سورية: أهالي الحجر الأسود يواجهون تهميشاً متعمداً

سورية: أهالي الحجر الأسود يواجهون تهميشاً متعمداً

23 يناير 2024
انتشار عناصر أمنية في دمشق (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

يعيش السكان في منطقة الحجر الأسود في دمشق ظروفاً صعبة في ظل انعدام الخدمات الأساسية في مجالات التعليم والمياه والكهرباء وشبكات الاتصالات، عدا عن تسلّط الأجهزة الأمنية والفساد الذي يحرم السكان من العودة إلى المنطقة والاستقرار. ويوضح مدير دائرة الإعلام في مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية فايز أبو عيد، لـ "العربي الجديد"، أن آلاف النازحين من أبناء الحجر الأسود تقدموا للحصول على موافقة بالعودة، إلا أن العشرات حصلوا عليها فقط، لافتاً إلى أن السلطات الأمنية ترفض عودة كل من لديه قضايا أمنية أو حالة اعتقال سابقة، أو من لديهم أبناء مطلوبون أو موجودون في الشمال السوري، أو لهم ارتباطات بالفصائل المسلحة التي كانت تُسيطر على المنطقة، بالإضافة إلى المطلوبين للتجنيد الإجباري.
يتابع أبو عيد: "في مارس/ آذار الماضي، ألغت اللجنة الأمنية في دمشق شرط مراجعة الفروع الأمنية للحصول على موافقة العودة إلى أحياء الحجر الأسود، وتم استبداله بطلب خطّي يتم تقديمه للمفرزة التابعة للأمن العسكري والمتواجدة في شارع الثلاثين بمخيم اليرموك، وهي المسؤولة عن التدقيق في الطلبات وإجراء التفتيش الأمني للعائلة أو الأفراد الراغبين بالعودة إلى منازلهم، من دون مطالبتهم بمراجعة الفروع الأمنية. وأصدر الأمن العسكري نشرة جديدة تضم أسماء 50 شخصاً من المسموح لهم بالعودة إلى منازلهم في الحجر الأسود، وكانوا قد تقدموا بطلبات العودة في وقت سابق. وشملت عمليات التعفيش التمديدات الكهربائية والأخشاب والنوافذ والأبواب، بالإضافة إلى بعض الأثاث الموجود في المنازل لنقلها بعد ذلك بسيارات إلى خارج المنطقة".

عدد العائلات العائدة إلى حي الحجر الأسود بلغ 2000 عائلة فقط

بالإضافة إلى الخدمات السيئة، تعاني المنطقة من الفلتان الأمني. ويوضح أبو عيد أن المنطقة سجلت العديد من حوادث السرقة خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أبرزها أعمال هدم وسرقة المنازل والمباني للحصول على الحديد في عدد من الحارات، وسرقة عشرة أمتار من الكابل المتوسط من تحت الأرض، والذي يغذي المحول الجديد الذي كان من المتوقع تركيبه بالقرب من مقبرة الحجر الأسود للحصول على النحاس، وسرقة أغطية الصرف الصحي في عدد من المناطق.
ويشير أبو عيد إلى أن عدد العائلات العائدة إلى حي الحجر الأسود بلغ 2000 عائلة. وتشكو العائلات نقص الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه واتصالات، ما يمنع عشرات العائلات من العودة.
ويوضح يوسف أبو رسلان وهو من سكان المنطقة، لـ "العربي الجديد"، أن أكثر السكان يتركزون اليوم في أحياء تشرين والثورة والجولان، ويحصل الأهالي على الموافقات في اليوم نفسه. وفي ما يتعلق بالكهرباء، هناك مركزا تحويل الأول في حي الثورة لكنه ضعيف والثاني قرب مقبرة الحجر الأسود لكنه خالٍ من الأسلاك أو الأعمدة.

