هجوم اللصافة: اعتداء يثير الشكوك في جدوى عملية سيناء

19 ديسمبر 2018
القوات المصرية تعرّضت لهجوم غير اعتيادي(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -


ضرب الإرهاب مجدداً قوات الجيش والشرطة في سيناء، على الرغم من مرور أكثر من عشرة أشهر على العملية العسكرية الشاملة "سيناء 2018"، بعد أن قضى كمينٌ لتنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي، على أكثر من 12 ضابطاً ومجنداً وأصاب أكثر من 15 آخرين، مثبتاً فشل العملية العسكرية في تحقيق الأمن بسيناء، على رغم كل القدرات العسكرية والأمنية المستخدمة فيها.

وفي تفاصيل الهجوم، أفادت مصادر قبلية "العربيَّ الجديد" بأن "قوة أمنية كبيرة تابعة للجيش المصري، وقعت مساء الإثنين، في كمين محكم لتنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم داعش الإرهابي، جنوب شرقي مدينة العريش، بمحافظة شمال سيناء، التي تشهد عملية عسكرية واسعة النطاق منذ مطلع العام الحالي"، مضيفةً أن "قوة أمنية من حرس الحدود التابع للجيش استدرجت بطريقة ما إلى كمين أعده التنظيم الإرهابي في منطقة اللصافة جنوب شرقي مدينة العريش والقريبة من منطقة المغارة بوسط سيناء".

وأضافت المصادر ذاتها أن "التنظيم فجّر ما لا يقلّ عن عشر عبوات وسط الآليات المتقدمة إلى مكان الكمين، ما أدى إلى تدمير أربعة جيبات رباعية الدفع وجيبّي هامر"، فيما كشفت مصادر طبية في مستشفى العريش العسكري لـ"العربي الجديد" عن "وصول أكثر من 30 عسكرياً مصرياً بين قتيل وجريح الإثنين، في هجمات تعرّضت لها قوات الجيش والشرطة في محافظة شمال سيناء"، مشيرةً إلى أن "من بين القتلى والمصابين عدداً من الضباط"، فيما رفضت الكشف عن رتب هؤلاء الضباط.

وفي وقت لاحق، شنّ الطيران الحربي المصري هجمات جوية على مناطق عدة في مدينتَي العريش والشيخ زويد، من دون الإبلاغ عن وقوع إصابات. ويُعتبر هذا الهجوم الأعنف ضد قوات الجيش والشرطة على مدار الأشهر الماضية، فيما يأتي في منطقة جديدة والجيش غير معتاد عليها، في ظلّ تعرضه سابقاً لهجمات في مدن رفح والشيخ زويد والعريش. كما شنّ التنظيم هجوماً آخر في مدينة رفح، باستهداف رتل للشرطة المصرية، كان في مهمة استطلاعية للمنطقة التي يتولى الجيش المصري السيطرة عليها منذ سنوات، مما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من المجندين.



ورأى بعض متابعي شؤون سيناء، أن "الاعتداء الأخير يمثل دليلاً جديداً على فشل العملية العسكرية الشاملة، التي كان من المفترض أن تقضي على تنظيم ولاية سيناء مع نهاية العام الحالي، إلا أن التنظيم لا يزال موجوداً ومستمراً بأفعاله، رغم قرب نهاية العام، مما ينذر بانتهاء العملية العسكرية الشاملة مع بقاء التنظيم على حاله. وبذلك تفشل المحاولة الكبرى في تاريخ مصر للقضاء على مجموعات إرهابية، في ظل حشد الجيش المصري كلَّ أذرعه العسكرية في سيناء قبيل بدء العملية العسكرية الشاملة، وبدعم مخابراتي إسرائيلي ومن دول أجنبية في ملف سيناء، إلا أن ذلك لم يفد شيئاً في مواجهة التنظيم الذي يؤكد بين الفينة والأخرى وجوده بالاعتداءات التي ينفذها بحق قوات الأمن المصرية".

بدوره، ذكر باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد" أن "تنظيم ولاية سيناء يفسد في كل مرة حديث الجيش المصري عن تحقيق إنجازات ملموسة في الواقع الأمني في سيناء، فبعد أيام قليلة من بيان المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية، عن إنجازات الجيش في الأيام الـ40 الماضية، جاء هجوم التنظيم في المنطقة الواقعة بين العريش ووسط سيناء، ليؤكد مجدداً أنه ما زال قوياً على الأرض، يضرب في أي مكان يريده، وبالشكل والحجم اللذين يحددهما، من دون أن تستطيع كل قوى الأمن المصرية في سيناء إيقافه، مهما كانت قدراتها وأماكن انتشارها".

وأضاف الباحث أنها "المرة الأولى التي يضرب فيها التنظيم قوات الأمن بهذه المنطقة، لتضاف إلى جغرافية عمليات التنظيم الممتدة على غالبية مناطق سيناء، بالإضافة إلى بعض محافظات مصر، فيما تشير المعلومات الواردة من سيناء إلى أن التنظيم استطاع استدراج قوة حرس الحدود إلى مكان الكمين، عن طريق معلومة خاطئة وصلت إلى القوة الأمنية، استدعت منها تحركاً عاجلاً، إلى أن وقعت في كمين التنظيم. مما أوقع خسائر بشرية ومادية فادحة في صفوف القوات، فيما كالعادة تلتزم وسائل إعلام النظام المصري، وإعلام الجيش الصمت حيال هذه المجزرة التي وقعت بحق القوات".

وأشار إلى أن "التنظيم لن يكتفي بقدرته على تنفيذ الاعتداء الأخير، بل من المؤكد أنه سينشر مادة إعلامية حول ما حصل، خلال الأيام أو الساعات المقبلة، ليكون بمثابة ردٍ على بيانات المتحدث العسكري التي يشوبها الكثير من التساؤلات حول حقيقة الأشخاص المقتولين أو السلاح المضبوط، على وقع استمرار اعتداءات التنظيم".

وتزامناً مع هجوم التنظيم على مناطق وسط سيناء، لا تزال قوات الجيش تجد صعوبة في التقدم نحو قرى عدة بمدينتي رفح والشيخ زويد، في ظل تصدي مجموعات التنظيم للحملات العسكرية التي تحاول اقتحام تلك القرى كبلعا وحي الرسم وغيرهما من القرى غرب مدينة رفح، إذ إن الجيش تكبد خسائر فادحة على مدار الأسابيع الماضية خلال محاولاته الفاشلة للاقتحام، رغم الغارات الجوية التي شنتها طائرات حربية إسرائيلية، وكذلك الانتشار العسكري الواسع في محيط تلك المناطق، ما جعلها معضلة حقيقية في وجه تقدم عمليات الجيش في مدينتي رفح والشيخ زويد.