إطلاق سراح أغلب نشطاء الحراك الشعبي في الجزائر وارتياح سياسي

02 يناير 2020
بورقعة أبرز المفرج عنهم (رياض قرامدي/ فرانس برس)
+ الخط -
خطت السلطة السياسية في الجزائر اليوم باتجاه تنفيذ تدابير تهدئة جدية عبر الإفراج عن عدد هامّ من الناشطين الموقوفين، اعتُبرت إشارات إيجابية إلى الحراك الشعبي، تمهيداً لبدء حوار سياسي كان أحد أبرز شروطه المسبقة الإفراج عن الناشطين.

وحمل اليوم الثاني من السنة الجديدة أخباراً سارة، حيث أفرجت السلطات عن عدد من ناشطي الحراك، أبرزهم المناضل الثوري لخضر بورقعة، بعد ستة أشهر من اعتقاله، وتقررت متابعته في حالة سراح في 12 مارس/ آذار المقبل. بورقعة رفض برغم الإفراج عنه التراجع عن مواقفه ودعمه للحراك الشعبي، وقال في تصريحات لمستقبليه الذين سبقوه إلى بيته في منطقة حيدرة بالعاصمة الجزائرية إنه سينزل غداً الجمعة خلال مظاهرات الحراك الشعبي الـ46. وقال: "ستكون أول خرجة لي بمثابة عمرة مصغرة إلى مبنى البريد المركزي، واخترت مبنى البريد المركزي لأنه رمز الحرية".
ودعا بورقعة، وهو أحد قادة ثورة التحرير الجزائرية وعضو في المؤتمر القومي العربي الإسلامي، إلى استمرار الحراك الشعبي، وقال: "أحيّي الشعب الجزائري، ولدينا أمل كبير في الشباب، والحراك هو ثورة شباب أبهرت العالم لأنها أصبحت مثالاً نادراً، ويجب أن يستمر"، مضيفاً أن "كل جيل له الحق في اختيار مساره وقضيته، ينجزها أو يخفق فيها".
وأفرجت السلطات كذلك عن الناشط البارز في الحراك، سمير بلعربي، الذي كانت قد وجهت إليه تهمة "إهانة الجيش" و"عرض منشورات تهدد الوحدة الوطنية"، والرسام باسم نيم، الذي كان قد رسم عدة لوحات تجسد هيمنة الجيش وقيادته على السلطة، أبرزها لوحة جسد من خلالها الانتخابات الرئاسية الماضية قبل إجرائها، يظهر فيها قائد الجيش الراحل، الفريق أحمد قايد صالح، وهو يُلبس الحذاء لعبد المجيد تبون كرئيس للجمهورية، وحوله المرشحون الأربعة الآخرون. وتم الإفراج كذلك عن الناشطين البارزين بالحراك الشعبي، كريم ط​ابو وفوضيل بومالة، والشاعر امحمد تاجدايت، الذي حُكم عليه بالسجن 18 شهراً بسبب قصيدة شعرية ينتقد فيها السلطات.

وأفرجت السلطات عن ناشطين في الحراك من منظمة "تجمّع عمل شبيية"، أكرم غيموز وعبد القادر توفيق باشا وفاضل دشيشة وخير الدين بن زين. كذلك أفرجت محكمة سيدي امحمد وسط العاصمة الجزائرية عن أكثر من 20 ناشطاً ممن يُعرفون بقضية الراية الأمازيغية، وهم: قاضي أحسن، وكريم بوتاتة، وسفيان باباسي، والهاشمي جمال لعموري بلعيدي، والوافي تيقرين، واحسن قادي، وسامي عباس، وارحاب بشير، ومجاني خير الدين، وعمرود رضا، وبوعريسة رضا، واسم الله محمد، وسعداوي رشيد تيسملال مناد، وعزان منور، ووهابي بوعلام، وحمزة أحسن، ودعدي محمد، ولوعيل صادق، وبوالقمح نبيل، وحيرت رشيد، وشلالي محمد أمين، وزيان بلال.


وقررت محكمة برج بوعريريج شرقي الجزائر الإفراج عن الناشط إبراهيم لعلامي، وهو أول ناشط خرج في مظاهرة ضد ترشح الرئيس المستقيل، عبد العزيز بوتفليقة، لولاية رئاسية خامسة قبل بدء الحراك الشعبي. وأطلقت محكمة واد سوف جنوبي الجزائر سراح كل معتقلي الحراك دون استثناء الموقوفين لديها، كذلك أفرجت محكمة قسنطينة عن الصحافي والمدون عبد المؤمن خلادي، برفقة الناشطين منجي خلادي، والطاهر بوتاش، وعامي حسان.

وأفرج القضاء الجزائري أيضاً عن الجنرال المتقاعد حسين بن حديد، وأُرجئت محاكمته إلى الخامس من مارس/ آذار المقبل لأسباب صحية، بعد ستة أشهر من اعتقاله على خلفية اتهامات وجهت إليه تتعلق بإحباط معنويات الجيش، بعد نشره رسالة وجهها إلى قايد صالح.

القوى السياسية تثمن خطوات التهدئة

وأعقبت قرارات الإفراج مواقف تعبّر عن الارتياح إزاء ذلك، حيث ثمنت جموع القوى السياسية والمدنية خطوات التهدئة هذه، وثمنت منظمة المجاهدين (قدماء محاربي الثورة) وأكبر المرجعيات الثورية عملية الإفراج عن بورقعة وباقي الناشطين، واعتبرتها خطوة في الاتجاه الصحيح.
كذلك ثمن رئيس "حركة مجتمع السلم" (إخوان الجزائر) عبد الرزاق مقري، في تغريدة له إطلاق سراح بورقعة، وحيّا كل المناضلين الذين وقفوا معه منذ اللحظة الأولى من أجل المبدأ دون حسابات سياسية ولم يقبلوا توقيفه.

وأيدت "جبهة العدالة والتنمية" قرار إطلاق بورقعة وسجناء الحراك الشعبي، ودعت إلى استكمال هذه التدابير "بإطلاق سراح بقية معتقلي الحراك الشعبي السلمي، لبعث هامش من الطمأنينة تسمح بالانتقال إلى مرحلة جديدة تؤسس لمسار جاد للتغيير، وإسقاط التهم المنسوبة إليهم وعدم متابعتهم قضائياً بخصوص آرائهم السياسية".
وثمن حزب "العمال" اليساري قرار محكمة بئر مراد رايس إطلاق سراح بورقعة، وطالب المحكمة بالتخلي عن المتابعة القضائية التي أوصلت إلى اعتقاله، ودعا إلى الإفراج عن باقي النشطاء ككريم طابو وكل المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، بمن فيهم، بحسب الحزب، أمينته العامة لويزة حنون الموقوفة في قضية تآمر على الجيش.

وكانت القوى السياسية والمدنية والشخصيات المستقلة في الجزائر قد طالبت الرئيس الجديد عبد المجيد تبون الذي تسلم مهامه رسمياً في 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بالمبادرة إلى اتخاذ خطوات بالإفراج عن الناشطين في الحراك الشعبي، قبل بدء أي حوار سياسي يمهد لحلحلة الأزمة وتحقيق التطلعات السياسية للحراك.