الشوارع الترابية بؤر شتاء كريهة للغزيين

03 مارس 2023
لا يمكن تفادي عبور الشوارع الرملية في غزة (محمد الحجار)
+ الخط -

قرب مخيم الشاطئ، غربي مدينة غزة، توجد أرض بكر، المعروفة ببنيتها التحتية الرديئة وغرق شوارعها الرملية لدى هطول أمطار فصل الشتاء. وتتفاقم مشاكل الشوارع الرملية مع مرور سنوات الحصار الإسرائيلي، اذ لم تحل منذ عام 2007 مشاكل رصف الشوارع الرملية في المحافظات الخمس بقطاع غزة تنفيذاً لخطط وضعتها البلديات، كما توقف تنفيذ الكثير من المشاريع، وغاب الممولون بسبب الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني الذي أبطأ إجراءات معالجة الملف.

ينتظر عماد بكر (50 عاماً)، الذي يعمل صياداً منذ عشر سنوات، رصف شارع في حي يسكن فيه مع عائلته، ويعاني من دخول كميات كبيرة من مياه الأمطار في كل فصل شتاء إلى دكانه الصغير الذي يقع أسفل مبنى منزله، والذي يعمل فيه مع أبنائه الخمسة لتجهيز شباك الصيد وبعض الأدوات. وهو يواجه مع باقي سكان الحي مشكلة إعاقة الحال السيئة للشوارع لدى هطول الأمطار تحركاتهم هم وأطفالهم لدى توجههم إلى أماكن عملهم وإلى المدارس. 

مخاطر إنزلاقات للصغار والكبار (محمد الحجار)
مخاطر إنزلاقات للصغار والكبار (محمد الحجار)

ويقول بكر لـ"العربي الجديد": "طالبنا مع أهال في مناطق أخرى بلدية غزة برصف الطرق، لكن ردها الاعتيادي يتكرر بعدم توفر ميزانيات، مع تأكيدها أنها ستضع الملف على رأس الأولويات لدى توفر تمويل ودعم. ونحن نعيش في منطقة تفتقر إلى قنوات لتصريف المياه، وندفع بالتالي مع غيرنا ثمناً غالياً للأحوال السيئة جداً للشوارع خلال الشتاء الذي نضطر إلى تحمل معاناته".
يضيف: "يغلق تراكم مياه الأمطار وتكدسها في الشوارع الرملية قنوات الصرف الصحي التي تطفو على السطح نتيجة تدفقها في ظل بنى تحتية ضعيفة ونوعيات رديئة لأغطية قنوات الصرف في الشوارع، ما يخلط مياه الأمطار بمياه الصرف الصحي فتشكل بيئة كريهة تغيّر شكل ولون التربة في الشوارع، وتنشر روائح كريهة تستمر لأيام".
وخلال السنوات العشرين الأخيرة، نفذت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، مشاريع لتحسين البنى التحتية، شملت رصف جميع شوارع مخيمات القطاع، وأحدها مخيم الشاطئ المحاذي لأرض بكر، لكن بلديات غزة أعادت رصف بعض الشوارع الرئيسية بمواد رديئة نتيجة قلة الإمكانات المتاحة بسبب الحصار الإسرائيلي.

ليست مشكلة الشوارع الرملية أولوية للمسؤولين (محمد الحجار)
​ الصورة ليست مشكلة الشوارع الرملية أولوية للمسؤولين (محمد الحجار) ​

وفي حي النصر، غربي مدينة غزة، تفاقم الشوارع الرملية مشاكل السكان وتعطّل حركة السير مع نشر روائح كريهة، كما تتسبب بهبوط كبير في ارتفاعات بعض الشوارع، ما يجعلها غير متوازنة وغير مستوية، ما دفع السكان إلى تقديم شكاوى عدة لبلدية غزة التي أرسلت جرافات لم تعالج مشكلة وجود تعرجات كثيرة.
ونتج من ذلك تعرض غسان أبو زيد، الذي يسكن في الحي (52 عاماً)، لانزلاق تسبب في كسر ساعده الأيمن لدى عودته من عمله إلى منزله حين كانت تربة الشارع طينية، ما أثرّ على تجاوزه بركة ماء قرب منزله.

مساحات غير سليمة بيئياً (محمد الحجار)
مساحات غير سليمة بيئياً (محمد الحجار)

وقد اعتاد أبناء الحي وضع سواتر رملية لمنع تكوين برك مائية، لكن كميات أمطار غير مسبوقة هطلت هذا الشتاء في مدينة غزة، ما جعل هذه السواتر تذوب مع شدة مياه الأمطار.
ويقول أبو زيد لـ"العربي الجديد": "يقلل وجود أرصفة احتمال تدفق مياه الأمطار إلى المنازل، علماً أن رصف الشوارع أمر عادي في أحياء تضم سكاناً كثيرين وبنايات ومتاجر لكننا نعيش في بقعة تفتقر إلى خدمات وأمان وسلامة، وأحياناً تتسبب شدة تدفق مياه الأمطار في تهدم أسوار منازل، لأننا نعيش مع بنية تحتية سيئة".

ويصف المهندس المدني مدحت أبو عبيد، في حديثه لـ"العربي الجديد" لدى مرافقته وفداً أجنبياً للبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي يعد خططاً استراتيجية لمبان مدرسية وغيرها، بيئة قطاع غزة ومنشآتها الهندسية بأنها "كارثية، علماً أن نسبة 75 في المائة من مناطقها يجب أن تكون مجهزة بشوارع إسفلتية نتيجة اكتظاظ السكان في المناطق، لكنها فعلياً بيئة غير سليمة تترك مساحات لتأثيرات التغيّرات الطبيعية والرملية والزراعية".
يضيف: "نحو 55‎ في المائة من المناطق السكنية في قطاع غزة مرصوفة، لكنها رصفت بمعايير غير سليمة، وأنا أعيش في حي الزرقاء الذي يعاني من مشكلات الشوارع الرملية، ما دفعني مرات إلى المطالبة بمعالجتها عبر الإذاعات المحلية لتدارك السلبيات على حياة السكان، خصوصاً الأطفال والمرضى والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقات، لكن المشاكل تتفاقم ويرى المسؤولون أن لا أولوية لها. وفي يناير/ كانون الثاني الماضي دخلت المياه منزل سيدة كبيرة وابنها، وانقذناهما في منتصف الليل".

المساهمون