اختراقات تمهد للمشاورات اليمنية غداً

05 ديسمبر 2018
غريفيث أشرف على نقل جرحى الحوثيين (محمد حمود/Getty)
+ الخط -
تجاوزت التحضيرات لإطلاق الجولة الجديدة من المشاورات اليمنية، غداً الخميس، أبرز مهدداتها مع مغادرة وفد الحوثيين، أمس الثلاثاء، العاصمة اليمنية صنعاء، تمهيداً لانتقاله إلى السويد المقرر أن تستضيف الأطراف اليمنية، من دون أي تأخير على عكس المرات السابقة. وعلى الرغم من إدراك وإعلان الأمم المتحدة أن المحادثات بين الشرعية والحوثيين لن تكون سهلة، إلا أن منسوب التفاؤل باحتمال الخروج بنتائج إيجابية من الجولة الجديدة مرتفع. 

وعكست التصريحات والتطورات في الأيام الماضية أجواء مفادها أن جميع الأطراف المحلية والخارجية المعنية بالأزمة اليمنية لديها حرص على عدم الظهور بدور المعطل لانطلاق المشاورات، تحديداً السعودية، التي وجدت نفسها منذ جريمة قتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية المملكة في إسطنبول في 2 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي تحت ضغوط دولية عدة تطالبها بوقف حرب اليمن، التي أسفرت عن أسوأ أزمة إنسانية في العالم وسط توقعات أممية بتفاقمها في 2019، على اعتبار أن عدد اليمنيين الذين يحتاجون إلى مساعدات سيرتفع على الأرجح إلى 14 مليوناً من أصل 22 مليون نسمة، ما يجعل المجاعة في اليمن أقرب من أي وقت مضى.


كما أعلنت الإمارات، الحليفة الأبرز للسعودية، على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش، أمس الثلاثاء، أن محادثات السويد تمثل "فرصة حاسمة" لإيجاد حل سياسي، مشيراً إلى أن "التوصل إلى حل سياسي دائم بقيادة اليمنيين يمثل أفضل فرصة لإنهاء الأزمة الراهنة. الدولة المستقرة المهمة بالنسبة للمنطقة لا يمكن أن تتعايش مع مليشيات غير قانونية".كذلك فإن إيران، أبرز الأطراف الخارجية الداعمة للحوثيين، أعلنت دعمها للمحادثات واستعدادها للمساهمة في إنجاحها.

وبعد يوم من نقل طائرة تابعة للأمم المتحدة 50 جريحاً حوثياً إلى مسقط للعلاج بالتزامن مع وصول المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث إلى صنعاء، فضلاً عن توقيع مندوب عن التحالف العربي على اتفاق لتبادل الأسرى رعته الأمم المتحدة، غادر وفد يضم جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحلفائهم إلى جانب ممثلين عن حزب المؤتمر بجناحه الخاضع للجماعة، أمس الثلاثاء، العاصمة اليمنية صنعاء، على متن طائرة كويتية وصلت إلى مطار صنعاء الدولي لنقل الوفد بصحبة غريفيث وسفير الكويت لدى صنعاء فهد الميع.

وكان غريفيث، في محاولة لتدارك الملابسات التي أحبطت مشاورات جنيف، قد حضر إلى صنعاء، أول من أمس، وأشرف بصفة شخصية على مغادرة 50 جريحاً من المسلحين الحوثيين إلى العاصمة العُمانية مسقط لتلقي العلاج. وكان رفض الحكومة والتحالف لسفرهم السبب الأساسي، أو العلني على الأقل، لتخلف وفد الحوثيين عن السفر إلى جنيف في سبتمبر/ أيلول الماضي.

كما أنه وفقاً لمصادر سياسية مطلعة تحدثت مع "العربي الجديد"، فإن حضور غريفيث إلى صنعاء لمرافقة وفد الحوثيين لدى مغادرته جاء لقطع المبررات أمام الحوثيين الذين اشترطوا توفير طائرة نقل آمنة تضمن عدم تعرضهم للإيقاف والتفتيش من قبل التحالف. وتم إحضار طائرة كويتية لهذا الغرض برفقة السفير الكويتي لدى اليمن فهد الميع، وهي خطوة متقدمة وتعد الأولى من نوعها بالنسبة لدولة عضو في التحالف كالكويت، التي كانت قد اتخذت موقفاً داعماً لمسار المفاوضات منذ استضافتها أطول جولة مشاورات بين شهري إبريل/ نيسان وأغسطس/ آب من العام 2016.

من جانبه، قال مصدر مقرب من الوفد الحكومي اليمني طلب عدم ذكر اسمه، في حديث مع "العربي الجديد"، إن وفد الحكومة سيغادر، اليوم الأربعاء، بعد أن يصل وفد الحوثيين إلى استوكهولم، وذلك لقطع الطريق على الاشتراطات التي يضعها الحوثيون في الساعات الأخيرة، قبل المغادرة من صنعاء، كما حصل في مشاورات جنيف المتعثرة في سبتمبر الماضي.

