تعليم يشبه فلسطين وأهلها

09 ديسمبر 2022
يعيش أبناء الشعب الفلسطيني وسط أنظمة تعليمية مختلفة (مجدي فتحي/ Getty)
+ الخط -

لا ينطبق على الوضع التعليمي الفلسطيني ما ينطبق على سواه في الدول العربية، ويشمل ذلك الدول المنكوبة بالحروب والفوضى السياسية والمجتمعية، بما يفترضه من وجود دولة لها رئيس وحكومة ووزراء، من بينهم وزير تربية يملك حق التوقيع السياسي في المجال التربوي، وتوجيه الموارد البشرية والقدرات المادية في هذه الوجهة أو تلك. الواقع الفلسطيني هو جملة حالات لكل منها أحكامها وظروفها العامة والخاصة. فالسلطة الفلسطينية في رام الله ليست سلطة على الصعيد القانوني والعملي الكامل. فالاحتلال يجثم بآلته الحربية والعسكرية على أنفاسها ويمنع اتخاذها القرارات التي تراها ملائمة. وتمزيق الضفة الغربية كما هو حاصل، جعلها مجرد جزر مفككة وأجزاء متناثرة كل منها مزنر بالحواجز الأمنية التي تبطش بالعابرين على النوايا. وهناك جدار الفصل العنصري الذي يذل الفلسطينيين ويحول دون وصول المعلمين والتلامذة والطلاب إلى مدارسهم وجامعاتهم. وتتقاسم السلطة مع أونروا والمجتمع الأهلي إدارة مؤسسات تعليمية متباينة الأوضاع، ثم إنها جميعاً تخضع لضغط الاحتلال الصهيوني الذي يعمل جاهداً بشتى الطرق على طمس الهوية الوطنية والقومية للشعب الفلسطيني، ويجهد في محاربة هذه المؤسسات ويحاول إقفالها بدعاوى شتى. 

موقف
التحديثات الحية

ويقارب مثل هذا الوضع ما يعانيه فلسطينيو العام 1948 الذين يملكون الجنسية الإسرائيلية من الدرجة الثانية ويحاول الاحتلال نزع فلسطين التاريخية من ذاكرتهم. وبالطبع تدير أونروا مع المجتمع الأهلي قطاع التعليم في قطاع غزة الذي يتعرض للحصار الإسرائيلي من جهة، والتخلي العربي من جهة ثانية. هذا دون أن نتوقف عند التدمير الذي يطاول هذه المدارس بما فيها التابعة لأونروا بذرائع واتهامات أنها مخازن أسلحة أو تأوي مقاتلين. 
وبالانتقال إلى دول الشتات نجد أن الشعب الفلسطيني يخضع لما هي عليه الأنظمة التعليمية في الدول العربية وغير العربية المضيفة. والحصيلة أن 12 مليوناً وأكثر هم قوام هذا الشعب يعيش أبناؤهم أنظمة تعليمية مختلفة بحكم وجودهم في دول لها مؤسساتها وأنظمتها التعليمية التي تعتمدها في مدارسها، وتفترض بالملتحقين بها الخضوع لأحكامها. ويجهد الفلسطينيون سلطة وإدارات أهلية في الحفاظ على هويتهم من الطمس والذوبان وسط ظروف عربية ودولية ضاغطة. 
أما في الجانب الدولي والأممي، فإن ما تعانيه أونروا من تضييق ومحاولات إلغاء محمومة يكشف عن المدى الذي بلغه الكيان العنصري من إصرار على التخلص من هذا الشاهد الأممي المزعج الذي يقدم خدماته وحمايته للاجئين الفلسطينيين دون سواهم.
(باحث وأكاديمي) 

المساهمون