جامعة أكسفورد تطور ثاني لقاح للملاريا بفعالية عالية

جامعة أكسفورد تطور ثاني لقاح للملاريا بفعالية عالية

08 سبتمبر 2022
أطفال يتلقّون ما يُعَدّ أدوية ملاريا في بوركينا فاسو (أوليمبيا دو ميسمون/ فرانس برس)
+ الخط -

في الوقت الذي تركّزت فيه الجهود على تطوير وتحديث اللقاحات المضادة لكوفيد-19 التي من شأنها أن تغطّي متحوّرات فيروس كورونا الجديد (سارس-كوف-2) ومتغيّراتها الفرعية (لا سيّما تلك الخاصة بمتحوّر أوميكرون) وكذلك اللقاحات المضادة لجدري القرود، كان باحثون من "جامعة أكسفورد" يمضون في تجاربهم الخاصة بلقاح "آر21 / ماتريكس-إم" المضاد للملاريا. وهذا اللقاح، وهو من بين لقاحات أخرى ما زالت التجارب جارية عليها، يُعَدّ منذ عام 2021 الوحيد الذي تخطّت فعاليته عتبة الفعالية التي حدّدتها منظمة الصحة العالمية عند 75 في المائة في وقاية أطفال أفارقة (العيّنة المستهدفة) من الملاريا التي تُصنَّف من بين الأسباب الرئيسية للمرض والوفاة.

وقد نشرت، أخيراً، مجلّة "ذا لانست" الطبية نتائج لافتة توصّل إليها باحثون "جامعة أكسفورد" بعد 12 شهراً (عاماً كاملاً) من تلقّي أطفال في بوركينا فاسو جرعة تعزيزية من اللقاح، علماً أنّ الدراسة امتدّت على عامَين. فقد أظهر هؤلاء أنّ فعالية "آر21 / ماتريكس-إم" أتت عالية بمعدّل نسبة 77 في المائة.

ويُطرح السؤال: هل يُقَرّ لقاح "جامعة أكسفورد" ثاني لقاحات الملاريا لإنقاذ الأطفال؟ فاللقاح الأوّل في العالم لحماية ملايين الأطفال من الملاريا، هذا المرض الفتّاك، هو "آر تي إس، إس" واسمه التجاري "موسكويريكس"، وقد طوّرته مختبرات "غلاكسو سميث كلاين" البريطانية التي أبرمت معها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عقداً في أغسطس/ آب 2022 (قبل نحو شهر) بهدف توفير 18 مليون جرعة من في الأعوام الثلاثة المقبلة.

وقد أشارت مديرة قسم الإمدادات في المنظمة إتليفا كاديلي، حينها، إلى أنّ هذه الخطوة تبعث برسالة واضحة إلى مطوّري لقاحات الملاريا المختلفة لمواصلة عملهم. أضافت: "نأمل أن تكون هذه مجرّد بداية، ثمّة حاجة إلى مواصلة الابتكار لتطوير لقاحات جديدة بهدف زيادة العرض المتاح وإنشاء سوق لقاحات أكثر نجاعة".

وبالعودة إلى تجارب الباحثين في "جامعة أكسفورد" المتواصلة منذ عامَين، توصل الخبراء إلى أنّ الجرعة التعزيزية من لقاح "آر21 / ماتريكس-إم" بعد نظام الجرعات الثلاث الأولية، نجحت في الحفاظ على فعالية عالية ضد نوبات أو هجمات الملاريا الأولية والمتعدّدة.

في هذا الإطار، تشرح مجوعة "مايو كلينك" الطبية والبحثية أنّ ثمّة أشخاصاً مصابين بالملاريا يواجهون دورات من "هجمات" الملاريا. وتبدأ الهجمة في العادة بالارتعاش والقشعريرة، وبعدها حُمّى شديدة، ثمّ التعرّق، قبل العودة إلى درجة الحرارة الطبيعية. أمّا أعراض الملاريا فتبدأ في العادة في خلال بضعة أسابيع من التعرّض للدغة من بعوضة موبوءة بالمتصوّرة أو "بلازموديوم". ومع ذلك، يمكن أن تظلّ أنواع من الطفيليات المسبّبة للملاريا خاملة في جسم المصاب لمدّة قد تصل إلى عام.

