العراق نحو بدء أولى خطوات التعداد السكاني

24 مايو 2024
آخر تعداد سكاني أجراه العراق كان في عام 1997 (محمد صواف/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- بعد توقف لأكثر من 25 عامًا، تستعد السلطات العراقية لإجراء تعداد سكاني، مع تعداد تجريبي في مايو والتعداد الفعلي في نوفمبر، بعد تأجيلات بسبب الظروف الأمنية والسياسية والتحديات اللوجستية والمالية.
- التعداد السكاني يحمل أبعادًا سياسية معقدة في العراق، مرتبطًا بالعملية الانتخابية والمحاصصة الطائفية، ويعتبر أداة حاسمة لتحديد توزيع المقاعد البرلمانية والموارد المالية.
- وزارة التخطيط تؤكد أن التعداد لن يتضمن أسئلة حول الانتماء المذهبي أو القومي، في خطوة نحو تعزيز الوحدة الوطنية وتجنب النزاعات، ويهدف لإنشاء قاعدة بيانات دقيقة للتخطيط للتنمية المستقبلية.

شرعت السلطات العراقية في الخطوات الأولى لإجراء التعداد السكاني في البلاد، وقد نُظّمت آخر نسخة منه قبل 27 عاماً، ثم أعاقت ظروف عدة إجراءه عقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003.

وتجري وزارة التخطيط في بغداد، الأسبوع المقبل، عملية تعداد تجريبي للسكان في عموم العراق، وتحديداً في الحادي والثلاثين من مايو/ أيار الجاري، تمهيداً لإجراء التعداد الفعلي مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وتمثّل قضية التعداد السكاني ملفاً سياسياً شائكاً في العراق، أكثر من كونها إجراء تنظيمياً، بسبب ارتباطها بعملية الانتخابات والمحاصصة الطائفية التي تقوم عليها العملية السياسية في العراق بعد الغزو الأميركي.

وفي الوقت الحالي، يقوم نظام الانتخابات في البلاد على أن لكل 100 ألف شخص نائباً، ويمنح تقديرات السكان بشكل تقريبي لكل دائرة انتخابية وفقاً لبيانات وزارة التجارة بشكل رئيسي.

ويُقدّر العدد الإجمالي لسكان العراق ممن يعيشون داخل البلاد بنحو 43 مليون نسمة، في حين تبلغ أرقام عراقيي المهجر أكثر من ستة ملايين، يتوزّعون على نحو 40 دولة غربية وعربية.

وقالت وكيلة وزارة التخطيط أزهار حسين صالح، خلال مؤتمر صحافي، أمس الخميس، عُقد في مدينة الموصل شمالي العراق، إن "التعداد العام للسكان لن يتعامل مع موضوع الانتماء المذهبي والقومي والديني للعراقيين"، في إشارة جديدة إلى أنه لن يتم سؤال المواطن عن انتمائه الطائفي، وهو ما يعتبر خطوة إيجابية في نظر العراقيين المعارضين لإجراءات ترسيخ الهويات الفرعية في العراق.

وأوضحت صالح أن الهدف من التعداد هو تثبيت قاعدة بيانات صحيحة وحقيقية عن عدد السكان لضمان توزيع الموارد والمستحقات المالية على جميع المحافظات بشكل عادل، إلى جانب الاعتماد على بيانات التعداد في برامج التنمية المستقبلية، مؤكدة أن التعداد سيشمل جميع المحافظات العراقية، بما في ذلك إقليم كردستان. وتشير إلى أن الوزارة أعدّت خطة للتعامل مع تعداد السكان في المناطق التي يعيش فيها خليط من القوميات والمذاهب والأديان في المناطق المتنازع عليها كمناطق كركوك وسنجار وسهل نينوى وغيرها من المناطق.

وقال المدير العام لدائرة الإحصاء في محافظة نينوى، ثاني أكبر محافظات العراق كثافة سكانية، نوفل سليمان، لـ "العربي الجديد"، إن الإحصاء التجريبي سيُجرى الأسبوع المقبل، للتأكد من الجهوزية الفنية واللوجستية لفرق الإحصاء. أضاف أن التوجيهات الصادرة عن التخطيط تشير إلى إجراء الإحصاء في عموم العراق، من ضمنها مدن كردستان، وأن يتجنّب أي استبيان ذكر المذهب أو الدين أو القومية.

يشار إلى أن آخر تعداد سكاني أجراه العراق كان في عام 1997، واستثنى منه محافظات إقليم كردستان الثلاث؛ أربيل والسليمانية ودهوك، لأنها كانت خارج سيطرة النظام العراقي في ذلك الوقت. وأظهر التعداد أن عدد السكان يبلغ 22 مليون نسمة.
 ومن المقرر أن يجرى التعداد مرة واحدة كل عشر سنوات. وكان من المفترض أن يجرى عام 2007، لكنه تأجل إلى عام 2009 بسبب الظروف الأمنية، ثم تأجل عشر سنوات بسبب المشكلات الأمنية ودخول تنظيم الدولة الإسلامية "داعش". وفي 2019، أرجئ مُجدداً بسبب خلافات سياسية تخصّ المناطق المتنازع عليها وعدم وجود تخصيصات مالية وجائحة كورونا.

 من جهته، رأى الباحث بالشأن العراقي، خالد غازي، أن قرار تجنب التعداد لمعلومات المذهب والقومية خيار صائب من شأنه تجنب إدخال البلاد في الكثير من المشكلات السياسية ذات الصبغة الطائفية والقومية. وأكد في حديثه لـ "العربي الجديد" "ضرورة إنجاز التعداد التنموي دون تأخير، وأن يعمل الجميع على تبديد المخاوف السياسية بصدده، وتذليل العقبات التي تحول دون إنجازه"، مشدداً على أنه من غير الممكن إطلاق التنمية الشاملة دون وجود بيانات قائمة على تعداد السكان.

المساهمون