أمن بلا جدوى في شوارع باكستان

أمن بلا جدوى في شوارع باكستان

10 مايو 2022
تشمل مخاطر الجرائم ايضاً المناطق المحصنة أمنياً (عبد المجيد/ فرانس برس)
+ الخط -

قتل عبيد الله البالغ 8 أعوام بتأثير الجروح الخطرة التي أصيب بها خلال مواجهة مسلحة حصلت بين مواطنين باكستانيين وأفراد عصابة إجرامية في منطقة نيو كراتشي في 25 إبريل/ نيسان الماضي. وفي تفاصيل القصة التي رواها محمد رضوان، والد الطفل، لـ"العربي الجديد"، أن الطفل كان يلعب خلال وقت العصر مع أقرانه أمام المنزل حين نفذ أفراد ينتمون لعصابة إجرامية عملية سرقة لمنزل. ولدى فرارهم حاول سكان المنطقة القبض عليهم، فأطلق المسلحون النار في كل الاتجاهات من أجل الحصول على فرصة الهروب، فأصابت النيران الطفل عبيد الله الذي نقل إلى المستشفى لكنه فارق الحياة.
يقول الوالد لـ"العربي الجديد": "فقدت ابني الحنون وفلذة كبدي في حادث أمني لا علاقة له بي أو بأسرتي، بل تتحمل مسؤوليته أجهزة أمن الدولة التي تفشل في التصدي للعصابات الإجرامية، فكيف يمكن أن يدخل ستة أشخاص منطقة مكتظة بالسكان في وضح النهار، ثم يقتحموا منزلاً لتنفيذ عملية السرقة من دون أن تعرف أجهزة الأمن أي شيء عن العملية. هذا أمر مؤسف سيحصد إذا استمر أرواح كثيرين مثل ابني عبيد الله".
وعلى هذا المنوال قتل الشاب العشريني محمد أياز وأصيب والده محمد شهزاد بجروح جراء إطلاق سارقين النار في منطقة سرجاني تاون بمدينة كراتشي، وهي منطقة محصنة أمنياً لكونها مركزا تجاريا مهما. وحصل ذلك بعد دخول هؤلاء السارقين محلاً تجارياً يملكانه. 
وأبلغ الوالد الجريح تفاصيل الحادث الذي وقع في 15 إبريل/ نيسان الماضي الشرطة بأن عدداً من السارقين دخلوا إلى المحل من دون أن يحملوا أسلحة أو آلات قد تتسبب بجروح، فاعتقد مع ابنه أياز بأنهم زبائن، لكنهم أخرجوا مسدسات من جيوبهم بعدما دخلوا، وطلبوا منهما الاستسلام، وإعطاءهم كل الأموال الموجودة في المحل، فحاول مع ابنه الخروج من المحل، وفعلا ذلك، لكن السارقين أطلقوا عليهم وابلاً من الرصاص، ما أدى إلى مقتل أياز بعد نقله إلى مستشفى عباسي شهيد. أما الوالد فشفي بعدما فقد ابنه وكل النقود التي تواجدت في المحل ذلك اليوم، لأن رجال العصابة لم يغادروا المحل فور إطلاق النار عليهما، وفتشوا أرجاءه وأخذوا معهم كل النقود الموجودة.

وعلّقت شرطة كراتشي على الحادث بأن أفراد عصابات قتلوا خلال تنفيذهم عمليات سرقة وخطف 20 شخصاً منذ بدء العام الحالي، بعدما واجهوا مقاومة من ضحاياهم الذين رفضوا إعطاءهم الأموال التي لديهم. كما أصيب 55 مواطناً في هذه الحوادث إلى جانب شرطيين ورجال أمن أحياناً، كما حصل في العاصمة إسلام آباد في 20 إبريل/ نيسان الماضي، حين لاحقت مجموعة من رجال الشرطة عصابة إجرامية ضالعة في أعمال السرقة وبيع المخدرات. وبعدما خاف أفراد العصابة من وصول الشرطة إليهم واعتقالهم، أطلقوا النيران ما أدى إلى مقتل شرطي يدعى محمد أيوب، ثم لاذوا بالفرار رغم الإجراءات الأمنية المشددة، وتنفيذ عملية تعقب وتطهير لمحاولة الوصول إلى الجناة من دون جدوى بالطبع، وهو ما يحدث في أحيان كثيرة.

كمّ من الحواجز الأمنية بلا جدوى (فاروق نعيم/ فرانس برس)
كمّ من الحواجز الأمنية بلا جدوى (فاروق نعيم/ فرانس برس)

وفي بعض الحالات، واجه المواطنون أنفسهم السارقين بالسلاح أو بأي وسيلة ممكنة، وقتلوا بعضهم أحياناً. وعلى سبيل المثال حاول رجلان سرقة شخص بعدما راقباه لدى خروجه من البنك إلى سيارته وفي حوزته مبلغ كبير من المال، وأخذا منه النقود بقوة السلاح. وعندما تحرك السارقان للهروب على متن دراجة نارية أسرع الرجل نفسه الذي استهدفته عملية السرقة، إلى سيارته وصدم بها الدراجة النارية، ثم كرر الأمر مرات لقتل السارقين.
وغطى الحادث مساحة كبيرة في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، في حين أحيل المواطن الذي قتل السارقين على المحكمة التي تواصل النظر في قضيته لتأكيد تنفيذه العملية دفاعاً عن النفس.
وتنسحب حال الجرائم على جميع المدن الباكستانية بلا استثناء. وتقول الشرطة في مدينة لاهور، مركز إقليم البنجاب، أن المدينة شهدت أكثر من 300 حادث سرقة ونهب أموال خلال شهر واحد، وأعلنت أنها اتخذت التدابير اللازمة للتصدي للظاهرة، وطالبت المواطنين بالتعاون معها.

قضايا وناس
التحديثات الحية

لكن المواطنين يلقون باللائمة على الشرطة والقانون أيضا. ويقول أحد سكان لاهور ويدعى افتخار أحمد لـ"العربي الجديد" إن "المشكلة الرئيسية أن رجال الشرطة يملكون علاقات مع العصابات، وإلا فكيف تستطيع هذه العصابات أن تنفذ أعمال سرقة بوجود كم هائل من الحواجز الأمنية وكاميرات المراقبة. كما أن الشرطة تعتقل أحياناً ضالعين في الجرائم أو مشبوهين بارتكابها، ثم يفرج عنهم بكفالات، ما يشكل مشكلة في تطبيق القوانين، وجميع المواطنين الباكستانيين خاصة التجار الذين تعتبر أوضاعهم المعيشية أفضل ليسوا في أمان، أينما تواجدوا".
من جهته، يرى الخبير القانوني محمد نعمان في حديثه لـ"العربي الجديد" بأن القوانين الباكستانية تتضمن الكثير من الثغرات التي يستغلها الجناة للإفراج عنهم، ولا يستبعد أيضاً ضلوع بعض عناصر الشرطة في أعمال السرقة والنهب وخطف الناس من أجل الحصول على مال.

المساهمون