إقرار تدريس اللغة الإيطالية في الثانويات الليبية

20 سبتمبر 2022
التعليم في ليبيا متراجع منذ سنوات (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -
قررت وزارة التربية والتعليم التابعة لحكومة الوحدة الوطنية الليبية تدريس اللغة الإيطالية كمادة اختيارية لطلاب المدارس الثانوية ابتداء من العام الدراسي المقبل. 
وتدرس المواد الأساسية في كل مراحل التعليم الأساسي في ليبيا باللغة العربية باعتبارها لغة البلاد الرسمية، إضافة إلى تدريس اللغة الإنكليزية في كل المراحل كمادة أساسية ضمن المقررات الدراسية. 
وأوفدت الوزارة 60 من مدرسي المرحلة الثانوية إلى إيطاليا، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، للتدرب على تدريس اللغة الإيطالية، قبل أن تعلن، في نهاية أغسطس/آب الماضي، اعتمادهم مدرسين متخصصين، كما تستعد لإيفاد 30 مدرساً آخرين لذات الغرض، بالتنسيق مع السفارة الإيطالية في ليبيا، التي طلبت منها الوزارة المساعدة في إعداد المناهج الدراسية لتناسب المقررات الليبية. 
وجاءت هذه الخطوة بناء على اتفاق أعلنته السفارة الإيطالية في ديسمبر/كانون الأول 2020، مع وزير التعليم بحكومة الوفاق الوطني السابقة، لتدريس اللغة الإيطالية في المدارس الثانوية، وتوقيع مذكرة تفاهم بين الطرفين في هذا الشأن. 
وفي يونيو/حزيران 2021، أكد وزير التعليم في حكومة الوحدة الوطنية، موسى المقريف، استمرار الوزارة في سعيها لتدريس اللغة الإيطالية بعد الانتهاء من تدريب عدد من المعلمين في إيطاليا، مشيراً إلى أن هناك سعياً موازياً لتدريس اللغة الفرنسية أيضاً خلال أعوام لاحقة. 
واعتبر المقريف أن هذه الخطوة تأتي في إطار "انفتاح الوزارة على العالم الخارجي، والاعتقاد بأن اللغات الأجنبية أساسية لتطوير نظام التعليم" وفق الصفحة الرسمية للوزارة على موقع "فيسبوك"، مشيراً إلى عزمه على زيارة إيطاليا لإبرام اتفاقات وشراكات مع وزارة التعليم هناك بشأن التعاون في دعم ركائز العملية التعليمية، المتمثلة في الطالب والمعلم والبيئة التعليمية والوسائل التعليمية. 
وفي خطوة لتعزيز القرار، أعلنت الوزارة بدء حصر حاملي الشهادات الجامعية في اللغة الإيطالية، في إطار خطة لإدراج اللغات الأجنبية كمواد اختيارية في سنوات التعليم الثانوي، مؤكدة أنها ستستفيد بالخريجين في تدريس اللغة الإيطالية، داعية الراغبين إلى الدخول على موقعها الإلكتروني الرسمي، وتعبئة النماذج الخاصة بالتسجيل. 
ويعد تدريس اللغة الإيطالية في المدارس الليبية أحد بنود اتفاق الصداقة الليبي الإيطالي الموقع في عام 2008، لكن الناشط خميس الرابطي يتساءل عن "جدوى تدريس لغات دول لا تنتج معرفة في بلدانها، بدلاً من الاهتمام بتطوير مناهج اللغة الإنكليزية. هذه الخطوات لا تعكس سوى العشوائية التي تسيطر على قرارات وزارات التعليم في الحكومات المتعاقبة". 
يدرس طلاب ليبيا الإنكليزية كمادة أساسية (محمود تركية/ فرانس برس)
يدرس طلاب ليبيا الإنكليزية كمادة أساسية (محمود تركية/ فرانس برس)
ويوضح الرابطي، لـ"العربي الجديد"، أن "حديث وزير التعليم عن الانفتاح على العالم، وأن الإيطالية ستكون مقدمة لتدريس لغات أخرى كالفرنسية، لا يستند إلى دراسات حول واقع التعليم، بل ربما وراءه مصالح سياسية يبدو أنها تميل إلى إيطاليا التي من مصلحتها توسيع دائرة تداول لغتها". 
في المقابل، يدافع مفتاح زرق الله، الحاصل على ليسانس في اللغة الإيطالية، عن القرار قائلاً: "أعتقد أن هدف خطة وزارة التعليم بتدريس الإيطالية في المرحلة الثانوية، التي تسبق المرحلة الجامعية، هو إيفاد عدد من الطلاب للدراسة بالجامعة الإيطالية، وأن يكونوا على دراية باللغة الإيطالية"، مشيراً إلى أن اتفاق الصداقة الليبي الإيطالي يتضمن العديد من البنود الخاصة بالتعليم، ومنها التكفل بمصاريف تدريس طلاب ليبيين للحصول على درجات الماجستير والدكتوراه في الجامعات الإيطالية.
يضيف زرق الله لـ"العربي الجديد": "لدينا أقسام لتدريس اللغة الإيطالية في كليات اللغات بجامعاتنا، وتدريسها كمادة لطلبة الثانوية سيمكن خريجي هذه الأقسام من التوظيف الحكومي في مدارسنا، ولا أدري أين المشكلة التي يمكن أن يحدثها تعلم طالب للغة أجنبية؟ على العكس، فإن في ذلك إضافة معارف جديدة له". 
طلاب وشباب
التحديثات الحية
تبدو نجلاء الشويطر، المسؤولة بقسم التقييم والأداء في إدارة مراقبات التعليم، شبه متفقة مع رأي الرابطي، إلا أنها تضيف: "الاعتراض ليس على تدريس لغات أجنبية، بل على توقيت القرار، فالمؤسسات التعليمية تئن من الفساد والتراجع الكبير في مستوى المعلم والطالب، وبالتالي فإن الأولوية لإصلاح التعليم عبر خطط ترفع من كفاءته". 
وتؤكد الشويطر، لـ"العربي الجديد"، أن "اللغة الإنكليزية وحدها كافية للانفتاح على العالم، فهي لغة العلم حالياً، ولا أعتقد أن القرار مدروس من جميع جوانبه، خصوصاً إذا نظرنا إلى عدد الموفدين، وهو قليل جدا بالنسبة إلى عدد المدارس في البلاد، كما أن الموفدين هم من خريجي أقسام اللغة الإيطالية بجامعاتنا، والهدف كان دعمهم بمزيد من القدرات للتمكن من ممارسة التعليم". 
المساهمون