التدفئة بمخلفات الحرب.. الموت يلاحق النازحين السوريين

التدفئة بمخلفات الحرب.. الموت يلاحق النازحين السوريين

12 يناير 2023
يلجأ النازحون إلى وسائل بدائية للحصول على التدفئة (عارف وتد/فرانس برس)
+ الخط -

مواقد التدفئة إحدى وسائل النازحين في شمال غرب سورية للفرار من برد الشتاء، غير أن ضعف مواد التدفئة وقلة الدعم يجعلان النازحين يبحثون في الأراضي الزراعية ومحيط المخيمات عن كل ما يمكن إحراقه من مخلفات وحطب وبلاستيك، والتي قد تتضمن أحيانا مخلفات حربية، أسفرت منذ بداية العام عن مقتل طفلين وإصابة آخرين. 

في ريف حلب الشمالي، قتل طفل وأُصيب ثلاثة أطفال أشقاء، أمس الأربعاء، إثر انفجار مقذوف من مخلفات الحرب أثناء إشعالهم مدفأة في منزل يقطنونه في خربة ندة شرق مدينة أعزاز، وفي ذات اليوم، أصيب طفلان وامرأة إثر انفجار مجهول السبب في مدفأة داخل خيمتهم في مخيم عشوائي داخل بلدة برشايا بريف إدلب الشرقي.

والسبت الماضي، قُتل طفل إثر انفجار مقذوف ناري من مخلفات الحرب في أرضٍ زراعية بالقرب من بلدة زردنا بريف إدلب الشمالي.  

يشير فريق "منسقو استجابة سورية"، اليوم الخميس، إلى أن هؤلاء الضحايا والمصابين سقطوا نتيجة الاعتماد على وسائل بدائية للحصول على التدفئة، وذلك مع انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير، في ظل تراجع دعم التدفئة للمدنيين في شمال غرب سورية من قبل المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة.

"منسقو استجابة سوريا": 64.8 % من النازحين لم تحصل على مواد التدفئة لهذا العام.

وطالب الفريق في بيانٍ، اليوم الخميس، المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة بتقديم المزيد من دعم مواد التدفئة إلى النازحين في المخيمات لتجنب المزيد من الحوادث المميتة، مُشيراً إلى أن 64.8% من النازحين لم يحصلوا على مواد التدفئة لهذا العام.

ودعا "منسقو الاستجابة" كافة الجهات المتخصصة بإزالة مخلفات الحرب إلى توسيع نطاق البحث الميداني في كافة المناطق، وتحديداً محيط المخيمات والأراضي الزراعية، خاصةً أن العام الماضي سجل مقتل 14 طفلاً وإصابة 35 آخرين نتيجة تلك الانفجارات.

 

من جهته، أكد محمد سامي المحمد، وهو مسؤول مراكز برنامج "إزالة مخلفات الحرب" لدى منظمة "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء)، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة في الدفاع المدني السوري أجرت أكثر 1300 عملية مسح غير تقني في أكثر من 430 منطقة ملوثة بالذخائر"، مُشيراً إلى أن "الفرق أزالت 990 ذخيرة متنوعة من بينها 430 قنبلة عنقودية، في 890 عملية إزالة"، موضحاً أن "الفرق قدمت جلسات توعية من مخاطر الألغام ومخلفات الحرب، استفاد منها 50 ألف مدني من بينهم أطفال ومزارعون".

وأوضح المحمد أن "الدفاع المدني السوري وثق، خلال العام الفائت، 32 انفجاراً لمخلفات الحرب في شمال غرب سورية، أدت لمقتل 29 شخصاً بينهم 13 طفلاً، وإصابة 31 آخرين بينهم 22 طفلاً، وامرأة"، لافتاً إلى أن "الخوذ البيضاء" لأغلب هذه الانفجارات الناجمة عن مخلفات الحرب.

الدفاع المدني السوري وثق خلال العام الفائت، 32 انفجاراً لمخلفات الحرب في شمال غربي سوريا

ولفت مسؤول المراكز إلى أنه مع استمرار الحرب وتعمّد قوات النظام وروسيا القصف بالقنابل العنقودية وغيرها من الذخائر، يعيش السوريون خطراً طويل الأمد على حياة الأجيال القادمة، وخاصة الأطفال لجهلهم بماهية هذه الذخائر وأشكالها وخطرها على حياتهم، مشدداً على أن الظروف الصعبة للسكان وعدم قدرتهم على شراء المحروقات تجبرهم على الاعتماد على حرق البلاستيك أو جذوع الأشجار، ووفق استجابات فرقنا خلال الفترة السابقة، فإن أغلب حوادث الانفجار في المدافئ تكون ناتجة عن وجود مخلفات حرب ضمن حطب التدفئة أو البلاستيك المستخدم في التدفئة.

إلى ذلك، قال عمر الأحمد، وهو نازح يقيم بمخيم قرب مدينة أعزاز في ريف حلب الشمالي، في حديث لـ"العربي الجديد": "بسبب عدم قدرتنا على شراء مواد التدفئة بشكل دائم، نبحث عن مواد يمكن استخدامها للتدفئة، في بعض الأحيان يجمع الأطفال أكياس النايلون والقطع الخشبية والأعواد، ونستخدمها في إشعال المدفأة. صادفت فوارغ طلقات رشاشات مضادة للدروع، لكنها غير مؤذية، وأيضا وجدت مقذوفات غير منفجرة لرشاشات (شيلكا)، وهي سلاح مضاد للطيران كان يستخدمه النظام في القصف، هي مخيفة جدا، أحد الأطفال من أقربائي فقد كفّ يده بانفجار أحدها عندما كنا في ريف حمص".

وأضاف الأحمد: "ما يدفعنا لجمع هذه المواد عدم توفر عمل دائم لنا، منذ حوالي الشهر أنا من دون أي عمل، وأستدين حاجاتي من المحال التجارية، لا يمكن لي شراء مواد التدفئة في ظل ظروف صعبة كهذه".

ومضى قائلاً: "لدي 4 أطفال أكبرهم بعمر 13 عاما، يستخدمون البطانيات للتدفئة. وأكياس النايلون وغيرها تصدر روائح كريهة للغاية عند إشعالها، لكننا مجبرون على استخدامها. أتوخى الحذر دائما وأحذر أطفالي من الاقتراب من أي شيء معدني على الأرض، سواء كنت معهم أو بعيدا عنهم، خوفا من أن يكون قابلا للانفجار".

المساهمون