ملف "حقوق الإنسان" يغيب عن شراكة الاتحاد الأوروبي ومصر

3 أولويات للشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر... وسط غياب ملف "حقوق الإنسان"

25 يوليو 2017
قمع الحريات بمصر بعد الانقلاب على مرسي (محمد حسام/الأناضول)
+ الخط -
خصص مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر، الذي عقد اليوم الثلاثاء في بروكسل، لاعتماد أولويات الشراكة بين الطرفين لفترة 2017 ــ 2020، والتي تسعى إلى التصدي للتحديات، وتعزيز المصالح المشتركة، وضمان الاستقرار طويل الأمد على جانبي البحر الأبيض المتوسط، بحسب وثيقة الأولويات، مع غياب أي مبادرة أوروبية للضغط على مصر لاحترام حقوق الإنسان.

ثلاثة مجالات

وتغطي الأولويات التي تم اعتمادها بين الاتحاد الأوروبي ومصر ثلاثة مجالات رئيسية، على رأسها تعزيز الاقتصاد والتنمية الاجتماعية المستدامة في مصر، إذ من المنتظر أن يشمل التعاون التحديث الاقتصادي وريادة الأعمال والتجارة والاستثمار والتنمية والعدالة الاجتماعية، وأمن الطاقة والبيئة والمناخ.

كما تنص الوثيقة، أيضا، على اعتبار الاتحاد الأوروبي ومصر شريكين في السياسة الخارجية، على أن تعزز بروكسل والقاهرة تعاونهما على المستويات الثنائية والإقليمية والدولية، والعمل معاً في مجال إدارة الأزمات والمساعدة الإنسانية، مع التأكيد على أن الاتحاد الأوروبي ومصر سيعملان معا في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب، وكذلك إدارة تدفقات موجات  الهجرة، وهي ملفات تقض مضجع الأوروبيين.

ويشكل الاستقرار التحدي المشترك الأهم الذي يواجه الاتحاد الأوروبي ومصر، بحسب وثيقة الأولويات، التي اعتبرت أن "إقامة دولة حديثة وديمقراطية توفر خدمات منصفة لجميع المواطنين أمر ضروري". 

 وفي السياق نفسه، قال سيدريك سيمون، الخبير في الشؤون الأوروبية، لـ"العربي الجديد"، إنه "خلال العامين الماضيين، ركز الاتحاد الأوروبي على تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في مصر، وذلك لتقديم فرص أفضل للمواطنين والمساهمة في تحقيق الاستقرار والرخاء طويل المدى في البلد وفي المنطقة بأكملها. فالاتحاد يعمل جنبا إلى جنب مع الدول الأعضاء، من أجل دعم مصر في مجموعة واسعة من المجالات الرئيسية، مثل التنمية الاقتصادية والتعليم والصحة والطاقة والنقل والبيئة والمناخ، ومجتمع المعلومات والبحث والابتكار". 

غياب الملف الحقوقي

ملف حقوق الإنسان لم يحضر سوى كنقطة في وثيقة الأولويات، دون اتخاذ الاتحاد الأوروبي لأي إجراءات فعلية للضغط على مصر، إذ إن الاتحاد، بحكم الأمر الواقع، يدرك الوضع في مصر، وعبّر عنه من خلال تعليق عقد اجتماعات الشراكة منذ عام 2013، أي مباشرة بعد الأحداث التي قتل فيها ما يقرب من ألف متظاهر في 14 أغسطس/آب، بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس، محمد مرسي. 

"بعد أربع سنوات، هل عاد الوضع الطبيعي في البلد؟"، يتساءل بودوان لوز، الخبير في الشؤون العربية، ليجيب: "بالتأكيد لا. ويبدو فقط أن المصالح تتجاوز الاختلافات في منطقة أصبحت تهدد أوروبا بموجات الهجرة والعمليات الإرهابية".

وأضاف بودوان لوز، لـ"العربي الجديد": "لا يمكن للسلطات الأوروبية أن تكون غير مدركة لما يحدث في مصر. فقد أصدرت المفوضية الأوروبية، يوم 17 من هذا الشهر، تقريرا حول وضع العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومصر، خصص ست عشرة صفحة لحالة حقوق الإنسان، لكن دون استخلاص أية استنتاجات".

