تدفع حكومة بغداد باتجاه تأخير إطلاق معركة تحرير بلدة الحويجة التابعة لمحافظة كركوك، المتنازع عليها مع الجانب الكردي، في محاولة لكسب الوقت ضمن خطتها للمعركة، والتي بدت سياسية أكثر مما هي عسكرية. وطغى البعد السياسي على ملامح الخطة، من خلال الدفع باتجاه تزامن المعركة مع موعد إجراء استفتاء انفصال إقليم كردستان، المقرّر إجراؤه في 25 سبتمبر/أيلول الحالي، والذي يعتزم الأكراد تنظيمه أيضاً في كركوك، الأمر الذي قد يجعل الظرف غير مناسب لإجراء الاستفتاء ويسهّل الطعن به.
وعلى الرغم من إعلان حكومة بغداد رفضها المسبق لنتائج الاستفتاء المزمع إجراؤه في كردستان وكركوك وعدد من المناطق المتنازع عليها، فإنّها تستخدم طرقاً مختلفة لمنع هذا الاستفتاء. فمع الحوار والضغوط والوساطات التي تطرحها، يؤكد مراقبون أنّ الخيار العسكري مطروح من خلال الجيش العراقي ومليشيات "الحشد الشعبي"، وأن معركة الحويجة هي الخطوة الأكثر تأثيراً لمنع هذا الاستفتاء، إذ إنّ مجرد وجود عمليات عسكرية في منطقة ما، سيجعلها غير مهيأة لأي تصويت، كما أنّ المراقبين الدوليين سيمتنعون عن متابعة الاستفتاء، مما يفقده الحيادية والشرعية.
ورأى مختصون بالشأن السياسي العراقي أنّ العبادي يتعامل مع ملف كركوك والحويجة بحذر شديد، وأنّه استطاع أن يسحب البساط من تحت رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني، من خلال ضرب أجنداته قانونياً. وقال الخبير السياسي، جاسم العباسي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "خطة العبادي التي نصّت على تأخير معركة الحويجة إلى ما قبيل أو بداية الاستفتاء هي خطة سياسية ناجعة لإفشال الاستفتاء قانونياً". ولفت إلى أنّ "معايير الانتخابات تنص على ألا انتخابات من دون أمن، لأنّ الانتخابات تتطلب مراقبين دوليين ولجاناً خاصة ومديرين عامين وخبراء من دول أخرى للإشراف عليها، وكل ذلك يتطلب أجواء أمنية مستقرة لا أجواء معركة".
ويأتي كل ذلك في وقت تواصل فيه حكومة إقليم كردستان حملتها الدعائية لإجراء الاستفتاء، والتي شملت محافظات الإقليم، وكركوك والمناطق المتنازع عليها في الموصل وديالى، في ظل مخاوف من نتائج هذا الاستفتاء وما سيترتب عليه من أزمات سياسية وصراعات قومية. وكانت الحكومة العراقية قد عدّت الاستفتاء خطوة تتعارض مع الدستور والقانون، وأكدت رفضها لأي نتائج تترتب عليه.