الذهب السوري... علامة مسجلة نقلها اللاجئون إلى تركيا

الذهب السوري... علامة مسجلة نقلها اللاجئون إلى تركيا

10 سبتمبر 2022
يقبل كثيرون على شراء الذهب السوري (بوراك كارا/ Getty)
+ الخط -

ساهم الذهب السوري في تنشيط الأسواق التركية، وسدّ ربما، ثغرة تجارية كان يفتقدها السياح العرب وآخرون، وإن كان بعض الصاغة السوريين في البلاد يحاربون.

حين وصلت السورية أمل يوسف المتحدرة من محافظة إدلب شمالي سورية إلى تركيا مع عائلتها نهاية عام 2012، وجدت صعوبة في بيع حليها ليفتتح زوجها متجراً صغيراً في حي الفاتح بإسطنبول، وكان الصاغة يرفضون شراء الذهب من عيار 21 قيراطاً، أو شراءه بسعر رخيص، مدعين أنهم سيكسرونه ويعيدون تصنيعه معتمدين العيارات المطلوبة في تركيا كعيار 14 أو 22 قيراطاً.

تضيف: "في الوقت الحالي، باتت محال الصاغة السورية بحي الفاتح تنافس المحال التركية بعددها وحجم المبيع، لأن السياح العرب والخليجيين على وجه الخصوص يقبلون على شراء الذهب السوري وخصوصاً الذهب الشامي والحلبي أكثر من التركي".
وتقول يوسف إن الذهب التركي تدخله أحجار لا قيمة لها أثناء البيع، وبيعه خارج تركيا يرخّصه. لذلك، لاقت محال الصياغة السورية بتركيا إقبالاً من قبل السوريين وغير السوريين الذين يرغبون بعيار 21 قيراطاً وخصوصاً أن لونه أكثر تفضيلاً بين الشابات. أما الأكبر سناً، فيفضلن العيارات الثقيلة 22 كون لونها أكثر حمرة.

ولم يفلح أصحاب محال الذهب السوري في استقطاب الكثير من الأتراك، كما يقول الصائغ أحمد أبو شعر بحي الفاتح بإسطنبول، معتبراً أن أحد الأسباب يرتبط بشائعة انتشرت في بعض الأوساط التركية، وتفيد بأن الذهب السوري مسروق أو يهرب بشكل غير شرعي من سورية. أما الثاني، فيتعلق بعادات النساء؛ إذ إن الذهب من عيار 21 غير منتشر في تركيا.
وكان رئيس غرفة الصاغة في ولاية غازي عينتاب سيدات أوزدينتش، قد حذر في مارس/ آذار العام الماضي الأزواج من شراء الذهب السوري منخفض العيار والذهب المزيّف. وجاء تحذير أوزدينتش مع توقعات بازدياد مبيعات الذهب خلال الفترة التي ترافقت مع العودة إلى الحياة الطبيعية في تركيا بعد الإجراءات التي كانت مُتبعة في البلاد للحد من تفشي فيروس كورونا الجديد. 
وقال إن هناك فرقاً كبيراً في السعر بين الذهب عيار 21 قيراطا، والمعروف بـ "الذهب السوري"، والذهب من عيار 22 قيراطا. ويتوجب على كل من الصاغة ومشتري الذهب الانتباه، مشيراً إلى صعوبة التمييز بين نوعي الذهب حتى من قبل الخبراء.
إلا أن ذلك التحذير لم يؤثر، بحسب أبو شعر، على الزبائن الأتراك على قلتهم. ويقول لـ "العربي الجديد" إن شغل الذهب السوري يبقى مختلفاً وأكثر حداثة واحتواء على التفاصيل، وخصيصاً في ورشات صاغة جلها في مدينة غازي عينتاب على الحدود السورية، والتي توزع على محلات في إسطنبول وغيرها بناء على طلب الصاغة.