وكانت الشبكة الأورو ـ متوسطية لحقوق الإنسان قد استبقت اجتماع اليوم ببيان تحث فيه الاتحاد الأوروبي على "التعبير علنا عن قلقه من وضع حقوق الإنسان مع الطرف المصري. فنحن نعتقد أن هذا الاجتماع رفيع المستوى ينبغي أن يكون فرصة لنقل رسالة إلى مصر وإلى الرأي العام في أوروبا، مفادها أن الاتحاد الأوروبي لا يوافق على السياسات القمعية المصرية، ويطالب باحترام حقوق الإنسان، وإصلاح ديمقراطي". 

كما أصدرت مجموعة من المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان، كمنظمة "العفو" الدولية و"هيومن رايتس ووتش" والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، بيانات مشابهة.

ولم تتردد لوت ليشت، مديرة مركز بروكسل لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، في التصريح بأنه "يجب على الاتحاد الأوروبي أن يكون بشكل مباشر إلى جانب المصريين الذين يناضلون بشجاعة من أجل الحقوق الأساسية، في الوقت الذي يجتمع فيه بمسؤولي حكومة معروفة بعمليات القتل الجماعي، بدلا من احترام هذه الحقوق"، مشيرة إلى أن "صمت الاتحاد الأوروبي على الانتهاكات في عهد الرئيس، عبد الفتاح السيسي، لم يحقق أي تغيير إيجابي في مصر".

ويوجد حاليا أكثر من 50 ألف سجين سياسي في مصر، كما تتحدث منظمات غير حكومية عاملة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان عن حالات من الاختفاء القسري والإعدام خارج نطاق القضاء والتعذيب. 

وتندد هذه المنظمات بالقانون الجديد حول عمل المنظمات غير الحكومية، الذي يقيد بشدة أنشطتها، ناهيك عن إغلاق مئات من المواقع الإلكترونية. كما تشير منظمة العفو الدولية إلى أن نصف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تبيع أسلحة تستعملها مصر في القمع، وذلك رغم أن الاتحاد حظر تصدير هذه الأسلحة منذ عام 2013.

تاريخ العلاقات

وبموجب السياسة الجديدة للاتحاد الأوروبي الخاصة بدول الجوار، فقد غطى التقرير الأول، الذي صدر كتقييم للعلاقات بين دول الاتحاد الأوروبي ومصر، الفترة ما بين يناير/كانون الثاني 2015 ومايو/أيار 2017، معتبرا وجود نجاحات وتطورات سياسية في البلد، مع التركيز على المناطق ذات الأولوية في التعاون بين الطرفين، على النحو الوارد في أولويات الشراكة بينها، الذي اعتمد في ديسمبر/ كانون الأول عام 2016.

وفي نهاية الفترة المشمولة بالتقرير، بلغ إجمالي التزامات المعونة المالية للاتحاد الأوروبي لمصر أكثر من 1.3 مليار يورو في شكل منح، منها حوالى 45 في المائة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك خلق فرص العمل، كما تم تخصيص حصة من 45 المائة للطاقة وإدارة المياه والصرف الصحي المتجددة والبيئة، بينما خصصت حصة 10 في المائة لتحسين الحكامة وحقوق الإنسان والعدالة والإدارة العامة، وذلك بالتوازي مع الجهود الرامية إلى دعم المجتمع المدني وإيلاء اهتمام خاص للنساء والشباب.

وقد تلقت مصر في عامي 2015 و2016 مبلغ 250 مليون يورو كتمويل جديد من قبل الاتحاد الأوروبي في إطار سياسة الجوار، وبالتالي يبلغ مجموع حجم الدعم المالي المقدم من الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء والمؤسسات المالية الأوروبية لمصر في أشكاله المختلفة، كالمنح والقروض وغيرها، أكثر من 11 مليار يورو، وهو ما يجعل من أوروبا أول وأهم الجهات المانحة لمصر.