جمال بنعمر: لست مع التقسيم 2/2

جمال بنعمر: لست مع التقسيم 2/2

أنس أزرق

avata
أنس أزرق
09 سبتمبر 2014
+ الخط -
نتابع الحوار مع مساعد الأمين العام للأمم المتحدة المبعوث الخاص لليمن، جمال بنعمر، حول مهامه الحالية في اليمن والسابقة في العراق وأفغانستان، وأبرز الانتقادات التي وجهت لمساعي الأمم المتحدة في هذه البلدان، وفي مقدمتها قضية الفيدرالية:

هناك من يرى أن الاتفاق اليمني على وشك الانهيار، فهناك أحداث أمنية في الشمال والجنوب. ماذا تقول في ذلك؟
التحديات كبيرة فعلاً، ولا يمكن التغاضي عنها. هناك التحدي الأمني، إذ ما تزال هناك مجموعات مسلحة تسيطر على بعض المناطق، ظاهرة الإرهاب، العرقلة، وهذا ما عاناه اليمن في المرحلة الأخيرة من خلال عناصر من النظام السابق، مما جعل مجلس الأمن يتخذ قراراً ثالثاً يهدد بعقوبات على معرقلي العملية السياسية.

هل هناك قائمة للمعرقلين؟
ليست هناك قائمة جاهزة، أتمنى أن يكون لهذا القرار تأثير، وأن تتفهم جميع الأطراف السياسية أن المصلحة العليا لليمن تتطلب تعاون جميع الأطراف من أجل إنجاح العملية السياسية، وبالخصوص تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. مجلس الأمن هو صاحب القرار بفرض العقوبات وأنا أقدم إحاطة لمجلس الأمن كل 60 يوماً.

حسناً، أود أن أسألك عن قائمة ميسّري الحوار؟
التحول السياسي في اليمن حصل نتيجة لشجاعة اليمنيين ودعمهم لمشروع التغيير السلمي، ودائماً أنوّه بالدور الذي لعبته جميع القوى السياسية للوصول إلى التسوية السياسية وتنظيم مؤتمر الحوار الوطني. لأول مرة في تاريخ المنطقة نرى حواراً وطنياً شاملاً دام عشرة أشهر، تشارك فيه جميع الفعاليات السياسية، ومن دون استثناء، وانتهى هذا المؤتمر بمخرجات تؤسس لدولة جديدة، اتحادية ديمقراطية ومبنية على سيادة القانون.

تصفه بالمعجزة!
معجزة فعلاً، ولكن يجب ألا ننسى أن هناك تحديات.

 معجزة على يديك؟
دائماً نؤكد أننا قدمنا دعماً متواضعاً، وقمنا بدور ميسّر، ولكن في نهاية المطاف، ما تحقق في اليمن هو بفضل الجهود اليمنية، وكذلك بفضل الدعم الإقليمي.

هناك من يرى في مشروع الأقاليم الستة، مشروع تقسيم، وهناك من انتقدك شخصياً على دورك في تقسيم العراق واليمن، على حد وصفهم، ماذا تقول؟
مشروع الدولة الاتحادية ليس مقترح الأمم المتحدة، إنه موضوع تم نقاشه في مؤتمر الحوار الوطني لمدة عشرة أشهر، والموضوع كان كيفية حل القضية الجنوبية، وفي هذا السياق تم الدفاع عن 14 رؤية مختلفة، ومنها ما طالب بانفصال الجنوب. لكن الأغلبية اتجهت نحو حل توافقي يحفظ وحدة اليمن ببناء دولة اتحادية. بل إن الأحزاب الرئيسية، حزب الإصلاح وحزب المؤتمر الشعبي العام، لم تطرح فكرة الدولة الاتحادية قبل مؤتمر الحوار الوطني، ولكن في المؤتمر تم الاتفاق على هذه الفكرة.

أين وصلت جهود المصالحة في الجنوب؟
تم الاتفاق على أن تنفذ الدولة برنامجاً متكاملاً لإعادة بناء الثقة، وفي هذا البرنامج يجب تعويض الآلاف من الموظفين أو رجال الأمن والجيش، الذين تم إبعادهم للخدمة المدنية بشكل قسري. حاليا هناك لجنة المبعدين، ولجنة الأراضي. وقد وافق الرئيس على إعادة الآلاف من الموظفين المبعدين من وظائفهم، كذلك هناك صندوق خاص لهذه التعويضات، وقد ساهمت دولة قطر بمبلغ 350 مليوناً في موضوع تعويضات الجنوبيين.

كان هناك كلام عن عودة حيدر أبو بكر العطاس.
أنا على تواصل مع الأخ حيدر أبو بكر العطاس، وفعلاً هناك إمكانية لرجوع عدد كبير من كوادر وقيادات الحراك الجنوبي.

