الجزائر: بداية تقبّل المعارضة ومكونات بالحراك للحوار مع تبون

الجزائر: بداية تقبّل المعارضة ومكونات بالحراك الشعبي للحوار مع الرئيس تبون

30 ديسمبر 2019
المطالبة بإجراءات ثقة تشمل إطلاق المعتقلين (العربي الجديد)
+ الخط -
عدلت أحزاب سياسية ومكونات في الحراك الشعبي في الجزائر، وشخصيات معارضة، مواقفها تجاه الرئيس الجديد عبد المجيد تبون وحكومته المرتقبة، وأعلنت موافقتها على المشاركة في أي حوار سياسي يطلقه الرئيس في وقت لاحق، ودعت إلى إجراء تقييم للحراك وتطوير مواقفه على ضوء التطورات الجديدة في المشهد الجزائري.

وأعلن رئيس "حركة مجتمع السلم"، الحزب المركزي لـ"إخوان الجزائر"، عبد الرزاق مقري، أن الحركة مع "إعطاء الرئيس الجديد عبد المجيد تبون فرصته كاملة لأجل اقتراح خطة إصلاحات سياسية". 

وقال مقري، في مؤتمر صحافي، عقده الاثنين: "من واجبنا إعطاء الرئيس الفرصة كاملة للإصلاح، وندعوه للحذر من الفاسدين والانتهازيين، وبخصوص تعاملنا معه سيكون مثلما تعاملنا مع الرؤساء السابقين تماما".

وأبدى الحزب الإسلامي تطورا لافتا في موقفه إزاء الحوار مع تبون، حيث أعلن مقري أنه سيوافق على أي دعوة للحوار يطلقها الرئيس، رغم مواقف سابقة أعلنتها الحركة اتهمت فيها السلطة بـ"إجهاض المسار الديمقراطي، وفرض انتخابات رئاسية غير توافقية، رفضت المشاركة فيها أو تقديم مرشح عنها". 

وقال مقري "إذا ما دعينا للحوار فسنشارك فيه. نحن جاهزون للحوار، ونحن نعلن استعدادنا للانخراط في الحوار والمساهمة في حل الأزمة وتقديم مقترحات للإصلاح الدستوري والسياسي".


 

وبرر هذه الموافقة برحيل "الباءات" الذين كان الحراك الشعبي يطالب برحيلهم، وأساسا رئيس الحكومة نور الدين بدوي، ورئيس الدولة عبد القادر بن صالح، موضحا: "رفضنا الحوار سابقا انسجاما مع مطالب الحراك الشعبي وبسبب وجود موانع الباءات. هذه الموانع زالت تلقائيا الآن".

وجدد رئيس "حركة مجتمع السلم" استعداد الحركة لدعم أي مشروع  للتوافق السياسي، يساعد على تجاوز المشكلات السياسية والاقتصادية المقبلة. وقال: "نحن دعاة التوافق تمنينا أن يكون التوافق خلال الانتخابات، لكن من بيدهم الحكم يتحملون مسؤوليتهم. الرئيس إذا أحسن سندعمه، وإذا أخطأ سنقومه"، مضيفا أن "الجزائر ستواجه سنة 2021 أزمة اقتصادية حادة بفعل تآكل احتياطي الصرف وبلوغه عتبة الصفر في تلك السنة، ونحن قلنا إنه لا يمكن لأي طرف أن يحل الأزمة بمفرده دون تعاون مع كافة القوى الوطنية".   

ورفض المتحدث ذاته الرد على سؤال لـ"العربي الجديد" حول إمكانية المشاركة في الحكومة في حال تمت دعوة الحركة إلى ذلك، وقال إنه يعتقد أن "الحكومة قد شكلت، ولم يعد من معنى للرد على سؤال المشاركة من عدمها".


وأكد بشأن موقفه من تعيين عبد العزيز جراد رئيسا للحكومة: "موقفنا منه هو ذاته موقفنا من رئيس الجمهورية، ليس لي معرفة برئيس الحكومة الجديد، ومن السابق لأوانه أن نعطي حكما في ما يتعلق به".

وبرأي رئيس حركة مجتمع السلم، وهو يشغل أيضا منصب أمين عام "منتدى كوالالمبور" الذي عقد قبل أيام في ماليزيا، فإن "الوقت قد حان لإجراء تقييم موضوعي لمسار الحراك الشعبي، وتطوير مواقفه على ضوء المتغيرات والمعطيات الجديدة في الساحة السياسية، وإخراج الحراك من دائرة الاستقطاب السياسي".

وقال: "على الحراك أن يكون إيجابيا، وأن يخرج من الاستقطاب السياسي ومن فخ الصراعات الإيديولوجية والعرقية والشتائم، ويتحضر أكثر، وأن يرفع سقف مطالبه ليضغط من أجل الإصلاحات، وأن يعطي رسالة بأن وجوده قائم لتحقيق ذلك الهدف، ومن أجل التغيير السلس".

