السوريون في السودان من حرب إلى حرب.. مرارة اللجوء لم تنته

16 مايو 2023
محاولات الفرار من الاشتباكات في السودان مستمرة (فرانس برس)
+ الخط -

لم تنته رحلة لجوء السوريين من بلدهم إلى السودان نهاية سعيدة، حيث تسببت الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/ نيسان بحصر خيارات السوريين في العاصمة الخرطوم بين النزوح داخليا والعودة للوطن، واللجوء مجددا إلى بلد ثالث.

يقول عضو لجنة دعم العائلات السورية في السودان رامي ناجي إن أوضاع السوريين في السودان الذين يبلغ عددهم نحو 30 ألفا "مأساوية"، حيث "لا أمان لأهل البلد ولا للسوريين أو لأي جالية في الخرطوم التي تحولت إلى مدينة أشباح"، موضحا أن "عدد القتلى من السوريين وصل إلى 17 شخصا، ولا إحصائيات بشأن الجرحى".

الصورة
الاشتباكات في الخرطوم مازالت مستمرة (فرانس برس)
الاشتباكات في الخرطوم مازالت مستمرة (فرانس برس)

وتحدث ناجي المتواجد في السودان حاليا عن أوضاع السوريين قائلا: "الحرب بدأت فجأة، والناس لم تتوقع تطور الأوضاع بهذا الشكل"، مضيفا "لم يكن لدى الناس استعداد لفترة الحرب، وأوضاع الموجودين في الخرطوم سيئة حيث لا يستطيعون الحصول على احتياجاتهم اليومية".

نزوح في جميع الاتجاهات

وقال ناجي إن "التنقل داخل الخرطوم صعب جدا، وأغلب المحلات التجارية مغلقة، والمفتوح منها قليل جدا، كما أن الأسعار في ارتفاع مستمر"، مشيرا لنزوح السوريين والسودانيين معا إلى ولايات أخرى.

وأضاف: "القسم الأكبر من السوريين توجه إلى مدينة بورتسودان (شرق)، فيما توجه حملة الجنسية السودانية منهم إلى مصر، إضافة إلى من استطاعوا الحصول على التأشيرة المصرية التي تقدر قيمتها بما بين 1000 - 1300 دولار".

ويصف وضع السوريين في بورتسودان قائلا: "مأساوي إلى أبعد الحدود، غلاء في إيجار البيوت وغلاء في الأسعار، ومع دخول فصل الصيف تصبح المعيشة صعبة جدا بسبب نقص المياه في المدينة التي تعتمد على مياه الأمطار والآبار".

الصورة
سلام كنوش، لاجئ سوري فر من اشتباكات السودان إلى إثيوبيا (أمانويل سيليشي/فرانس برس)
سلام كنوش، لاجئ سوري فر من اشتباكات السودان إلى إثيوبيا (أمانويل سيليشي/فرانس برس)

ونوه ناجي إلى أن "سكان بورتسودان يخرجون في الصيف إلى مناطق أخرى بسبب نقص المياه"، مشيرا أن "دخول المهاجرين واللاجئين من الجاليات الأخرى إلى المدينة بسبب الحرب زاد الوضع مأساوية، حيث أصبحت أجرة المنزل في اليوم الواحد لا تقل عن 50 دولارا".

وأوضح أن "بعض الأسر تتشارك البيت الواحد، حيث تسكن النساء داخل البيت، بينما ينام الرجال في الطرقات أو المساجد أو في أي مكان مناسب"، مضيفا "من لا يجد منزلا يضطر للبقاء في الشوارع أو المساجد أو الحدائق أو على أرصفة ميناء بورتسودان، على أمل السفر على متن إحدى الطائرات المتجهة إلى سورية".