هل مازال هناك إجماع خليجي على دعم الحل في اليمن أم أن هناك تنافساً خليجياً في الموضوع اليمني؟
ليس هناك تنافس خليجي في اليمن، هناك توافق بين جميع دول مجلس التعاون لدعم العملية السياسية في اليمن ابتداءً بالمبادرة الخليجية وانتهاءً بدعم مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وهذا ما يميّز الحالة في اليمن، وإن هناك توافقاً دولياً، وليس إقليمياً فقط. 

حتى إيران تساهم في هذا التوافق!
إيران موضوع آخر. بالنسبة إلى اليمن، ما لاحظناه منذ البداية هو توافق المجتمع الدولي على ضرورة دعم التغيير السلمي في اليمن.

لماذا كان هناك توافق دولي حول اليمن، ولم يكن هذا الإجماع موجوداً في الحالة السورية؟
يجب ألا ننسى أن العملية السياسية في اليمن، ومنذ البداية، كانت عملية يقودها اليمنيون. يرجع الفضل لليمنيين في أنهم أخذوا المبادرة الخليجية واتفقوا على ألا يدخلوا في حرب أهلية. ثانياً، ما سهل العملية في اليمن هو التدخل المبكر للأمين العام، بالنسبة للحالة السورية هناك تعقيدات داخلية وتعقيدات خارجية، وانقسام مجلس الأمن لم يساعد الأمم المتحدة في أن تلعب دوراً إيجابياً.

العراق وأفغانستان:

 هل ترى أن تجربتك في العراق ناجحة بالقدر الذي تصف فيه التجربة اليمنية؟
الوضع مختلف، لأنه بعد الحرب على العراق، كان هناك وجود مكثف للقوات الأميركية، 150 ألف جندي تقريباً، كان انهيار الدولة وكذلك حل الجيش واجتثاث البعث، وكان لذلك انعكاسات سلبية كبيرة، ما زال العراق يعاني منها حتى الآن. كنت ضمن أول مجموعة وصلت إلى العراق بعد الحرب عام 2003، كانت مهمتنا الأولى التعرف على الأوضاع بعد الحرب، ولمسنا منذ البداية أن هناك تعقيدات، عارضنا بقوة مشروع حل الجيش واجتثاث البعث باعتباره لا يخدم أمن واستقرار العراق، وساعدنا بتأسيس أول حكومة انتقالية برئاسة إياد علاوي، وانعقاد مؤتمر الحوار الوطني الذي ترأسه الدكتور فؤاد معصوم، في صيف 2004، وهو الآن رئيس العراق. كذلك الأمم المتحدة قدمت دعماً في الجانب الإنساني والتنموي.
كان الخطر الأمني كبيراً.
كان الخطر الأمني والهواجس الأمنية موجودة منذ البداية، ولكن كان هذا مرتبطاً بالأخطاء التي ارتُكبت مباشرة بعد الحرب في 2003. نحن تنبأنا مثلاً بقيام مقاومة مسلحة، في عدة مناطق لما التقينا لأول مرة في يونيو/حزيران 2003 مع ضباط من الجيش، فقد قالوا لنا إذا تم حل الجيش لن نبقى مكتوفي الأيدي. أيضا كان هناك مشروع لصياغة الدستور عبر عملية ليست مبنية على انتخابات حرة نزيهة. والتقينا مع السيد علي السيستاني في النجف، وكان موقفه أن الدستور العراقي يجب أن يكتب بأقلام عراقية، والعراقيون الذين سيصوغون الدستور يجب أن يكونوا منتخبين. وهذا كان يتناقض مع المشروع الأميركي في ذاك الوقت، وطرح فكرة أن الدستور يجب صياغته بعد انتخابات حرة نزيهة، ونبهنا الأميركيين إلى أنه إذا كان هناك استمرار في مشروعهم، فستكون هناك فتوى من السيد السيستاني. أتذكر كذلك أننا طرحنا في عام 2003 أن إقصاء أي مجموعة من العملية السياسية قد تكون له تبعات سياسية سلبية جدا. ثانياً، ما نلاحظه - وهذا ليس مطروحا في العراق فقط، بل في اليمن وفي دول أخرى- أن الشراكة عملية سياسية شاملة، أكدت الأطراف في العراق أنه عند إقصاء أي طرف، فهذا الطرف سيصبح عاملا غير مساعد في تقدم العملية السياسية.