وفي الاتجاه نفسه، أعلنت "حركة البناء الوطني"، ثاني أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، أنها لن تعترض على الحوار الوطني، ولا على المشاركة في الحكومة.

ونشر رئيس الحركة ومرشحها السابق للرئاسة عبد القادر بن قرينة، الاثنين، تقدير موقف يرد فيه على تساؤلات بشأن إمكانية مشاركة الحركة في الحوار والحكومة، نفى خلاله وجود عرض في الوقت الحالي للمشاركة. 

وقال "لم نجلس مع أي كان على طاولة بحث عن أولويات عمل الحكومة أو تشكيلتها أو مناقشة وزارات متوقع إسنادها لحركة البناء الوطني"، مضيفا أن "الحركة تطرح جملة اشتراطات في ما يخص مشاركتها المتوقعة في الحكومة (...) ويتعلق الأمر بأن تلتزم الحكومة بأن تستجيب لتطلعات شباب 22 فبراير في بناء جزائر جديدة بعيدة عن ممارسات الماضي، بتعزيز من قيم المجتمع الجزائري ومشروعه الوطني، وتعزيز اللغة العربية، وأن تكون حكومة ضمن رؤية واضحة للحل وليس تقاسم المنافع".

العودة إلى أرضية عين البنيان  

وأعلن بن قرينة دعوته لـ"حوار شامل شفاف وغير إقصائي، يستجيب لما تبقى من مطالب حراك الملايين". 

ودعا، في السياق ذاته، قوى المعارضة إلى "العودة إلى مخرجات مؤتمر المعارضة في عين البنيان، الذي عقد في السادس من يوليو/ تموز الماضي"، وقال إن "منصة عين بنيان هي أكبر منصة حراكية في شمولها وتنوعها، جمعت أحزابا ونقابات وجمعيات وشخصيات قاربت 800 شخصية وطنية، وما زالت قادرة بعد التئامها أن تحقق الأرضيّة التي يمكن أن يلتقي حولها الجميع، والتي كانت الحركة من مؤسسيها والفاعلين فيها، وفي إعداد أرضيتها".

ويدخل في سياق هذه التحولات الإيجابية في المواقف قبول رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور لقاء الرئيس عبد المجيد تبون، مساء أمس الأحد، بمقر رئاسة الجمهورية، على الرغم من المواقف الحادة لبن بيتور إزاء السلطة والنظام، ومطالبته برحيل كل النظام السياسي، ورفضه سابقا أي حوار مع السلطة، حيث كان يقول إن "النظام مثل السارق حين تجده في بيتك هل تتحاور معه أم تطرده أو تسلمه إلى السلطة؟". 


وذكر بيان للرئاسة أن هذا اللقاء التشاوري "سمح باستعراض الوضع العام في البلاد والوضع الاقتصادي، وآفاق العمل الجاد لتجنيد الكفاءات الوطنية، وتسخير الإرادات الطيبة، قصد إرساء أسس الجمهورية الجديدة"، غير أن بن بيتور أعلن، في تصريحات صحافية الاثنين، أنه أبلغ الرئيس تبون استعداده للمساعدة من موقعه في حل الأزمة، وأبلغ تصوراته إلى الرئيس، وحثه على اتخاذ تدابير تهدئة.

الحراك نحو تطوير مواقف

وإضافة إلى هذه المواقف والخطوات الإيجابية، كانت مكونات في الحراك الشعبي قد بدأت في جهد استباقي لعقد مؤتمر للحراك الشهر المقبل، وصياغة أرضية سياسية تحسبا لأي حوار قد يطلقه الرئيس تبون، وقبل ذلك كانت قوى سياسية قد أطلقت إشارات إيجابية باتجاه القبول المبدئي بالحوار مع السلطة السياسية الجديدة، حيث اعتبر رئيس حزب "جيل جديد" جيلالي سفيان، في آخر مؤتمر صحافي، أن الحزب "دَافع دائمًا عن مبدأ الحوار، لكنه ينتظر إشارات قوية من الرئيس، بالإفراج الفوري عن سُجناء الرأي، وَفَتح وسائل الإعلام والفَضَاءات السياسية قبل الشروع في حوار شامل، صادق وجاد يتوج بترسيم الإرادة الشعبية من خلال اتفاق عام". 

كما كان القيادي في "جبهة العدالة والتنمية" لخضر بن خلاف قد أبدى تقبلا لافتا لأولى ملامح الفريق الرئاسي والحكومي للرئيس تبون، خاصة ما يتعلق بإشادته بتعيين عبد العزيز جراد رئيسا للحكومة.