تفاقم الآلام... التكلفة البشرية لارتفاع أسعار الأدوية في بريطانيا

تفاقم الآلام... التكلفة البشرية لارتفاع أسعار الأدوية في المملكة المتحدة

30 يوليو 2021
يعتمد المرضى على الليوثيرونين لعلاج التعب الشديد والاكتئاب (Getty)
+ الخط -

فرضت "هيئة مراقبة المنافسة والأسواق" في المملكة المتحدة غرامة على شركة الأدوية Advanz بما يزيد عن 100 مليون جنيه إسترليني، لرفعها أسعار "أقراص طبية" مخصّصة لعلاج قصور الغدة الدرقية، بنسبة تصل إلى 6000 في المائة.

وقد أدّت التكاليف الباهظة إلى قيام المجموعات الطبية في هيئة الخدمات الصحية الوطنية بنصح الأطباء بعدم وصف دواء الغدة "ليوثيرونين"، ما أدّى إلى عزل العديد من الأشخاص الذين يعتمدون على الأقراص لتخفيف أعراض المرض. ونتيجة لذلك، عانى بعض المرضى من عودة الأعراض مثل الاكتئاب والتعب، أو اضطروا إلى اللجوء إلى الصيدليات على الإنترنت لشراء منتجات مشابهة.

وقد وجد تحقيق أجرته هيئة المنافسة والأسواق (CMA) أنّ شركة الأدوية فرضت "أسعاراً مفرطة وغير عادلة" على أقراص الليوثيرونين، التي تُستخدم لعلاج نقص هرمون الغدة الدرقية. وبحسب التحقيق الذي نشرته صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، فقد استفادت الشركة من المنافسة المحدودة في السوق منذ عام 2007 لتحقيق أرباح خيالية، بسبب الارتفاعات المستمرة في أسعار الدواء، بأكثر من 6000 في المائة، في غضون 10 سنوات.

ووفق هيئة المنافسة والأسواق، فقد تبيّن أنه بين عامي 2007 و2017، ارتفع السعر الذي دفعته هيئة الخدمات الصحية الوطنية لأقراص الليوثيرونين من 4.46 جنيهات إسترلينية إلى 258.19 جنيهاً إسترلينياً، بينما ظلّت تكاليف الإنتاج مستقرّة على نطاق واسع.

ووفق الهيئة، فعلى الرغم من أنّ العديد من المرضى لا يستجيبون بشكل جيد للعلاجات الأخرى لمعالجة قصور الغدة، كاستخدام - أقراص ليفوثيروكسين - ويعتمدون على الليوثيرونين لعلاج التعب الشديد والاكتئاب، إلّا أنّ ارتفاع الأسعار كان أمراً غير مقبول.

واعتبر أندريا كوسيلي، الرئيس التنفيذي لهيئة المنافسة والأسواق، أنّ "قرار الهيئة جاء بعدما تمّ فرض أسعار مفرطة وغير عادلة لأكثر من ثماني سنوات، ما أدى إلى زيادة الأعباء المالية على هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وفي النهاية على دافعي الضرائب في المملكة المتحدة".

وكانت الهيئة العامة للمنافسة والأسواق قد فرضت غرامات تزيد عن 260 مليون جنيه إسترليني قبل أسبوعين على شركات الأدوية، التي فرضت رسوماً على هيئة الخدمات الصحية الوطنية لما يقرب من عقد من الزمن، مقابل أقراص "الهيدروكورتيزون"، التي يعتمد عليها عشرات الآلاف من الأشخاص لعلاج قصور الغدة الكظرية. 

وفي هذا الإطار، أبلغ المرضى صحيفة "ذا غارديان" أنه لم يكن لديهم أي خيار للحصول على الدواء، سوى دفع أموال للأطباء من القطاع الخاص مقابل الوصفات الطبية، أو البحث عن أقراص أرخص عبر الإنترنت، وقد حاورت "ذا غارديان" مريضين، يعانيان من قصور شديد في الغدة للوقوف على تجربتهما الشخصية وكيفية الحصول على العلاج.

فقالت لين مينوت، 67 عاماً، وهي تشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة Thyroid UK، إنها تعاني من قصور كبير في الغدة الدراقية، وتمكنت بفضل دواء "ليوثيرونين" من التخلّص من جميع الأعراض التي كانت تمنعها من مزاولة عملها، وفي مقدمتها أعراض الاكتئاب، ما ساعدها على العودة إلى العمل بدوام كامل، إلّا أنّ توقف هيئة الصحة عن استخدام الدواء شكّل صدمة بالنسبة إليها بحسب تعبيرها. لذلك لجأت إلى الإنترنت لشراء المنتج، وحاولت إيجاده في الصيدليات الأوروبية دون إجبارها على الحصول على وصفة طبية، حتى تتمكن من استكمال علاجها.

تشير مينوت إلى أنّ شراء الدواء من الخارج، سواء عبر الإنترنت أو من الصيدليات، لا يعد قراراً سليماً، لأنّ احتمال أن يكون الدواء مزيّفاً مرتفع للغاية، ولكن لم يكن لديها أي خيار آخر.

فيما أكّد ديفيد دوريل، الذي تحدّث نيابة عن زوجته جانيت دوريل، 86 عاماً، المصابة بمرض ألزهايمر، أنّ تجربتهما للحصول على الدواء كانت مرهقة وصعبة جداً.

قال دوريل: "لم تكن جانيت في حالة جيدة قبل أن تبدأ بتناول الليوثيرونين، كانت تتعرق بغزارة حتى عندما يكون الجو بارداً، وبعد حصولها على أقراص الدواء، التي كانت تباع حينها بسعر 10 جنيهات إسترلينية تحسّنت حالتها، إلّا أنّ ارتفاع سعره إلى أكثر من 300 جنيه شكّل ضربة حقيقية لصحتها". وأضاف: "أمام هذا الواقع، لم يكن لدي سوى البحث عبر الإنترنت عن الدواء".

وبحسب دوريل، فإنه وعلى الرغم من أنّ الطبيب وصف لها الأقراص، إلّا أنّ مجموعة التكليفات السريرية التابعة لهيئة الصحة العامة، أكدت أنها لن تسمح لهم بالحصول على الدواء، لأنه تمّ سحبه من لائحة الأدوية العامة. 

المساهمون