اللاجئون الباكستانيون يرفضون قرار كابول نقلهم بعيداً عن الحدود

اللاجئون الباكستانيون يرفضون قرار كابول نقلهم بعيداً عن الحدود

18 يونيو 2023
قسمت الحدود الأفغانية الباكستانية أفراد القبائل (فرانس برس)
+ الخط -

تتزايد الضغوط على حكومة طالبان بسبب توتر العلاقات بين باكستان وأفغانستان على خلفية ارتفاع وتيرة الهجمات في باكستان، وتحديداً في مقاطعتي شمال وجنوب وزيرستان القبليتين.

ويرى كثيرون أن قرار طالبان نقل اللاجئين الباكستانيين الذين يعيشون في الجنوب الأفغاني قرب الحدود إلى مناطق في الداخل الأفغاني بعيداً عن الحدود، جاء بسبب ضغوط إسلام أباد على كابول، وأن الهدف منه قطع الطريق على مسلحي حركة طالبان الباكستانية التي تتخذ من المناطق القبلية الأفغانية، وتحديداً مخيمات اللاجئين الباكستانيين مقراً لهم، أو مأوى لأسرهم، وفق الرواية الباكستانية.

في الثالث من يونيو/حزيران الجاري، أكد الناطق باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، في بيان مقتضب، أن الحكومة قررت نقل اللاجئين الباكستانيين من المناطق الحدودية إلى مناطق بعيدة في الداخل الأفغاني من دون إعطاء كثير من التفاصيل أو بيان دوافع هذا القرار.
لكن رئيس إدارة الإعلام المحلية في ولاية خوست، حيث يعيش معظم اللاجئين الباكستانيين، شبير أحمد عثماني، قال لـ"العربي الجديد"، إن "القرار جاء من أجل تأمين الحدود، وأن أفغانستان تعهدت بإحلال الأمن والسلام في المنطقة، ولا تريد أن تكون علاقاتها متوترة مع دول الجوار، وهو قرار صائب، وسيتم تنفيذه".
لكن القرار أثار قلق اللاجئين الباكستانيين وحفيظة القبائل الأفغانية. إذ ثمة أسباب كثيرة وراء قلق اللاجئين، وقال مسؤول نقابة اللاجئين الباكستانيين في ولاية خوست، جمشيد محسود، في بيان في العاشر من الشهر الجاري: "أنفقنا أموالاً كثيرة على منازلنا في هذه المنطقة، وقد بنيناها على مدار الأعوام الثمانية الماضية، فكيف يمكن أن يطلب منا تدمير تلك المنازل والذهاب إلى مناطق أخرى لبناء منازل جديدة؟ إنها مشكلة كبيرة للاجئين العزل الذين لا يملكون شيئاً بعد أن دمرت منازلهم في باكستان".

الصورة
قام اللاجئون الباكستانيون ببناء منازلهم بأنفسهم (طارق محمود/فرانس برس)
قام لاجئون باكستانيون ببناء منازلهم بأنفسهم (طارق محمود/فرانس برس)

يضيف محسود أن "الوضع تحسن في المناطق التي نعيش فيها بفضل تعاون القبائل، والتي لا زالت تتعاون، ونطالب حكومة طالبان بأن تعيد النظر في قرارها، كما نرفض أن يكون هناك مسلحين من طالبان الباكستانية في منطقتنا، أو أن تكون منازلنا مأوى لهم أو لأسرهم. كل من يعيش في هذه المخيمات من أبناء القبائل التي تعيش على الجانب الآخر من الحدود والتي شهدت موجة عنف، وعلى إثرها شن الجيش الباكستاني هجوماً عليهم".
ويقول اللاجئ الباكستاني المقيم في ولاية خوست، قدير خان، لـ"العربي الجديد": "لن نخرج من منازلنا مهما فعلت بنا طالبان. نحن أبناء القبائل التي أصبحت ضحية كل ما يحصل في المنطقة، وقد بنينا المنازل والمخيمات بصعوبة، ولن نتخلى عنها أو نتركها، وعلى حكومة طالبان أن تساعد اللاجئين، وأن توفر لهم الدعم اللازم بالتنسيق مع المؤسسات الدولية. جميعنا محرمون من المساعدات، وهذا الملف لا بد أن يكون محط الاهتمام بدلاً من أن نكون ضحية القرارات والعلاقات السياسية المتباينة بين الدول".
وكما أثار القرار قلق اللاجئين الباكستانيين، فقد أثار كذلك حفيظة قبائل المنطقة، ويقول الزعيم القبلي في ولاية خوست، زرغون خان، لـ"العربي الجديد"، إن "هؤلاء اللاجئين أبناء نفس القبائل التي تعيش هنا على الجانب الأفغاني من الحدود، وقد تم تقسيمنا عبر خط (الديورند) الفاصل بين الدولتين، وهو خط لا تعترف به القبائل، ووفق ذلك لا يمكننا أن نتغاضى عن الأزمة، ولا يمكن بأي حال أن تقوم طالبان بإخراج هؤلاء اللاجئين من منازلهم بالقوة لأن هذه إساءة للقبائل كلها".

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

في أبريل/نيسان من العام الماضي، شنت الطائرات الحربية الباكستانية غارات على مناطق في ولاية خوست، ما أدى إلى مقتل العديد من اللاجئين الباكستانيين، وأثار الحادث غضباً شعبياً ورسمياً في أفغانستان، وهناك الكثير من التحديات الأمنية التي يواجهها اللاجئون الباكستانيون، ما يجعل البعض يكررون أن طالبان اتخذت هذا القرار كي تبعد اللاجئين عن باكستان، وليكونوا في مأمن من الهجمات أو الاغتيالات، غير أن الوضع المعيشي والمشاكل الاجتماعية التي يواجهها اللاجئون تظل الهاجس الأكبر لهم مقارنة مع أعمال العنف.
ويقول نظام الدين محسود، وهو أحد رموز اللاجئين الباكستانيين في ولاية خوست، لـ"العربي الجديد": "نواجه مشاكل كثيرة في شتى نواحي الحياة، بداية من حرمان أطفالنا من التعليم، مروراً بالاحتياج إلى العمل من أجل الحصول على لقمة العيش، فضلاً عن العيش في ديار الغربة، وداخل منازل لا يمكن وصفها بأنها منازل، فغالبيتها مكونة من خيام، علاوة على ما نواجهه من مخاطر الاغتيالات. الغالبية يريدون العودة إلى مناطقهم، لكنها غير آمنة، وبالتالي نفضل البقاء في منازلنا الحالية، ولن نخرج منها".

المساهمون