وقال ناجي إن "آثار اللجوء الجديد ظهرت ملامحه على وجه كل غني أو فقير من السوريين، فالأغلبية تعرضت لخسارة كبيرة"، معلقا: "معظم الناس خرجوا من الخرطوم بثيابهم فقط، وأخذوا معهم ما تمكنوا من حمله. كثيرون خسروا أعمالهم، فكل يوم تنشر صور على مجموعات واتساب لمحلات ومصانع للسوريين تعرضت للسرقة والنهب". وأكد أن "جميع الناس يشعرون بالإحباط لعدم قدرتهم على حماية ممتلكاتهم وأموالهم بسبب الحرب التي لم تكن متوقعة".

ضعف خطط إجلاء السوريين

وكشف عضو لجنة دعم العائلات السورية في السودان عن "ضعف في عمليات الإجلاء (بصفوف السوريين)، حيث أجلت السعودية نحو 50 إلى 60 شخصا ضمن أول قافلة وصلت إلى بورتسودان، وبعدها تدخلت الجالية السورية وبدأت في جمع الأسماء بشكل عشوائي بمبادرة من بعض أبنائها، لذلك لا يزال معظم السوريين عالقين في بورتسودان".

وأشار أنه جرى تسيير نحو 10 رحلات جوية لإجلاء السوريين، بسعة 170 راكبا تقريبا لكل رحلة، موضحا أن الرحلتين الأولى والثانية كانتا "مجانيتين"، لكن "لم يستفد منهما إلا عدد قليل جدا من الفقراء والمرضى الذين كانوا في حاجة ماسة للإجلاء".

الصورة
مطار بوتسودان (عمر إردم/ الأناضول)
مطار بوتسودان (عمر إردم/ الأناضول)

وبين ناجي أن "بقية الرحلات التي انطلقت آخرها في 14 مايو/ أيار الجاري، كانت مدفوعة بقيمة تراوح من 800 إلى 1000 دولار للشخص الواحد، مع صعوبة الحصول على حجوزات".

وتحدث عن مبادرات لتسهيل عمليات الإجلاء، حيث بادر بعض السوريين بتجهيز قائمة من 70 اسما قدمت إلى السفارة السورية التي عملت على تسهيل مغادرتهم جميعا، لكنها لم تقبل أي قائمة أخرى لاحقا، مشيرا إلى أن "أول رحلتين ضمتا قائمة قصيرة من الحوامل والمرضى".

وأوضح أن المبادرة أعدت أيضا قائمة باسم نحو 250 شخصا، أغلبهم مرضى أو حالات فقيرة جدا، ورفعتها إلى السفارة لأجل ترحيلهم مجانا، لكن الرد جاء بالرفض، مبينا أن "الشعب السوداني قدم وجبات غذائية للسوريين في بورتسودان، إضافة إلى حصولهم على خدمات طبية من منظمة الهلال الأحمر الدولية، لكن تلك المساعدات اختفت في الفترة الأخيرة".

وذكر أن الجالية تواصلت مع والي ولاية البحر الأحمر السودانية، حيث أبدى تعاطفه معهم "بشرط أن يتم حل مشاكلهم بشكل سريع"، مضيفا "للأسف هناك ضعف في أداء السفارة السورية، ولا نعلم السبب. وهناك نقص في الموارد، فالناس أنفقوا ما يملكون من أموال في رحلة مغادرتهم من الخرطوم إلى بورتسودان، حيث كان سعر تذكرة المواصلات قرابة 300 دولار للشخص الواحد".

وكشف ناجي أن "عدد اللاجئين في بورتسودان حسب الإحصائية المسجلة بعد الإجلاء وصل إلى نحو خمسة آلاف شخص، مع احتمالية ازدياد العدد"، لافتا إلى أن "الأمم المتحدة غير موجودة على الأرض نهائيا، والتبرعات التي تقدمها بعض الدول يصل القليل منها فقط"، مشيرا لتخوف السوريين في بورتسودان من وضعهم في مخيمات اللجوء.

(الأناضول)

المساهمون