ماذا وراء تفجير سوق مدينة الشيخ زويد؟

ماذا وراء تفجير سوق مدينة الشيخ زويد؟

10 ابريل 2019
الحادث هو الأول من نوعه في سوق(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
للمرة الأولى في تاريخ شبه جزيرة سيناء المصرية، يفجّر انتحاري تبنّاه تنظيم "داعش"، نفسه في سوق مركزي، وسط مدينة الشيخ زويد في محافظة شمال سيناء، شرقي مصر، مودياً بحياة العديد من الأشخاص، مدنيين وعسكريين، في الوقت الذي يتصاعد فيه الحديث عن تهجير ما تبقّى من سكان في مدينتي رفح والشيخ زويد، في سياق تطبيق "صفقة القرن" (خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية). وفي تفاصيل التفجير، كشفت مصادر قبلية وشهود عيان لـ"العربي الجديد"، أن "انتحارياً فجّر نفسه في قوة تأمين سوق مدينة الشيخ زويد، في ظل اكتظاظ السوق بالمواطنين والتجار، ما أدى إلى مقتل وإصابة 15 شخصاً، بينهم عسكريين، فيما سادت حالة من الهلع والخوف في صفوف المواطنين وسكان المدينة، خصوصاً أن التفجير جاء بعد فترة هدوء عاشتها المدينة خلال الأشهر الماضية، بعدم وقوع أي تفجير أو استهداف داخل مركز المدينة، بل كانت الهجمات تتركز على أطرافها والقرى البعيدة عنها".

وأشارت المصادر إلى أن "التفجير جاء بعد أيام من الإعلان عن فتح باب التنسيق أمام المواطنين للعودة إلى المدينة مع أثاثهم الذي اضطروا لنقله معهم خلال مغادرتهم في الأشهر الماضية، بسبب تواصل المواجهات والعمليات العسكرية، فيما بدأ بعض المواطنين في العودة إلى منازلهم أو أراضيهم التي قرروا بناء مأوى فيها، بدلاً من البقاء خارجها".

وذكرت مصادر طبية في مستشفى العريش العسكري، لـ"العربي الجديد"، أن "أربعة عسكريين على الأقل قتلوا نتيجة الانفجار، فيما أصيب آخرون لم يعرف عددهم بجروح متفاوتة. وكان من بين القتلى المقدم شريف الصياد، وهو رئيس مباحث شرطة مدينة الشيخ زويد". وأضافت أنه "جرى نقل جثة مواطن مدني قُتل نتيجة الانفجار، بالإضافة إلى عدد من المصابين، بينهم أطفال ونساء، أصيبوا بالهلع نتيجة الانفجار الذي كان مروعّاً، بحسب إفادات المصابين الذين وصلوا إلى المستشفى".

ولاقى التفجير حملة واسعة من الإدانة والاستنكار في صفوف أبناء سيناء، بمن فيهم نواب البرلمان، وشيوخ سيناء، فيما ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات الرفض والاستهجان لهذه الحادثة، وسط تساؤلات عن نتائج العملية العسكرية الشاملة التي دخلت عامها الثاني منذ شهرين، فيما لا تزال يد الإرهاب تضرب في سيناء، على الرغم من حديث النظام المصري وإعلامه عن تحقيق انتصارات وإنجازات أمنية في سيناء خلال الأشهر الماضية.

وتعقيباً على ذلك، قال أحد أبرز شيوخ سيناء، إبراهيم المنيعي، لـ"العربي الجديد"، إن "ما حصل في سوق مدينة الشيخ زويد يمثل جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة الجرائم التي ارتُكبت في سيناء، والتي راح ضحيتها عشرات المدنيين والعسكريين على مدار السنوات الخمس الماضية، من دون وجود أي بارقة أمل لانتهاء دوامة الإرهاب المتواصل في سيناء. في المقابل، يدفع المواطن السيناوي فاتورة استمرار هذه الحالة الأمنية المتدهورة". وأضاف أن "حادثة تفجير السوق تعيدنا بالذاكرة إلى مجزرة مسجد الروضة التي وقعت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، مع فارق الخسائر البشرية والمادية في كلا الحادثتين، إلا أن المتسبب في وقوعهما ما زال حراً طليقاً حتى هذه اللحظة".

ودعا المنيعي إلى "العمل نحو حل الأزمة الراهنة في سيناء من جذورها، من خلال إنهاء تداعيات المواجهات العسكرية، بإعادة المواطنين المهجرين إلى أماكن سكنهم كخطوة أولى، والإفراج عن المئات من أبناء سيناء الذين زجوا في السجون من دون توجيه أي تهمة واضحة، أو محاكمة، عدا عن عشرات المختفين قسرياً منذ سنوات. بالإضافة إلى إشراك كل شرائح المجتمع السيناوي في الحلّ بما يضمن الخروج بمبادرة ذات قيمة، تسمح بالتغلب على كل الأزمات التي أوجدتها المواجهات المستمرة مع (ولاية سيناء) منذ عام 2013، من دون وجود أي بوادر لانتهائها على الرغم من كل الحشد العسكري الذي أوجد في سيناء من أجل القضاء على تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم داعش".

وجاء التفجير بعد يوم من شن طائرات حربية مجهولة غارات مكثفة على مناطق جنوب مدينة الشيخ زويد، فيما قالت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، إن "طائرات حربية يُعتقد أنها إسرائيلية، شنّت غارات على قرى ومناطق زراعية عدة في جنوب مدينة الشيخ زويد، من دون الإبلاغ عن وقوع إصابات"، مضيفةً أن "القصف الجوي تركز في مناطق ينوي الجيش شنّ حملات عسكرية عليها خلال الساعات المقبلة، ضمن مخطط السيطرة على المناطق التي يوجد فيها تنظيم ولاية سيناء".

ويأتي التفجير الانتحاري في الوقت الذي يجري فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زيارة إلى واشنطن، يلتقي خلالها بالمسؤولين الأميركيين، وفي مقدمتهم الرئيس دونالد ترامب، فيما تتربع على سلم المباحثات "صفقة القرن"، الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية، في حين لا تزال مصادر إسرائيلية تسرب معلومات عن التوجه لتوسيع قطاع غزة على حساب أراضٍ مصرية في سيناء، وإقامة دولة فلسطينية في تلك المنطقة. وتأتي هذه التطورات الميدانية مع بدء العام الثاني للعملية العسكرية الشاملة التي بدأها الجيش المصري في 9 فبراير/ شباط من العام الماضي، وخسر منذ بدايتها عشرات العسكريين، بينهم ضباط برتب رفيعة، بالإضافة إلى مقتل عشرات المدنيين، وتجريف منازل وأراض زراعية في كافة مناطق سيناء.