إنكلترا تجمّد رسوم وصفة الدواء وسط الأزمة المعيشية

25 مايو 2022
للمرّة الأولى منذ أكثر من عقد جُمّدت رسوم الوصفات الطبية في إنكلترا (كريس جاي راتكليف/ Get
+ الخط -

أعلنت الحكومة البريطانية في الخامس عشر من مايو/ أيار الجاري عن تجميد رسوم الوصفات الطبية لشراء الأدوية في إنكلترا للمرّة الأولى منذ أكثر من عشرة أعوام، من أجل المساعدة في تخفيف أزمة تكاليف المعيشة. وبحسب ما صرّح وزير الصحة والرعاية الاجتماعية ساجد جاويد، فإنّ الهدف من هذه الخطوة هو إعادة الأموال إلى جيوب الناس، في ظلّ ارتفاع تكاليف المعيشة. ومع بلوغ التضخّم أعلى مستوى له منذ 30 عاماً، اضطرّ الناس إلى تقليص ميزانياتهم، لا سيّما مع ارتفاع أسعار الغذاء.
واللافت أنّ إنكلترا هي الوحيدة في المملكة المتحدة التي يدفع فيها الناس بدلاً مالياً في مقابل الحصول على وصفات طبية، فيما تتوفّر مجاناً للجميع في أيرلندا الشمالية واسكتلندا وويلز. لكنّ إنكلترا تستثني فئات محدّدة من الدفع، وتضمّ المتقاعدين الذين تجاوزوا 60 عاماً، والأطفال الذين لم يبلغوا 16 عاماً، والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 16 و18 عاماً والذين ما زالوا في التعليم بدوام كامل، والنساء الحوامل أو اللواتي أنجبنَ في الأشهر الاثنَي عشر الماضية واللواتي يحملنَ شهادة إعفاء بسبب الأمومة سارية المفعول، والأشخاص المصابين بحالات طبية محدّدة والذين يحملون شهادة إعفاء طبي سارية المفعول، وهؤلاء الذين يعانون من إعاقة جسدية دائمة تمنعهم من الخروج من دون مساعدة شخص آخر ويحملون شهادة إعفاء طبي سارية المفعول، والأشخاص الحاصلون على شهادة إعفاء سارية المفعول لإصابات تعرّضوا لها بسبب الحرب، والمرضى في مستشفيات هيئة خدمات الصحة الوطنية. ومن المستثنين كذلك حاملو وصفات طبية مجانية من متقاعدين وطلاب وأشخاص يتلقّون إعانات إلى جانب الأشخاص الذين يعيشون في دور رعاية.

وقد جرت العادة أن ترتفع الرسوم بما يتماشى مع التضخّم، لكنّه مع صدور قرار يقضي بتثبيت الأسعار على حالها هذا العام، سوف ينجو ملايين الأشخاص في إنكلترا من "حرمانهم" من الدواء. ويصل المبلغ الذي يدفعه هؤلاء في مقابل الوصفات الطبية إلى 17 مليون جنيه إسترليني (نحو 21 مليون دولار أميركي)، وفقاً لوزارة الصحة والرعاية الاجتماعية. 
في هذا الإطار، يقول جاويد إنّه لا مفرّ من ارتفاع تكاليف المعيشة في ظل مواجهة تحديات عالمية وتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا. يضيف: "بما أنّنا عاجزون عن منع هذه الارتفاعات، نسعى إلى تقديم المساعدة حيث يمكننا ذلك... لهذا السبب أجمّد رسوم الوصفات الطبية للمساعدة في تخفيف بعض هذه الضغوط وإعادة الأموال إلى جيوب الناس".
وأكّدت وزارة الصحة أنّ رسوم الوصفة الطبية سوف تظل 9.35 جنيهات إسترلينية (نحو 11.60 دولاراً) أو 30.25 جنيهاً إسترلينياً (نحو 37.6 دولاراً) للوصفة مسبقة الدفع لمدّة ثلاثة أشهر. لكنّ بول الذي يعيش في لندن يعلّق على الأمر، سائلاً باستهجان: "كيف يجرؤ هؤلاء النواب في حزب المحافظين على التفكير في زيادة أسعار الوصفات الطبية، فيما هي متوفّرة مجاناً للجميع في باقي أنحاء البلاد؛ اسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية؟". يضيف الرجل الستيني الذي اكتفى بالتعريف عن نفسه باسمه الأوّل، لـ"العربي الجديد": "وكم من أشخاص توفوا لأنّهم فشلوا في تحمّل تكاليف الدواء؟".

