تحويل أراضي مستشفى العباسية لمحال تجارية لصالح الجيش المصري

تحويل أراضي مستشفى العباسية للصحة النفسية لمحال تجارية لصالح الجيش المصري

30 اغسطس 2021
الأرض المستولى عليها مخصصة لإنشاء مشفى لعلاج الاضطرابات النفسية عند الأطفال (فيسبوك)
+ الخط -

طالبت "جبهة الدفاع عن مستشفى العباسية للصحة النفسية" في مصر، الاثنين، الجهات الرقابية بفتح تحقيق حول ضلوع إدارتي مستشفى العباسية للصحة النفسية في القاهرة والأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة في التفريط بأراضي المستشفى المخصصة من الدولة لتقديم الخدمات العلاجية للمرضى.

وفي بيان، حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، دعت الجبهة منظمات المجتمع المدني المهتمة بشؤون الصحة إلى الدفاع عن حق مستشفى العباسية للصحة النفسية في استخدام أراضيه لخدمات الطب النفسي، لا سيما أن هناك إجراءات تتخذ حالياً للاستغناء عن قطعة أرض مساحتها 7500 متر مربع، بعمق يبلغ 25 متراً وطول 300 متر، على واجهة المستشفى التي تطل على شارع رمسيس.

وأشارت الجبهة إلى شروع إدارة المستشفى والأمانة العامة للصحة النفسية، في أوائل أغسطس/آب الجاري، في استقدام إحدى الجهات غير المعنية بالصحة (جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع لوزارة الدفاع) لاستئجار قطعة الأرض المُشار إليها مدة 20 عاماً، بغرض إقامة محال تجارية ومطاعم وكافيهات، على غرار المئات من المتاجر والمطاعم المنتشرة تحت الجسور الجديدة في مناطق شرق القاهرة، المؤجرة لصالح الجيش.

وأوضحت أن تلك هي المحاولة الثانية من إدارة المستشفى والأمانة العامة للصحة النفسية، إثر محاولة تأجير قطعة الأرض نفسها لجهة أخرى (خاصة) لإقامة منطقة متاجر ومطاعم في أوائل العام الجاري، وتقدمت على أثرها الجبهة ببلاغ إلى هيئة النيابة الإدارية، قيد تحت التحقيق في القضية رقم 277 لسنة 2021.

وأضافت الجبهة أن الأرض المخطط الاستيلاء عليها تم تخصيصها لإنشاء مستشفى لعلاج الاضطرابات النفسية عند الأطفال والأمراض النفسية والإدمان لدى المراهقين، مبينة أن إدارة المستشفى أنفقت نحو مليون و800 ألف جنيه من ميزانية الصحة النفسية على الدراسات والرسومات الهندسية لهذا المشروع، الذي يُعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط.

ووفق دراسة حديثة صادرة عن وزارة الصحة المصرية، فإن حوالي 30% من المراهقين مصابون بأعراض نفسية تستدعي العلاج، وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى إصابة 10% من الأطفال باضطرابات نفسية.

وأكدت الجبهة أن الريبة تحيط بتصرفات إدارتي مستشفى العباسية والأمانة العامة للصحة النفسية إزاء التفريط في مشروع قومي لعلاج الأطفال والمراهقين، عن طريق التنازل عن أرض المشروع لإحدى الجهات في الدولة لإقامة أنشطة تجارية، ما يُهدر قرابة مليوني جنيه تم صرفها على دراسات مشروع مستشفى الأطفال والمراهقين.

وأرفقت الجبهة بيانها ببعض المستندات التي تؤكد صحة ما ورد فيه من معلومات، إيماناً منها بحق المواطن في العلاج، وتمسكاً بأحكام الدستور الذي تنص المادة 18 منه على أن "تلتزم الدولة بالحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب، والعمل على رفع كفاءتها، وانتشارها الجغرافي العادل".

وختمت قائلة إنها ستتخذ كافة الوسائل القانونية المشروعة لوقف عملية الاستيلاء على أرض مستشفى العباسية، وكذلك العمل على تنفيذ مشروع مستشفى الطب النفسي لعلاج الإدمان لدى الأطفال والمراهقين.