الصورة
يقبل كثيريون على شراء الذهب السوري (بوراك كارا/ Getty)
أحد محال بيع الذهب في إسطنبول (بوراك كارا/ Getty)

ولا يتنكر الأتراك لدور الصاغة السوريين في السوق اليوم. يقول الصائغ مصطفى شيميرين إن "محال الصاغة السورية  منافسة لتلك التركية لأنها تبيع عيارات وموديلات مختلفة، ولا يشتري الأتراك منها، في حين لا يزال نحو 30 في المائة من زبائنه سوريين، على الرغم من فتح محال صاغة سورية، والسبب برأيه جودة الذهب التركي وحداثة موديلاته".

وتبقى الجدلية قائمة حتى اليوم، إذ لا يعترف صاغة أتراك بوجود ذهب سوري بل هناك عيار غير مرغوب به بتركيا، يستغله السوريون، كما أنهم يشتغلون بعيارات مشتركة، مثل 14 و18 قيراطاً.
من جهته، يقول رجل الأعمال السوري محمد نور الأتاسي: "يوجد ذهب سوري على الرغم من رفض الأتراك الاعتراف بالأمر. فرضنا وجودنا على الساحة وفي السوق". يضيف في حديثه لـ "العربي الجديد": "الذهب من عيار 21 لم يكن معروفاً في تركيا، أو على الأقل لا يباع في محال الصاغة قبل وصول السوريين وافتتاح محال وورش الصاغة بعد عام 2012. بعض القصص التي بدأت ببيع حلي لاجئة أو مكتنزات أسرة لفتح مشروع أو تدبر المعيشة بتركيا بعد اللجوء، تحولت اليوم إلى محال وورش ومصانع في معظم الولايات التركية. ويوجد في إسطنبول نحو 100 صائغ موزعين على معظم أماكن تواجد اللاجئين السوريين، كغازي عينتاب التي يعيش فيها 53 صائغاً سورياً يبيعون الذهب من عيار 21 قيراطاً على سبيل المثال".

ويشير إلى أن "عدد السوريين العاملين بقطاع الذهب لم يحسبوا بجدارة على خريطة الذهب التركي، لأننا نتحدث عن أكثر من 250 ألف شخص يعملون بقطاع تجارة الذهب في تركيا، وعدد الصاغة 47 ألفاً، وهذا تصريح رسمي لرئيس بورصة الذهب في إسطنبول سردار تشيتاك. لكن أثبت الصاغة وأصحاب الورش، وخصوصاً القادمين من مدينة حلب، وجودهم وباتوا من أرباب الكار ليس على مستوى السوق التركي المحلي فحسب، إذ باتوا يصدرون مصوغاتهم من العيار السوري إلى العراق ودول الخليج وحتى أفريقيا".
ويقول الأتاسي إن الذهب التركي الأكثر تداولاً هو من عيار 22 قيراطاً، وتكون نسبة التفاصيل خلال تصنيع القطع الدقيقة والموديلات الحديثة أصعب من الذهب من عيار 21. بمعنى أنه كلما زاد عيار الذهب زادت طراوته واحتمال كسره. لذلك، فإن أكثر التفاصيل تصاغ من عيارات 14 و18 قيراطاً.
ويكشف الأتاسي ما يعتبره سراً لا يعرفه كثيرون، ويقول إن "على كل قطعة ذهبية دمغة من الداخل؛ فدمغة 875 تعني أن الذهب عيار 21 قيراطاً ودمغة 916 تعني أن الذهب عيار 22 قيراطاً". ويختم حديثه قائلاً إن "دمغة النقابة التركية تختلف عن دمغة الذهب السوري، ولكن الذهب من عيار 22 قيراطاً قليلا ما يقبله الصائغ في سورية، بل يحتسبونه عيار 20 أو 20.5 قيراطاً، وهذا ربما أحد أسباب عدم إقبال السوريين على اقتناء الذهب من عيار 22 قيراطا".

المساهمون