إلغاء الدورة التكميلية لطلاب الثانوية السورية

18 ديسمبر 2023
قرار يفاجئ طلاب الثانوية العامة السورية (جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -

وافق مجلس وزراء النظام السوري بالإجماع على اقتراح وزير التربية محمد عامر مارديني إلغاء الدورة الامتحانية الثانية (التكميلية) بالنسبة لطلاب شهادة الثانوية العامة. ما يعيد نظام امتحانات الثانوية العامة إلى ما قبل عام 2012، إذ ينجح الطالب في حال الرسوب بمادتين باستثناء اللغة العربية، شرط أن يحقق فيهما معدل ربع العلامة. 
وبرر مارديني القرار، خلال مقابلة تلفزيونية، بأن ضغط الامتحانات يؤدي إلى إرهاق العاملين في القطاع التربوي، إضافة إلى تكلفة مادية هائلة، كما يؤدي إلى انخفاض معدلات القبول الجامعي، مضيفاً أن "جميع مواد شهادة الثانوية العامة بفرعيها العلمي والأدبي ستكون مؤتمتة كلياً باستثناء اللغة العربية اعتباراً من دورة عام 2023- 2024". 
وقبل شهر، أشار مارديني إلى احتمال صدور هذا القرار، تاركاً الطلاب وعائلاتهم في حيرة، فيما لم يتوقع أحد صدوره في منتصف العام الدراسي، ما يشكل إرباكاً كبيراً للطلاب والمعلمين الذين أنجزوا نصف المنهاج المقرر على أساس دورتي امتحان غير مؤتمتة. 
يؤيد المدرس أيمن نوفل القرار، ويقول لـ"العربي الجديد" إن نظام الأتمتة هو الأفضل في الامتحانات، ويطالب بتطبيقه على جميع المراحل التعليمية، لكنه في الوقت نفسه ينتقد التسرع في تطبيق القرار، وعدم استثناء طلاب العام الدراسي الحالي. مضيفاً: "يتدرب الطلاب على نماذج وزارية محددة مسبقاً، وهذه النوعية من الامتحانات تحتاج إلى منهج تدريسي مختلف. الطلاب والمدرسون غير جاهزين لإنجاز هذا النوع من الامتحانات بعد مرور نصف العام الدراسي". 
وتُعتبر شهادة الثانوية العامة بفرعيها العلمي والأدبي هي المفصل الأساسي في مصير شباب سورية، وتنعكس آثارها السلبية والإيجابية على حياة أسرهم، إذ غالباً ما تستدين الأسر من أجل تأمين تكاليف الدورات التعليمية أو الدروس الخاصة بعد أن تراجع مستوى التعليم في المدارس الحكومية. 
تقول الطالبة رشا فهد، من العاصمة دمشق، لـ"العربي الجديد"، إنها طالبة معيدة في الفرع العلمي، ولم تستثمر الدورة التكميلية خلال العام الفائت بهدف الاستفادة منها في هذا العام، على الرغم من أنها كانت بحاجة إلى النجاح في مادة واحدة، لكنها فضّلت أن تعيد العام من أجل تحصيل معدل أفضل. تضيف: "اتبعت دورات تعليمية في معظم المواد منذ بداية الصيف الماضي، واليوم بعد صدور هذا القرار، أشعر بخيبة أمل، وعدم القدرة على مواصلة المتابعة". 

تفتقر مدارس النظام السوري إلى الكوادر التعليمية (ديفيد ديغنر/Getty)
تفتقر مدارس النظام السوري إلى الكوادر التعليمية (ديفيد ديغنر/Getty)

وتوضح الطالبة ثراء الشامي لـ"العربي الجديد" أنها لا تزال تأمل في التراجع عن هذا القرار، أو تأجيله إلى العام القادم، "فجميع الطلاب مستعدون للأساليب القديمة في كتابة الأجوبة وطريقة دخول الامتحان، وغالباً ما كان يشجعنا أن هناك فرصة أخرى في حال الفشل بإحدى المواد. على الرغم من أفضلية الاختبار بأسلوب الأتمتة، لكننا لم نهيأ أنفسنا له منذ بداية العام". 
وعلل وزير التربية إلغاء الدورة التكميلية بأنه يؤدي إلى انخفاض معدلات القبول الجامعي من دون أن يشير إلى الأسباب التي تؤدي إلى انخفاض المعدلات. يقول مدرس الرياضيات المفصول لأسباب سياسية نضال عامر، لـ"العربي الجديد"، إن "القرار الجديد يحرم الطلاب من تعديل بعض المواد، ويحرم آخرين من النجاح في بعضها، وبالتالي ستنخفض نسب الطلاب المتفوقين، ومعدلات الطلاب المرتفعة، وكذلك عدد الطلاب الناجحين، وبالتالي نسب النجاح، ما سيخفض من معدلات القبول الجامعي".

طلاب وشباب
التحديثات الحية

ويضيف عامر أن "وزارة التربية التابعة للنظام تعاني من نقص كبير في الكادر التدريسي، والعديد من مدارس سورية تفتقر إلى الكوادر التعليمية، بالإضافة إلى نقص كبير في التجهيزات الأساسية والتعليمية، وكل هذا يدفع الوزارة إلى التفكير بأساليب اقتصادية أكثر من الأساليب العلمية والتربوية. لا يصح تطبيق نظام الأتمتة إلا وفق منهاج دراسي يبدأ من المرحلة الابتدائية، فكثير من المواد ستتعرض للغُبن وفق نظام الأتمتة، ومنها مواد الرياضيات والفيزياء، كما سيتعرض الطلاب للظلم، إذ إن طرق الحل في النماذج الكتابية تختلف في حال الأتمتة، فخطأ صغير كفيل بتغيير خيار الطالب، وبالتالي تعتبر الإجابة خاطئة".
وبعيداً عن قرار إلغاء الدورة التكميلية بالإجماع، فإن هناك رأياً آخر يتعلق بخصخصة التعليم، إذ يسعى النظام السوري إلى الخلاص من كل ما يتعلق بالقطاع العام، واستغلاله عبر أذرعه الاقتصادية، ومن ذلك انتشار الجامعات الخاصة التي باتت تعمل على جذب أكبر عدد ممكن من الطلاب رغم الكلفة العالية، ويرى كثيرون أن إلغاء الدورة التكميلية يصب في مصلحة الجامعات الخاصة.

المساهمون