ويضطر البعض إلى مد أسلاك الكهرباء من حي الثورة إلى مسافات بعيدة. كما أن شبكة الإتصال والإنترنت ضعيفة للغاية ولا يوجد تغطية ويجب أن يذهب المرء إلى أطراف الحجر الأسود حتى يكون قادراً على التقاط الشبكة. من جهة أخرى، فإن شبكات المياه معطلة. ويقول أبو رسلان: "نشتري المياه على نفقتنا الخاصة، 5 براميل بمبلغ 40000 ألف ليرة سورية (الدولار يساوي 14500 ليرة سورية)، وهناك خزانات في شوارع الأحياء بالحجر الأسود ليس فيها صنابير حتى الوقت الحالي. الصهريج يملأ الخزانات التي لها صنابير يومي الأحد والأربعاء فقط، وتنفد المياه خلال ساعة".
يضيف أن "توفير الخبز ليس بالأمر السهل مع وجود معتمد واحد". ويوضح أنه لا يوجد إلا معتمد واحد للخبز يتعامل مع الأهالي بشكل سيئ ولا يقبل أشخاصاً جددا. وبات سعر ربطة الخبز 1500 ليرة سورية، ولا يحصل الأهالي على الكمية كاملة. نشتري الخبز الحر من دمشق لأن بطاقات الحجر الأسود لا تعمل إلا في أفران دمشق. وفي ما يتعلق في المدارس، ليس هناك إلا مدرسة الحجر الأسود الثالثة، ومدرسة حسان بن ثابت الإعدادية التي رممت منذ فترة. وقد وعدت مديرة المجمع التربوي في صحنايا نوال الدبور بتأمين الكادر التعليمي وفتح المدرسة لكنها لم تفتح حتى الآن. ويتوجه طلاب الإعدادي إلى مدارس حي الزاهرة في مدرستي حسيان وسعد سعد.

ويتحدث عبد العليم حميد من سكان الحي عن نقل الأنقاض، موضحاً لـ "العربي الجديد" أن "بلدية القنيطرة كانت تتولى عمليات نقل الردميات وغيرها، وكانت ترسل آليات. لكن بعد حدوث خلافات حول تأجير الآليات توقفت عن إرسالها. الأهالي ينظفون الأماكن وينقلون الأنقاض على نفقتهم الخاصة. والساعة الواحدة تكلف حوالي 800 ألف ليرة. منذ مدة سقط طفل وأصيب برأسه في حي الثورة، وعلمنا أن بلدية ريف دمشق تبرعت للحجر الأول بنحو 40 مليون ليرة لإغلاقها لكن لم يحدث شيء".

يتابع حميد: "المواصلات سيئة. ننتظر ساعة حتى قدوم سيارة أجرة الحجر الأسود. وأحياناً، نركب الشاحنة المفتوحة أو سيارات خاصة. طالبنا بفتح طريق بردى. كما أن طريق عسالي ـ جمعيات مغلق. شارع الثلاثين سيئ ومهدم وليس فيه مواصلات. الشوارع متضررة للغاية والردميات في كل مكان. مطالب الأهالي تكررت كثيراً بإزالة الردميات. حي الجزيرة مثلاً شمال الحجر الأسود متضرر كثيراً. أما الجوامع في المنطقة، فلا تعطي وزارة الأوقاف موافقة لترميمها مع وجود متبرعين لمسجد إبراهيم الخليل ومسجد أبو بكر في حي الثورة ومسجد الرحمن في حي تشرين، وبرروا ذلك بأن المساجد جزء من المشاكل في المنطقة".

ويضم حي الجزيرة محال للخردة والحديد حيث يهدمون فيه الأبنية، كما يشير خالد الصبيح لـ "العربي الجديد". ويقول: "العاملون فتية لا تتجاوز أعمارهم 17 سنة، وينقلون الردميات إلى مركز الخردة. يحاولون دخول أحياء الحجر الأسود المأهولة مثل حي الوحدة وحي الاستقلال لكن الحاجز يمنعهم. ومنذ فترة، أدخلوا عمال خردة وحديد ليدخل بعدها أمن النظام ويمشط المنطقة. الأمن فتش المنطقة وطلب بطاقات الدخول، وهو حالياً يتسلط على حي الجزيرة ولا أمل في إصلاح أي بيوت فيه. الأبنية مهدمة والردميات في كل مكان بعد الفضيحة الأخيرة التي حدثت في الحي، حيث كانوا يستخدمون آليات ثقيلة في هدم المنازل دون تمييز". 
يتابع: "يستخدمون في الوقت الحالي المطارق للهدم في حي دير ياسين ضمن المخيم. الأهالي يترقبون تحرك محافظ ريف دمشق، لكن لا يوجد أي استجابة. كما أنهم يطلبون من الأهالي تصديق الأوراق الخاصة بملكية المنازل للحصول على الموافقة الأمنية. غالبية الأهالي لا يملكون هذه الأوراق والسبب أنها كانت في بيوتهم عندما غادروها، فاحترقت أو ضاعت".
يذكر أن الأحياء السكنية، ومنذ سيطرة النظام على منطقة الحجر الأسود عام 2018، تعرضت لعمليات نهب وسرقة طاولت الأثاث المنزلي والرخام والبلاط، بالإضافة إلى القضبان الحديدية من المباني المدمّرة.

المساهمون