أهالي شمال سيناء يبنون مدارس أبنائهم بأيديهم

أهالي شمال سيناء يبنون مدارس أبنائهم بأيديهم

07 أكتوبر 2022
بناء مدرسة في شمال سيناء بالجهود الذاتية (العربي الجديد)
+ الخط -

قرر أهالي "نجع شيبانة" جنوب مدينة رفح في محافظة شمال سيناء، شرقي مصر، إعادة الحياة لقريتهم بمبادرات فردية، وكان بناء مدرستين لطلاب وطالبات المنطقة من بين المبادرات، في ظل تأخر الجهات الحكومية في معالجة آثار مكافحة الإرهاب، وتوفير أساسيات الحياة للمواطنين العائدين إلى قراهم التي هجروا منها قبل سبع سنوات.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وقال سليمان أبو علي، من سكان قرية نجع شيبانة، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة ومحافظة شمال سيناء وعدتا بتنفيذ خطط التنمية في المناطق التي عاد إليها السكان بعد طرد تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم داعش الإرهابي، والذي ما كان ليحدث لولا مشاركة عشرات من سكان رفح والشيخ زويد، في حين تخلت الجهات الحكومية عن تعهداتها، وتركت الأهالي يواجهون مآسي الخراب والدمار اللذين خلفهما التنظيم الإرهابي والعمليات العسكرية.
وأضاف أن "أهالي المنطقة قرروا البحث عن بدائل للتدخل الحكومي عبر المبادرات الفردية والقبلية، وبدء العمل على مد المنطقة بخطوط الكهرباء، وتوفير خطوط إمداد مياه للشرب، ثم بناء مدرستين، إحداهما ابتدائية والأخرى إعدادية لاستقبال أكثر من 300 تلميذ في مناطق جنوب رفح التي عاد إليها أهلها أخيراً، وتم بناء المدرستين بإجمالي عشرة صفوف مدرسية، وبناء سور يحيط الصفوف والفناء، ويضم بوابات لضبط دخول وخروج الطلاب، والحرص على التزامهم بالتعليم".

الصورة
تتجاهل الحكومة بناء المدارس للمتضررين في سيناء (العربي الجديد)
تتجاهل الحكومة بناء المدارس للمتضررين في سيناء (العربي الجديد)

وأشار أبو علي إلى أنه "تمت مخاطبة كل الجهات الرسمية، ومن بينها محافظة شمال سيناء، ومديرية التعليم، وجهاز تنمية سيناء، ومشروع حياة كريمة، ومؤسسات الرعاية الاجتماعية، إلا أن الردود كلها كانت سلبية، ولم يلب أي منها الدعوة لدعم المشروع، ما دفع الأهالي إلى البناء على نفقتهم الخاصة رغبة منهم في الثبات على أرضهم القريبة من الحدود المصرية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تمثل قرية نجع شيبانة جزءا من البوابة الشرقية لمصر، ورسالة البناء بالجهود الذاتية أن أهالي سيناء لن يتركوا أرضهم مهما كلفهم ذلك".
ووفقا للمعلومات الحكومية الواردة على الموقع الإلكتروني لمحافظة شمال سيناء، فإن عدد مدارس مدينة رفح والقرى المحيطة بها بلغ قبيل بدء العمليات العسكرية في سيناء 59 مدرسة ابتدائية وإعدادية وثانوية، فضلاً عن 8 رياض أطفال، وكان يدرس فيها أكثر من 14 ألف طالب، لكن كثيراً من هذه المؤسسات التعليمية أصبح رماداً خلال عمليات الجيش المصري، وتحول بعضها إلى ثكنات عسكرية، وذلك بعد تهجير عشرات آلاف المواطنين من رفح ومحيطها، فيما تبقى سكان قرى جنوب رفح التي تقع خارج إطار المنطقة العازلة التي تقرر إنشاؤها في أكتوبر/تشرين الأول 2014، والتي دمرت كامل مدينة رفح التاريخية.
وحذرت مؤسسات حقوقية محلية ودولية بشكل متكرر من خطورة المساس بالنظام الصحي والتعليمي في سيناء، وضرورة معالجة الضرر الذي أصاب المؤسسات التعليمية والصحية ودور العبادة، خصوصاً وأن آلة الحرب لم تكن تفرق بين مبنى سكني أو تعليمي أو صحي، فجميع المباني في مدينة رفح وجنوب الشيخ زويد كانت هدفاً للقصف الجوي والمدفعي، ولم يسارع الجيش، أو الحكومة لمعالجة آثار القصف، رغم المسؤولية المباشرة عنها، بل ترك المواطنين يدفعون من أموالهم لبناء صفوف مدرسية تؤوي أطفالهم.

الصورة
مدرسة "نجع شيبانة" تستقبل تلاميذ جنوب رفح المصرية (العربي الجديد)
مدرسة "نجع شيبانة" تستقبل تلاميذ جنوب رفح المصرية (العربي الجديد)

وقال مسؤول حكومي في مجلس مدينة رفح لـ"العربي الجديد"، إن "إعادة بناء المؤسسات الحكومية، بما فيها المدارس والمراكز الصحية، مرتبطة بقرار من القيادة العسكرية في سيناء، والتي لم توعز حتى الآن إلى الجهات الحكومية بمباشرة العمل في المناطق التي عاد إليها سكان جنوب رفح والشيخ زويد، وإزالة آثار الحرب التي جرت على مدار تسع سنوات، وكل ما يجري في تلك المناطق هو اجتهادات من قيادات قبلية ومواطنين هدفهم تشجيع بقية العوائل على العودة إلى أراضيها لتعميرها مجدداً رغم كل المعيقات، والتي يمكن إنهاؤها بقرارات حكومية قابلة للتنفيذ".
وأضاف المسؤول  الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن "السكان يسمعون في وسائل الإعلام عن خطط لتنمية المناطق التي تم دحر الإرهاب فيها، لكن رسمياً لم يتم إبلاغ أي جهة حكومية بالقيام بأي إجراء داعم لعودة المواطنين، سواء فتح الطرق، أو إمداد القرى بالكهرباء والمياه، وتحسين الوضع التعليمي والصحي فيها، ورغم قدرة المحافظة على فعل ذلك، إلا أنها لا تستطيع فعله من دون قرار من الجهات الأمنية والعسكرية في ظل اعتبار كل مناطق محافظة شمال سيناء مناطق عسكرية مغلقة، والقرار الأول فيها لوزير الدفاع، أو من ينوب عنه في المحافظة".

ويعاني سكان شمال سيناء من إهمال حكومي كبير، خصوصاً المناطق التي شهدت العمليات العسكرية ضد تنظيم ولاية سيناء الإرهابي، وتكاد مدن رفح والشيخ زويد تخلو من الخدمات الحكومية الأساسية، ولم يتم ضمها إلى أي مشاريع حكومية للتطوير باعتبارها مناطق سبق إخلاؤها من السكان خلال السنوات الماضية، رغم مناشدات لا تنقطع من الأهالي بضرورة تحسين الأوضاع في أسرع وقت.
وانطلق العام الدراسي الجديد فى مصر، يوم السبت الماضي، في قرابة 60 ألف مدرسة بمختلف مراحل التعليم، في حين لا يجد طلاب جنوب رفح والشيخ زويد مقعدا للجلوس عليه، أو سبورة تقليدية للكتابة، في ظل التجاهل الحكومي للمنطقة.

المساهمون