صحة أهالي السويداء... مستشفيات متهالكة ونقص في الأدوية والأطباء

صحة أهالي السويداء... مستشفيات متهالكة ونقص في الأدوية والأطباء

26 نوفمبر 2021
يضطر بعض المرضى إلى تلقّي العلاج في مستشفيات دمشق (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

 

أزمة حقيقية يشهدها القطاع الصحي في السويداء في ظل تردي أوضاع المستشفيات ونقص أدوية وخدمات مختلفة، الأمر الذي يزيد من معاناة الأهالي الذين يبحثون باستمرار عن بدائل.

يوماً بعد يوم، ينهار القطاع الصحي في محافظة السويداء (جنوب شرقي دمشق)، في ظلّ تردّي الخدمات الصحية المقدمة في المستشفيات وانقطاع الكثير من الأدوية أو ارتفاع أسعارها. ولا يجد المواطنون بديلاً عن اللجوء إلى الجمعيات الخيرية والمبادرات الأهلية، علّ ذلك يحدّ من آلامهم. ويعتمد سكان المحافظة البالغ عددهم نحو 750 ألف مدني على أربعة مستشفيات، وهي مستشفى زيد الشريطي في مدينة السويداء المعروفة باسم "المستشفى الوطني"، ومستشفى صلخد في الريف الجنوبي، ومستشفى سالي في الريف الشرقي، ومستشفى شهبا في الريف الشمالي. وتعاني هذه المستشفيات نقصاً شديداً في الكادر الطبي، بحسب مصدر طبي في المستشفى الوطني في مدينة السويداء. ويقول لـ "العربي الجديد": "الكادر الطبي منهك من جراء الضغط الكبير الذي نواجهه، وخصوصاً في ظلّ ارتفاع أعداد الإصابات بفيروس كورونا الجديد، وانشغال أقسام العزل بنسبة 100 في المائة". يضيف أن "غالبية الأطباء والممرضين قدموا استقالاتهم أو حصلوا على إجازات من دون أجر، وغادروا البلاد إلى الصومال وليبيا والعراق والإمارات وغيرها من الدول. واليوم، هناك أقسام تضمّ طبيباً واحداً. كما أن بعض التخصّصات لم تعد موجودة". ويوضح أنّ "الكثير من المرضى اليوم لا يجدون في المستشفى أدوية مضادات حيوية بالإضافة إلى العديد من الأدوية الأخرى، والجبائر وصفائح المغنيزيوم التي تساهم في التئام الكسور، بالإضافة إلى القسطرة الوريدية المركزية (أنبوب طويل ومرن يتم إدخاله في أحد أوردة الصدر). هذا النقص في الاحتياجات يحمل المرضى أعباء مادية كبيرة، تضاف إلى كلفة معاينة الطبيب في العيادة". 

وكان مدير مستشفى السويداء الوطني سلام أتمت، قد أعلن الشهر الماضي عن نقص كبير في الكادر الطبي، موضحاً أن المستشفى يعاني بسبب هذا النقص في أقسام الجراحة العامة والصدرية والأوعية الدموية والأطفال. ويوضح أنّه لضمان قيام الكادر الطبي والتمريضي بهذه الأقسام بعمله على أكمل وجه، يجب أن يضم كل قسم خمسة أطباء متخصصين. إلا أن هذه الأقسام تعمل مستعينة بطبيب واحد أو اثنين، وهذا غير كافٍ. يضيف أن ما من طبيب جراحة أوعية متعاقد مع المستشفى.  

وتعد أحوال بقية المستشفيات الحكومية في المحافظة أسوأ من المستشفى الوطني، في ظلّ نقص الكادر الطبي. على سبيل المثال، فإن مستشفى صلخد مثلاً قائم على طبيبين متخصصين، في وقت تعاني المستشفيات نقصاً في الأدوية، عدا عن كثرة أعطال الأجهزة الطبية، ما يضطر المرضى للجوء إلى المراكز الخاصة ودفع تكاليف مرتفعة جداً، أو التوجه إلى المستشفيات الحكومية في دمشق، والتي تعاني أيضاً من جراء الضغط الكبير في ظلّ ارتفاع نسبة الإصابات بكورونا خلال الفترة الماضية. وكان مدير مستشفى شهبا نديم نوفل، قد أكد لصحيفة محلية منتصف الشهر الجاري، أن المشكلة التي يعاني منها المستشفى تتلخص بالنقص الشديد في الكادر الطبي والتمريضي، الأمر الذي شكل ضغطاً كبيراً في العمل وزاد من أعباء العاملين في المستشفى.      

في هذا الإطار، يُعاني أهالي السويداء بسبب عدم توفر مختبر لإجراء فحوصات كورونا، فترسل العينات إلى دمشق. وغالباً ما يتم التشخيص على أساس صورة الصدر والفحص السريري. وتقول نبيهة الحلبي (38 عاماً) لـ "العربي الجديد": "لا نملك في السويداء ترف التحقّق من احتمال إصابة المريض، بل يتم التعامل مع الذين يشكون من أعراض الإنفلونزا على أنهم مصابون بكوفيد-19 حتى يثبت العكس". تضيف: "غالباً، أصبحت المستشفيات مؤشراً على أن المصاب ينتظر لحظة موته، وخصوصاً في ظل سوء الرعاية وارتفاع أعداد المتوفين يومياً. المصابون يستسلمون لموتهم"، لافتة إلى أن "زوجها ظهرت عليه أعراض كورونا من سعال وارتفاع في درجة حرارة جسمه وفقدان حاستي الشم والذوق، فشُخّص على أنه مصاب بكورونا. أردنا التأكد فحجزنا له موعداً في مختبر في دمشق لإجراء فحص كورونا، وكلفته 127 ألف ليرة سورية (سعر صرف الدولار الأميركي الواحد 3400 ليرة)، و25 ألف ليرة سورية سمسرة للمكتب الذي يؤمن الحجز. وفي حال ذهبت بشكل مباشر، سأحتاج إلى أيام عدة للحصول على موعد، بالإضافة إلى كلفة النقل. بدل إيجار السيارة إلى دمشق على الأقل 100 ألف ليرة. كل هذه الكلفة لنحصل على نتيجة نسبة الخطأ فيها 30 في المائة على الأقل".

الصورة
مصنع للأدوية في سورية (لؤي بشارة/ فرانس برس)
في مصنع للأدوية (لؤي بشارة/ فرانس برس)

وتُعاني محافظة السويداء التي تبعد عن العاصمة السورية دمشق بضع عشرات الكيلومترات من فقدان العديد من الأدوية، على رأسها المضادات الحيوية وأدوية الأمراض المزمنة مثل السكري والقلب والأورام، وقد تجاوز سعر الجرعات الكيميائية المليوني ليرة. وكان المدير الطبي ورئيس شعبة الدم والأورام الصلبة في المستشفى الوطني مؤنس أبو منصور، قد أعلن أن "أدوية مرضى الأورام والدم متوفرة بحسب جداول توزيع وزارة الصحة التي تسعى إلى تأمين جميع الأدوية، على الرغم من صعوبة الأمر خلال هذه الفترة. وبلغت نسبة أدوية السرطان المتوفرة 90 في المائة، بينما 10 في المائة منها غير متوفرة في المستشفى الوطني في السويداء، علماً أن شعبة الدم والأورام تقدم العلاج الكيميائي والصور الشعاعية والمخبرية والاستشفاء. وبلغ عدد المرضى التراكمي ممن يتلقون العلاج ضمن شعبة أمراض الدم والأورام سنوياً نحو 9 آلاف مريض منهم 3300 مريض أورام و5700 مريض دم". 

ويلفت أبو منصور إلى أن عدد الإصابات الجديدة سنوياً يبلغ وسطياً ما بين 300 و400 إصابة في المحافظة، وسرطان الثدي يعد الأكثر انتشاراً، يليه سرطان الرئة وسرطان الجهاز الهضمي بالإضافة إلى الورَم النقوي المتعدد. بدوره، يقول رئيس جمعية أصدقاء مرضى السرطان في السويداء الدكتور عدنان مقلد: "هناك نقص كبير في الأدوية السرطانية حالياً، وخصوصاً لدى المستشفيات الحكومية، الذي يقابله ارتفاع في أسعارها لدى الصيدليات علماً أن الأدوية لدى مستشفى السويداء الوطني مؤمنة لكن بكميات قليلة وهناك صعوبة في تأمينها". ويوضح أن هناك 5200 مريض سرطان في قسم الدم في المحافظة يتلقون العلاج في مستشفيي البيروني والمواساة في دمشق، لحاجتهم لعلاج كيميائي في مستشفى البيروني وبالأشعة في مستشفى المواساة.

تجدر الإشارة إلى أنّه في يونيو/ حزيران الماضي، رفعت وزارة الصحة في حكومة النظام السوري أسعار 11,819 صنفاً دوائياً بنسب وصلت إلى نحو 50 في المائة، بعد مطالبات من أصحاب المعامل. وفي إبريل/ نيسان الماضي، طالب رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية الوطنية التابع لوزارة الصحة رشيد الفيصل برفع أسعار الدواء لأنه أصبح ضرورة في ظل حالات ارتفاع أسعار السلع والمنتجات أضعافاً مضاعفة.

المساهمون