جُبْراكة لاجئة

جُبْراكة لاجئة

22 مايو 2024
يجب العمل على إدماج اللاجئين في العمل الإنتاجي (نيكولاس كاجوبا/ الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الجبراكة تعبر عن مفهوم جَبْر الشيء وإصلاحه، وتتسع لتشمل جبر الخواطر بإرضاء النساء في دارفور وكردفان بتمليكهن مزارع صغيرة للإكتفاء الذاتي، مما يعزز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في زمن العوز.
- تُستخدم الجبراكة لتدريب أفراد الأسرة على الخبرات الزراعية، وتخفيف آثار الحرب والنزاعات، بفضل خصوبة الأرض المخصبة بالسماد الطبيعي، ما يؤدي إلى إنتاج عالي الكم والجودة.
- تعتبر الجبراكات حلاً مستدامًا لإدماج اللاجئين في العمل الإنتاجي، خاصة في الزراعة، كما في أوغندا حيث منحت اللاجئات أراضٍ للزراعة، مما يساهم في تحسين الأمن الغذائي وتحطيم الصور النمطية عن اللاجئين.

الجبراكة لغوياً تشير إلى جَبْر الشيء وإصلاحه، فالطبيب يجبرُ العظام المكسورة. ويذهب المعنى أبعد إلى جبر الخواطر، أي إرضاء من يحتاج العون على سد حاجته بكرامة. ولعل المضمون عند أهل دارفور وكردفان في غرب السودان يعني إرضاء النساء المغلوبات على أمرهن، حين يُجبر خاطر المرأة اقتصادياً، بتمليكها مزرعة صغيرة حول المسكن (جُبراكة)، وتجمع (جباريك). وهي من أشكال الاكتفاء الذاتي في زمن العوز والحاجة، حيث تزرع المحاصيل سريعة الإنتاج كالخضار والذرة الشامية والشمام وغيرها من المحاصيل الإسعافية، قبل قدوم حصاد المحاصيل النقدية مثل الفول السوداني والسمسم والذرة.
في الجبراكة يتدرب أفراد الأسرة على كسب الخبرات الزراعية التي يحتاجونها في مزارعهم الكبيرة. ويُلجأ إلى هذا النهج في الكثير من الأحيان لتخفيف آثار الحرب والنزاعات عن الأهالي، وخلق حالة من الاكتفاء الذاتي. ورغم أن الجُبْراكة غالباً ما تكون صغيرة المساحة، إلا أن مُعدل إنتاجها يكون عالياً كماً وجودةً، وذلك نسبة لخصوبة الأرض حول المنازل التي دائماً ما تكون تربتها مخصبة بالسماد الطبيعي، بفضل روث البهائم التي لا غنى لإنسان تلك المناطق عنها.
في حالات نشوب النزاعات، وعندما يتدفق اللاجئون على بلدان تعاني الهشاشة الاقتصادية في حد ذاتها، ويشكل الأمن الغذائي إحدى قضاياها، يكون على واضعي السياسات والمنظمات الإنسانية أن تعمل على إدماج اللاجئين في العمل الإنتاجي، خاصة في مجال الزراعة. وقد كان من حظ اللاجئات اللائي وصلن إلى أوغندا في 2016 وما قبلها، هرباً من جحيم نزاعات جنوب السودان، أن مُنحن منازل وقطع أراض للزراعة (جبراكات) في مخيمات مثل (كيراندوقو). وتلك سياسة تعني أن الاعتماد على المساعدات الطارئة لا يشكل حلاً في الأمد الطويل.

موقف
التحديثات الحية

ويعترف المسؤولون أن وجود اللاجئين قد أدّى في كثير من الأحيان إلى توفير محاصيل غذائية، بجانب الخدمات الاجتماعية مثل التعليم والرعاية الصحية، بالنسبة للمجتمعات المحلية المستضيفة، ما يحطّم القوالب النمطية الشهيرة التي تقول إن اللاجئين يشكلون مصدر توتر، ويسهمون في استنزاف الموارد، والتأثير السلبي على الاقتصاد. 
مريم التي جاءت من أقصى غرب السودان وجدت نفسها تسكن في مأوى مبني من القش وسط غابة، وهي التي كانت تحلم بجبر خاطرها اقتصادياً واجتماعياً بأن تجد ما وجدته أخواتها اللواتي سبقنها إلى هنا من معاملة. بيد أن الأمر لم يعد كما هو في ظل التدفقات الكبيرة للاجئين السودانيين على أثر اندلاع حرب إبريل/ نيسان الماضي. وفي ظل الحاجة إلى الطعام والدواء، مع عدم امتلاك مهارة استخدام ما يقدمه لهم المسؤولون عن المعسكر من مواد بناء مثل الخشب والمشمعات، والقليل من الطعام، اضطرت كالكثيرات إلى بيع المواد للحصول على المزيد من الطعام، لكنها ما زالت تحلم بامتلاك جبراكة.
(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون