"الإدارة الذاتية" ومدرسة الأسد

"الإدارة الذاتية" ومدرسة الأسد

03 سبتمبر 2023
مقاتلون من العشائر في شرق حلب، 1 سبتمبر (Getty)
+ الخط -

تتّبع "الإدارة الذاتية" في شمال شرق سورية وذراعها العسكرية "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، الأسلوب نفسه الذي يعتمده نظام بشار الأسد، سواء لناحية التعاطي الأمني والعسكري مع سكان المناطق التي تخضع لسيطرتها، أو لناحية التعاطي مع المكونات العرقية والطائفية لهؤلاء السكان.

الأحداث الأخيرة في كل من ريف دير الزور الشرقي، ومدينة منبج شمال شرق حلب، اللتين تشهدان معارك بين عشائر تلك المناطق و"قسد"، كان سببها المباشر اعتقال الأخيرة لرئيس المجلس العسكري في دير الزور أحمد الخبيل، المعيّن من قبلها مع قيادات من المجلس ينتمون إلى عشيرة البكير التي تنتمي لقبيلة العكيدات، الأمر الذي دفع قبيلة العكيدات وقبائل أخرى آزرتها إلى إعلان الحرب على "قسد" بهدف إنهاء تحكّمها في المناطق العربية، وإطلاق سراح الخبيل.

إلا أن الإعلام الرسمي لـ"الإدارة الذاتية" و"قسد"، لا يزال منذ بداية المعارك، يصوّر معركته مع عشائر المناطق التي يحكمها على أنها عملية أمنية ضد خلايا تنظيم "داعش" في المنطقة، رغم مئات الفيديوهات وعشرات البيانات التي صدرت عن شيوخ العشائر، والتي توضح أن ما يقومون به هو فزعات عشائرية من أجل تخليص مناطقهم من تحكّم "قسد" بها.

هذا الأمر يعيد إلى الأذهان بدايات الثورة السورية وطريقة تعاطي النظام مع المتظاهرين السلميين على أنهم إرهابيون، وتصويره المناطق الثائرة ضده على أنها إمارات سلفية، ومن ثم إفراجه عن متهمين في قضايا إرهاب من سجن صيدنايا ودفعهم إلى تشكيل تنظيمات متطرفة ضمن المناطق الثائرة.

لم يتوان إعلام "قسد" في تصوير العشائر التي تحاربه على أنهم مجموعة من تجار المخدرات، بالإضافة إلى كونهم عناصر من "داعش"، في تناقض لا يجد نفسه حتى مضطراً لتبريره، وهي ذات الرواية التي ساقها النظام عن المتظاهرين الذين بدأ بتصويرهم كمتعاطي مخدرات وسلفيين ومرتشين من جهات خارجية.

على مستوى إدارة المناطق، نجد أن "الإدارة الذاتية" اعتمدت ذات الأسلوب الذي يتّبعه النظام بجلب شخصيات من مختلف المكونات السكانية ووضعها ضمن مواقع قيادية "بالاسم" يتم التحكّم فيها من قبل الإدارة المركزية لحزب "الاتحاد الديمقراطي"، من أجل تصوير "الإدارة الذاتية" على أنها تمثل كل المكونات السكانية، وهي طريقة النظام في تعيين مسؤولين صوَريين يتم التحكّم بهم من قبل الأجهزة الأمنية ويتم استخدامهم ككبش فداء حين اشتداد الأزمات. وحين يفكر أحدهم في التمرد يتم فتح ملفات فساده للجمهور، وهو ما حصل حرفياً مع أحمد الخبيل، الذي كان يقوم بدور الأداة لـ"قسد" كممثل للعنصر العربي فيها، وحين فكّر في التمرد، قامت باعتقاله.

إلا أن الفارق في موضوع الخبيل هو أن الانتماء العشائري في شرق سورية يطغى على كل الانتماءات الأخرى، الأمر الذي قد يسبّب المزيد من الحرج لـ"قسد" في احتواء الموقف ما لم يتدخل التحالف لحسمه لصالح طرف من الأطراف.

المساهمون