أدوية في صيدلية في بريطانيا (إيزابل إنفانتس/ فرانس برس)
لا يؤثّر تجميد أسعار الوصفات الطبية على الصيادلة (إيزابل إنفانتس/ فرانس برس)

من جهته، يقول روبرت، وهو كذلك من سكان لندن، لـ"العربي الجديد": "يجب أن نسأل المجالس البلدية الإنكليزية وأعضاء البرلمان على ماذا يهدرون أموالنا التي ندفعها كضرائب أملاً في الحصول على خدمات رعاية أفضل؟". يضيف الرجل الأربعيني الذي اكتفى بالتعريف عن نفسه باسمه الأوّل: "يبدو واضحاً أنّ الدول الثلاث الأخرى (ويلز واسكتلندا وأيرلندا الشمالية) تدير ميزانياتها بشكل أفضل لتوفير الوصفات الطبية مجاناً". ويكمل روبرت ساخراً: "كنت قلقاً جداً بشأن ارتفاع الأسعار. شكراً لكم سوف أوفّر 32 بنساً (0.40 دولار) هذا العام، وفي المقابل سوف تتضاعف فاتورة الطاقة الخاصة بي لتصل إلى 3760 جنيهاً (نحو 4665 جنيهاً)".
وتتشابه تعليقات المواطنين البريطانيين حول خطة الحكومة في تجميد أسعار الوصفات الطبية، ويبدو جليّاً أنّهم غير راضين عنها وهي غير كافية لمساعدتهم في مواجهة ارتفاع تكلفة المعيشة الجنوني الذي اجتاح البلاد.
ويقول الصيدلاني شاه الذي تحفّظ عن ذكر اسمه كاملاً، من غرينفورد إحدى ضواحي العاصمة البريطانية، لـ"العربي الجديد"، إنّه "حتى أكون منصفاً، لا تؤثّر خطوة تجميد أسعار الوصفات الطبية علينا على الإطلاق، لأنّ هيئة خدمات الصحة الوطنية هي التي تتلقّى الأموال في مقابل الوصفة الطبية، فيما نتقاضى نحن المبلغ ذاته في مقابل الأدوية والوصفات الطبية".
تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة البريطانية وهيئة خدمات الصحة الوطنية ما زالتا تعملان على معالجة ما فرضه وباء كورونا من ضغط هائل على خدمات الرعاية الصحية، وذلك من خلال إصلاح خدمات الرعاية الروتينية وإنهاء فترات الانتظار الطويلة وتحسين رعاية المرضى.
ومن المقرّر استثمار 39 مليار جنيه إسترليني (نحو 48.4 مليار دولار) في الأعوام الثلاثة المقبلة، بهدف توفير التمويل الذي تحتاجه هيئة خدمات الصحة الوطنية. كذلك تنشئ الهيئة مراكز جراحية جديدة و160 مركزاً للتشخيص المجتمعي حتى يتمكّن المرضى من الاستفادة بسهولة من الفحوصات على مقربة من منازلهم، علماً أنّ ثمّة 88 مركزاً يقدّم خدماته حالياً بالفعل.

وبحسب موقع وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية، فإنّ الحكومة البريطانية تنصت إلى مخاوف الناس وتهدف إلى دعم أصحاب الأجور المتدنية في المجتمع، مع تدابير تزيد قيمتها عن 22 مليار جنيه إسترليني (نحو 27.30 مليار دولار) في عامَي 2022 و2023 للمساعدة في توفير تكاليف فواتير الطاقة ولضمان احتفاظ الناس بمزيد من أموالهم.

المساهمون