الكلاب تخفّف آلام المرضى في أقسام الطوارئ

الكلاب تخفّف آلام المرضى في أقسام الطوارئ

13 مارس 2022
مريضة بالسرطان تلعب مع كلبها (فانيسا جيمينيز ج/ الأناضول)
+ الخط -

لم تأتِ مقولة "الكلب من أوفى الأصدقاء" من فراغ. هذه العلاقة الجميلة بين الكلب والإنسان برهنتها دراسة حديثة نشرت في مجلّة "PLOS One" العلمية، بعدما خلصت إلى أن للكلاب تأثيراً إيجابياً في التخفيف من آلام المرضى. وأشارت إلى أن قدرات الكلاب وعاطفتها يمكن أن تكون فعالة في التخفيف من الأوجاع.
ووجدت الدراسة أنّ قضاء 10 دقائق فقط مع الكلاب قد يساعد في تخفيف آلام المرضى في أقسام الطوارئ لأنّها تبث روحاً إيجابية في المكان وتبعث على التفاؤل، سواء بالنسبة للمرضى أو لمقدمي الرعاية الصحية.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتقول مؤلّفة الدراسة الرئيسية كولين ديل إن "للكلاب تأثيراً إيجابياً في تحفيز المرضى على مواجهة الأمراض والتخفيف منها". وطلبت الدراسة من أكثر من 200 مريض في غرفة الطوارئ الإبلاغ عن مستوى الألم لديهم على مقياس من 1 إلى 10 (الرقم 10 هو أعلى مستوى للألم). وقُسّم المشاركون إلى مجموعتين؛ الأولى لم تقض وقتاً مع الكلاب، بينما أمضت الثانية 10 دقائق في اليوم معها، ليتبين أن المجموعة الثانية شعرت بألم أقل. ويعد العلاج بالكلاب أمراً جديداً نسبياً في عالم الطب على الصعيدين النفسي والجسدي، وهو ما أظهرته العديد من التجارب بحسب المتخصصة في علم النفس سيلين أبي راشد. وتقول في حديثها لـ "العربي الجديد" إن اللجوء إلى استخدام الكلاب لعلاج المرضى نفسياً وجسدياً يأخذ حيّزاً مهمّاً في عالم الطب اليوم، موضحة أن الكلاب تتميز بقدرة كبيرة على تحريك مشاعر المريض من خلال أمرين: الأول هو السعي إلى إلهاء المريض عن أوجاعه من خلال الحركات التي تقوم بها أمامه، والثاني هو الحب والعاطفة التي تقدمها إلى المريض، إذ تتأثر الكلاب بحالة المريض وتسعى إلى تخفيف آلامه من خلال التودّد والتقرب إليه. 
وترى أبي راشد أنّ لتفاعل الكلب مع محيطه تأثيرات إيجابية على الصحة النفسية والجسدية. لذلك، تنصح الأفراد الذين يعانون من اضطرابات نفسية كالتوتر والقلق والإرهاق، أو الذين يعانون من أمراض مزمنة، باقتناء كلب نظراً لتأثيره الإيجابي. 

الصورة
كلبان في مركز لعلاج الأطفال (خافيير توريس)
كلبان في مركز لعلاج الأطفال (خافيير توريس)

دراسة واعدة
لم تكن إيرين بيكويل، التي تعاني من آلام مزمنة، تعي أن وجود الكلب إلى جانبها سيساعدها في تخطي أزماتها الصحية. وتقول إن أوجاعها الجسدية أثرت بشكل كبير على صحتها النفسية، إذ كانت شديدة القلق والخوف. نصحها طبيبها النفسي بقضاء غالبية وقتها مع الكلب وبدأت تشعر بتحسن بشكل تدريجي. تقول: "من خلال العلاقة التي نشأت بيني وبين الكلب، تمكنت من اجتياز الكثير من المحن". ما قالته بيكويل يشكّل نموذجاً واقعياً عن تأثير العلاج بالكلاب على الصحة النفسية والجسدية، وخصوصاً بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في وحدة تامة. إذ تتفاقم أوجاع المريض الذي يعيش بعيداً عن أفراد أسرته بحسب أبي راشد. في هذا الإطار، ترى أن وجود كلب إلى حانب شخص مسن أو طفل وحيد يساعد كثيراً في تحسين صحته النفسية والعقلية. 
ورحّب المجتمع الطبي بنتائج هذه الدراسة التي وصفها بالواعدة، والتي يمكن أن تكون لها تأثيرات مستقبلية في عالم الطب، وخصوصاً خلال الأزمات الصحية. ووصفت جيسيكا تشوباك، وهي كبيرة الباحثين في معهد "كايزر بيرماننت" للأبحاث الصحية في واشنطن، الدراسة بالواقعية المبنية على أسس منهجية قوية والتي قد تؤسس لمرحلة مستقبلية في عالم الطب، كما نقلت عنها شبكة "سي أن أن" الإخبارية.  
ما قالته تشوباك لا يختلف عما أعرب عنه الممرض مايك ماكفادين في كندا، إذ وجد أن الاستعانة بالكلاب كجزء من نهج شامل لعلاج آلام المرضى في أقسام الطوارئ تحديداً يمكن أن يكون مفيداً. يضيف أن "وجود كلب العلاج لا يعود بالفائدة على المريض وحده، بل يساعد مقدمي الرعاية أيضاً".
من جهتها، تقول الأستاذة المساعدة في علم النفس والدراسات الصحية في جامعة "ساسكاتشوان" في كندا ميشيل غانيون، إن وجود الكلاب مع المرضى، وخصوصاً أصحاب الحالات الحرجة، له تأثير إيجابي، مشيرة إلى أنه من المنطقي أن يساهم قضاء الوقت مع مخلوق يجلب السعادة والطمأنينة والهدوء في الشعور بالتحسن. 

قضايا وناس
التحديثات الحية

تجارب سابقة
عام 2016، زار فريق علاج من خلال الكلاب قسم الطوارئ في مستشفى الجامعة الملكية (RUH) في ساسكاتشوان في كندا، بهدف تسلية المرضى خلال فترة انتظارهم العلاج. منذ ذلك الحين، رحّب ما لا يقل عن ثمانية مستشفيات بزيارة فرق مماثلة في كندا، بعدما ساعدت الكلاب في تهدئة مخاوف المرضى. على سبيل المثال، بدأت مستشفيات "سانت بول" و"جيم باتيسون" للأطفال و"الملكة إليزابيث" اعتماد فرق كلاب المعالجة لتهدئة مخاوف المرضى. وبحسب بحث نشر سابقاً في مجلة "PLOS One"، تستعين العديد من المستشفيات بالكلاب لمساعدة المرضى وتخفيف أوجاعهم من خلال اللعب. 
 

المساهمون