وفي خرق إضافي يسبق بدء المحادثات، أعلن رئيس "اللجنة الوطنية للأسرى" التابعة للحوثيين، عبدالقادر المرتضى، عن توقيع اتفاق بشأن تبادل الأسرى والمعتقلين، وهو الملف الذي يأتي على رأس أجندة المفاوضات وإجراءات "بناء الثقة" منذ سنوات. وقال المرتضى في تصريح صحافي، إن مكتب المبعوث الأممي أبلغ الجماعة، يوم الاثنين، بتوقيع مندوب التحالف على الاتفاق بهذا الشأن، وسط أنباء عن أنه يشمل إطلاق المئات من المعتقلين والأسرى من الطرفين، ومعظمهم في أيدي الحوثيين، الذين يشنون اعتقالات بصورة شبه متواصلة ضد معارضيهم ومن يتهمونهم بتأييد الحكومة الشرعية. الجدير بالذكر أن ملف المعتقلين كان مطروحاً على رأس ملفات المفاوضات منذ الجولة الثانية من المفاوضات والتي رعاها المبعوث الأممي السابق إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في ديسمبر/ كانون الأول 2015، في بيل السويسرية، ومن المتوقع إذا ما تم الإعلان عن الاتفاق رسمياً خلال مشاورات السويد، أن يمثل اختراقاً مهماً سيكون له تأثير سياسي يهيئ لما بعده من الخطوات والإجراءات المطلوبة لوقف الحرب.

وبشكل عام ينتظر أن تركز المشاورات أيضاً على اتفاق بشأن إعادة فتح مطار صنعاء ووقف إطلاق النار في الحديدة التي تمثل شريان حياة للملايين والتي أصبحت محور الحرب الآن. وسيكون ذلك بمثابة أساس لهدنة أشمل تتضمن وقف ضربات التحالف الجوية التي أودت بحياة آلاف المدنيين، والهجمات الصاروخية التي يشنها الحوثيون على المدن السعودية.

وحرص رئيس وفد الحوثيين إلى المحادثات، محمد عبد السلام، على التأكيد في تغريدة على حسابه الشخصي بموقع تويتر، أمس، أن جماعته لن تدخر جهداً لإنجاح مشاورات السلام في السويد، لكنه دعا مسلحي الجماعة إلى "اليقظة".

وقال عبد السلام "لن ندخر جهدا لإنجاح المشاورات وإحلال السلام وإنهاء الحرب العدوانية وفك الحصار"، وأضاف "أيدينا ممدودة للسلام وفي الوقت نفسه نهيب بالجيش والأمن واللجان الشعبية أن يكونوا متيقظين لأي تصعيد، حيث قد دشنوا تصعيدهم العسكري منذ صباح اليوم" (في إشارة للقوات الحكومية والتحالف).

ويضم وفد الحوثيين وحلفائهم 12 عضواً، ستة منهم يمثلون الحوثيين ويرأسهم محمد عبد السلام (المتحدث باسم الجماعة)، ومن أبرز مفاوضيهم عبدالملك العجري، وكلا الاثنين موجودان في مسقط منذ أشهر ومن المقرر أن يلتقيا في استوكهولم مع بقية الأعضاء المغادرين من صنعاء، بمن فيهم ستة أعضاء يمثلون حزب المؤتمر بجناحه الخاضع للحوثيين، يترأسهم وزير الداخلية الأسبق جلال الرويشان، والذي يشغل حالياً منصب نائب لرئيس الوزراء لشؤون الأمن في الحكومة الحوثية بصنعاء،

في المقابل، يضم الوفد الحكومي معظم الأعضاء المعلنة أسماؤهم من قبل الحكومة قبل مشاورات جنيف المتعثرة في سبتمبر الماضي، وهم وزير الخارجية خالد اليماني، رئيساً للوفد، ومن الهيئة الاستشارية للرئيس عبدالعزيز جباري (أمين عام تنظيم العدالة والبناء)، وياسين مكاوي (محسوب على التيار المؤيد للرئيس عبدربه منصور هادي)، ومدير مكتب رئاسة الجمهورية عبدالله العليمي، ووزير الدولة محمد العامري (رئيس حزب الرشاد السلفي)، وعضو مجلس النواب عن حزب الإصلاح علي عشال، والأمين العام المساعد للتنظيم الناصري رنا غانم، ووزير الثقافة مروان دماج (من المحسوبين على الحزب الاشتراكي اليمني)، وعضو اللجنة الاقتصادية المعنية بأزمة العملة والمصرف المركزي، أحمد غالب.