ويضيف باحثو أكسفورد أنّ الجرعة التعزيزية تتضمّن تركّزات أجسام مضادة ترتبط بفعالية اللقاح. يُذكر أنّ هذه التجربة ما زالت مستمرّة لمتابعة الأطفال الذين خضعوا إليها، على المدى البعيد، وتخمين أهمية جرعات تعزيزية إضافية.

من جهتها، تشدّد منظمة "مديسينز فور ملاريا فنتشر" على أهميّة تعزيز التحصين في وجه الملاريا، إذ إنّ هذا المرض مسؤول عن وفاة طفل دون الخامسة في كلّ دقيقة حول العالم. يُذكر أنّ المنظمة هي شراكة بين القطاعَين العام والخاص غير هادفة للربح تأسست في سويسرا وهدفها التخفيف من تكاليف الملاريا في البلدان حيث المرض متوطّن.

وبحسب آخر بيانات منظمة الصحة العالمية الصادرة في عام 2020، فقد سُجّل 241 مليون إصابة بالملاريا مقارنة بـ227 مليوناً في عام 2019. وبلغ العدد التقديري للوفيات بسبب الملاريا 627 ألفاً في عام 2020 أي بزيادة قدرها 69 ألف وفاة عن عام 2019، في حين أنّ نحو ثلثَي هذه الوفيات (47 ألفاً) كانت بسبب الاضطرابات في أثناء جائحة كورونا، الأمر الذي يعني أنّ أجندة منظمة الصحة العالمية لمكافحة الملاريا 2016-2030 تأثّرت إلى حدّ كبير بالوباء.

وأوضحت المنظمة الأممية أنّ العدد الأكبر من المرضى سُجّل في القارة الأفريقية في عام 2020، وهي كانت موطناً لـ95 في المائة من إجمالي حالات الملاريا و96 في المائة من إجمالي الوفيات، فيما يمثّل الأطفال دون الخامسة نحو 80 في المائة من هؤلاء.

صحة
التحديثات الحية

في سياق متصل، ذكرت وكالة "رويترز"، أنّ بيانات التجارب التي نُشرت في العام الماضي والمتعلّقة باللقاح الذي تنتجه "غلاكسو سميث كلاين" بيّنت أنّ فاعليته في المناطق حيث تنتشر العدوى بكثافة، أظهر فاعلية تصل إلى 63 في المائة، الأمر الذي يعني أنّ احتمالات انتشار المرض والإصابة به ما زالت كبيرة هناك.

وقد دفعت تلك النتائج أستاذ علم الطفيليات بمدينة نانورو في بوركينا فاسو (حيث أُجريت تجربة جامعة أكسفورد)، هاليدو تينتو، والباحث الرئيسي في التجربة، إلى المطالبة بمنح الترخيص للقاح "جامعة أكسفورد" واستخدامه على نطاق واسع في العام المقبل.

بدوره، قال كلّ من مدير معهد جينر لأبحاث اللقاحات التابع لـ"جامعة أكسفورد" البروفسور أدريان هيل، وأستاذ علم اللقاحات لاكشمي ميتال والمؤلف المشارك في التجربة، إنّ "نظام التحصين القياسي بأربع جرعات أثبت فاعلية عالية ونجح في تحقيق هدف لطالما سعى إليه الخبراء على مدى سنوات".

تجدر الإشارة إلى أنّ لقاح "آر21 / ماتريكس إم" يتألّف من "آر21" اللقاح التجريبي الذي طوّرته "جامعة أكسفورد" وعلى تكنولوجيا "ماتريكي-إم" المساعدة من تطوير شركة "نوفافاكس" الأميركية للتكنولوجيا الحيوية.