من جهتها، تقدمت النائبة في البرلمان المصري هالة أبو السعد بطلب إحاطة عاجل إلى رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزيرة الصحة والسكان هالة زايد، بشأن انتهاك حقوق المرضى الدستورية في مستشفى العباسية للصحة النفسية، ومحاولة الاستيلاء على أرض المستشفى المخصص لرعاية الأطفال.

وقالت أبو السعد، في الطلب، إن مستشفى العباسية للصحة النفسية تأسس في عام 1883، على مساحة تبلغ 68 فداناً تقريباً، وتخدم أكثر من 100 ألف مريض نفسي سنوياً، ونحو 1300 مريض ومريضة في الأقسام الداخلية بمختلف تخصصات الطب النفسي، والإدمان، ورغم ذلك، هناك محاولات للاستيلاء على أرض المستشفى، نظراً لموقعه المتفرد على شارع صلاح سالم الرئيسي وشارع امتداد رمسيس.

وأضافت أن العاملين في المستشفى نظموا وقفة احتجاجية في عام 2019، للمطالبة بوقف مخطط الاستيلاء على أرض المستشفى، والذي تجدد الآن عن طريق التدليس، من خلال شروع إدارتي المستشفى والأمانة العامة التابعة لوزارة الصحة في إجراءات تأجير المساحة الأكبر من أرض المستشفى، لإقامة ما يشبه المركز التجاري لصالح الشركة المستأجرة.

وتابعت السعد أن هذه التعديات تمثل انتهاكاً صريحاً لحقوق المرضى ومخالفة لمواد الدستور المصري، داعية الحكومة إلى سرعة التحرك لوقف المحاولات المستمرة إزاء الاستيلاء على أراضي المستشفى، وذلك بالمخالفة للدستور والقانون واللوائح.

وينقسم مستشفى العباسية للصحة النفسية إلى قسمين، الإدمان والصحة النفسية، وهو مقسمة إلى عدة مبان، منها مبنيان مخصصان للرجال، واثنان آخران للسيدات، وعنابر خاصة للمراهقين، ويُعالج 60% من مرضاه بالمجان، و40% في أقسام هي "درجة أولى" بإجمالي 1000 جنيه فقط شهرياً، و"اقتصادي درجة أولى" بقيمة 600 جنيه شهرياً، و"اقتصادي درجة ثانية" بإجمالي 300 جنيه شهرياً.

وبدأت محاولات نقل المستشفى إلى مدينة بدر، الواقعة بالقرب من العاصمة الإدارية الجديدة في قلب الصحراء، شرق القاهرة، وهدم مبنى المستشفى التاريخي، واستغلال موقعه لأغراض استثمارية في عام 2010، وهو ما رفضه العاملون بالمستشفى بتنظيم بعض الوقفات الاحتجاجية، باعتبار أن مدينة بدر بعيدة في المسافة عن المرضى، وأسرهم، وهو ما يمثل إرهاقاً شديداً لعشرات الآلاف منهم سنوياً.

يذكر أن حزب "العيش والحرية" قد أصدر بياناً قال فيه "تستمر السلطة الحاكمة في سياساتها الهادفة إلى خصخصة وبيع المستشفيات العامة، والتوقف عن تطويرها في مخالفة صريحة للدستور، وبالتنصل من مسؤولياتها في تقديم الخدمات الطبية لكل المصريين".

وأضاف أن "مستشفى العباسية للصحة النفسية يعتبر صرحاً شاهداً على تاريخ تطور الطب النفسي في مصر والعالم، وهذا ما دفع وزارة الآثار إلى تسجيل بعض مبانيه التاريخية وفقاً للقانون رقم 144 لسنة 2006، وقرار مجلس الوزراء رقم 696 لسنة 2011، والذي يمنع بيع أو هدم أي من تلك المباني".

وتابع الحزب "حديقة المستشفى تمثل جزءاً من الرئة الخضراء للعاصمة القاهرة، التي تحتاج إلى المزيد من المساحات الخضراء، وليس الحد منها، وبيعها للمستثمرين، خصوصاً أنها تطل على شارع صلاح سالم المعروف بكثافته المرورية العالية، والتي تنتج قدراً هائلاً من التلوث".

المساهمون