هل كنت في العراق عندما حصل الانفجار في بعثة الأمم المتحدة؟
كنت في البعثة، ولكن لحسن الحظ، وبالمصادفة لم أكن موجودا في المبنى عندما حصل الانفجار. قدمت الأمم المتحدة تضحيات كبيرة، كانت صدمة بالنسبة لنا، لأننا فقدنا عددا من زملائنا. ولكن في نهاية المطاف استمرت البعثة واستمرت الأمم المتحدة بمساعدة العراقيين.

متى كنت في أفغانستان مع الأخضر الإبراهيمي؟
كنت من  أول العاملين في الأمم المتحدة الذين وصلوا إلى أفغانستان بعد انهيار نظام طالبان، لكن بدأنا العمل من أجل دعم العملية الانتقالية في أفغانستان مع بداية الحرب على طالبان، بدأنا نفكر في الملامح العامة لترتيب عملية انتقالية. أفغانستان لها خصوصيتها، ولها تاريخ معقد، وكان هناك استعداد لمؤتمر بون الذي أدى إلى اتفاق بين الأفغان على خارطة طريق وعلى حوكمة ولو لفترة محددة، وتم الاتفاق على حكومة وعلى ما سمي "لويا جيرغا" وهو مؤتمر حوار وطني، ولعبت الأمم المتحدة دور الميسّر في هذا الاتفاق، وكذلك تنفيذ ما اتفق عليه في مؤتمر بون، وركزت على الحكم الرشيد وبناء دولة القانون، هذه تجربة مهمة ساعدتنا على فهم كيفية دعم عمليات أخرى في بلدان لها خصوصيتها.

الأمم المتحدة مظلة الجميع:

يدافع بنعمر عن دور الأمم المتحدة ويراه ضرورياً، ويبرر عمله بهذه المنظمة الدولية بإيمانه بقيم ومبادئ الأمم المتحدة "أشعر بفخر واعتزاز عندما تساهم الأمم المتحدة في التقليل من محنة الناس في حالات الحروب والصراعات". يصف العمل في الأمم المتحدة بالصعب، ويقر بضغوط عليها من دول معينة "هناك انتقادات دائمة للأمم المتحدة من جميع الأطراف، وهذا ليس بجديد، ولكن الأكيد أن الأمم المتحدة هي مظلة الجميع". يدعو إلى دور إيجابي داعم للأمم المتحدة لعملية التغيير والتنمية في العالم العربي، ويرى ضرورة دعم الأمم المتحدة لحل النزاع في بلدان مثل سورية أو ليبيا. يستذكر انفجار مبنى الأمم المتحدة في بغداد أغسطس/آب 2003 وعندما كان بالصدفة خارج المبنى، وكيف فقد عدداً من الزملاء منهم ممثل الأمين العام كوفي عنان في العراق آنذاك سيرجيو دي ميللو. وعن عمله مع الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، يقول بنعمر "كان التركيز في ذاك الوقت على المبادرات المتعلقة بحل النزاعات في ليبيريا وفي السودان. كان العمل مع الرئيس كارتر تجربة تعلمت منها الكثير، وكان لديه اهتمام خاص بالصراع العربي الإسرائيلي". أما كيف التحق بالأمم المتحدة بطلب من الأمين العام الأسبق بطرس غالي، فيقول "بطرس غالي صديق حميم لكارتر، كنت أحياناً أزوره في مكتبه في نيويورك؛ لإبلاغه بعدد من المبادرات التي يقوم بها الرئيس كارتر، وخلال هذه المدة تعرفت على عمل الأمم المتحدة".

ذات صلة

الصورة
اليمن (عبد الناصر الصديق/ الأناضول)

مجتمع

عاد وباء الكوليرا للانتشار في مناطق واسعة من اليمن، في ظل تداعيات حرب مستمرة منذ نحو عشر سنوات، ما يهدد بمضاعفة معاناة الكثير من السكان الذين يعيشون الفقر.
الصورة
مقاتلون حوثيون قرب صنعاء، يناير الماضي (محمد حمود/Getty)

سياسة

بعد 9 سنوات من تدخل التحالف بقيادة السعودية في اليمن، لم يتحقّق شيء من الأهداف التي وضعها هذا التحالف لتدخلّه، بل ذهب اليمن إلى حالة انهيار وانقسام.
الصورة
11 فبراير

سياسة

تحيي مدينة تعز وسط اليمن، منذ مساء أمس السبت، الذكرى الثالثة عشرة لثورة 11 فبراير بمظاهر احتفالية متعددة تضمنت مهرجانات كرنفالية واحتفالات شعبية.
الصورة
عيدروس الزبيدي (فرانس برس)

سياسة

أفادت قناة كان 11 العبرية التابعة لهيئة البث الإسرائيلي، مساء الأحد، بأن الانفصاليين في جنوب اليمن أبدوا استعدادهم "للتعاون مع إسرائيل في وجه تهديد الحوثيين".