خبراء الصحة العقلية والنفسية بخطوات أولها ترك الهاتف وجهاز الكومبيوتر المتعلقين بالوظيفة في المكتب، ما يمنع تحقق الشخص من بريده الإلكتروني أو رده على مكالمات تتعلق بالعمل، ويشكل طريقة فعّالة لفعل أشياء أخرى غير مهمات العمل. 
وتتمثل الخطوة الثانية في تخصيص مزيد من أوقات الراحة أثناء العمل لإنجاز المهمات المطلوبة، ما يساعد في تنظيم عمل الدماغ ويحفزه على استئناف المهمات بنشاط. ويرى باحثون أن تخصيص أوقات لأشياء غير العمل خلال اليوم يقلل التوتر، ويحسّن رفاهية الفرد وأدائه. 

وتشمل الخطوة الثالثة أداء بعض الوظائف ببطء، والرابعة استخدام تقنيات حديثة مثل ارتداء سوار يقيس مستوى التوتر، لإدراك الضغوط قبل أن تتطور، وتفلت الأمور عن السيطرة.

المساهمون