الترويج لمرشحين محتملين لمنافسة السيسي: ضغط من داخل النظام

الترويج لمرشحين محتملين لمنافسة السيسي: ضغط من داخل النظام

09 مايو 2017
يطرح اسم جنينة كأحد المرشحين الثلاثة المحتملين (العربي الجديد)
+ الخط -

انتعشت بورصة المرشحين المحتملين لمنافسة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بعد إعلان المرشح الرئاسي السابق، حمدين صباحي، دمج التيار الشعبي وحزب الكرامة اللذين كان يرأسهما في كيان واحد. في خطوة وصفها مراقبون بمحاولة العودة للمشهد السياسي، بأية صورة قبل أقل من عام على الموعد المفترض لفتح باب الترشح للرئاسة. وفي ظل انشغال مواقع التواصل الاجتماعي بصباحي واحتمالات ترشحه لتحسين صورة النظام السياسي، إذا تمّ إجراء الانتخابات، كشفت مصادر مطلعة سياسية وحكومية لـ"العربي الجديد" عن "وجود محاولات من دوائر أخرى داخل جهاز الاستخبارات العامة، وأجهزة حكومية أخرى، للتسويق لشخصيات بعينها غير صباحي، بهدف إحراج النظام الحاكم، انتقاماً من بعض المواقف السلبية لدائرة السيسي إزاء تلك الدوائر خلال السنوات الثلاث الماضية".

وأوضحت المصادر أن "من بين الشخصيات التي تحاول بعض الدوائر داخل الدولة تسويقها لمنافسة السيسي، ليس بهدف تحسين الصورة وإكمال ديكور الانتخابات الرئاسية بل لممارسة ضغوط على السيسي، المستشار يحيى دكروري النائب الأول لرئيس مجلس الدولة والمرشح حالياً لرئاسة المجلس، والمحتمل أن يتضرر من القانون الأخير الذي أصدره السيسي ويسمح له باختيار رؤساء الهيئات القضائية، بالإضافة للمستشار هشام جنينة الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، ومصطفى حجازي مساعد رئيس الجمهورية السابق للشؤون الاستراتيجية".

وأكدت المصادر أن "هذه الدوائر الاستخباراتية التي تتحرك عكس اتجاه النظام ورغباته تتكون بالأساس من أتباع رئيس الاستخبارات السابق، عمر سليمان، ولها علاقات وطيدة بالمجتمع البيروقراطي التقليدي في الحكومة المصرية، على مستوى القضاة والشرطة والجيش أيضاً، وأن هناك شخصيات نافذة في هذه الدوائر تتحكم بصورة غير مباشرة في بعض وسائل الإعلام الإلكترونية تحديداً. كما أن بعض ضباط الاستخبارات السابقين المنتمين لهذه الدوائر يملكون أسهماً في مواقع إلكترونية ظهرت أخيراً، وتحاول مشاكسة النظام بصورة خفية".

من جهته، ذكر مصدر حكومي في وزارة العدل، أن "أفراد هذه الدوائر يحاولون التأثير على دكروري وجنينة بصورة غير مباشرة، من خلال الدفع ببعض الإعلاميين لحث أي منهما على الترشح للرئاسة، أو طمأنتهما بوجود رصيد شعبي ودولتي خلفهما، لكن لا توجد معلومات ما إذا كانت هذه الدوائر تتواصل بشكل مباشر مع القاضيين من عدمه".

ووفقاً للمصدر الحكومي ذاته فإن "سيناريو منافسة دكروري للسيسي قائم على فرضية استبعاده من رئاسة مجلس الدولة، لأن قرار الاستبعاد سيضعه في خانة العداء المباشر مع السيسي، علماً بأنه يتردد في الأوساط القضائية أن دكروري سيحل في أقدميته الطبيعية رئيساً لمجلس الدولة، وأن قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية كان يستهدف رئيس محكمة النقض أنس عمارة فقط".



ودكروري غير معارض للنظام، فهو معروف بتأييده أحداث 30 يونيو/حزيران 2013 وأصدر عدة أحكام ضد الرئيس المعزول، محمد مرسي، خلال رئاسته للمحكمة الإدارية العليا مطلع 2013. كما كان عضواً بمجلس إدارة البنك المركزي بقرار من السيسي، إلاّ أن القوى السياسية المعارضة للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية اتخذته رمزاً لموقفها بعد إصداره حكماً ببطلان التنازل، وتضمين حيثياته اتهامات صريحة للسيسي بانتهاك الدستور.

أما جنينة، فعلى الرغم من علاقته القوية بالعديد من الدوائر البيروقراطية داخل الدولة، إلاّ أن العقبة التي تقف أمام خوضه الانتخابات هي زوجته التي تتمتع بالجنسيتين الفلسطينية والمصرية معاً، وتنازلها عن الجنسية الفلسطينية لا يزيل العائق الدستوري أمام ترشحه للانتخابات.
وعلى الرغم من الرصيد الكبير لجنينة في العمل السياسي والتنفيذي، إلاّ أن شعبيته لم تعد كما كانت حتى بين تيار استقلال القضاء، على خلفية أحداث ومواقف عدة، أبرزها استمراره في العمل رئيساً للجهاز المركزي للمحاسبات بعد عزل رئيس الجمهورية، محمد مرسي، وعدم اتخاذه موقفاً معارضاً للسيسي حتى إطاحة الأخير به العام الماضي، مما جعله يظهر بصورة المتشبث بمنصبه، خلافاً لمواقف زملائه القضاة الذين دفعوا ثمناً فادحاً لإعلان معارضتهم للنظام.

أما حجازي فوضعه مختلف قليلاً عن دكروري وجنينة، فلا توجد موانع دستورية أو عملية أمامه، لكنه يفتقر للرصيد الشعبي أو السياسي، كما أن فترة عمله القصيرة في القصر الجمهوري مع الرئيس المؤقت السابق، عدلي منصور، أفقدته جماهيريته في أوساط النخبة المعارضة لأحداث 3 يوليو/تموز 2013، كما تسببت في نبذه من قبل المؤسسة العسكرية بعدما شعرت بأنه قد يملك أجندة خاصة وطموحات أكبر من لعب دور مساعد للسيسي مستقبلاً.



ورأت بعض المصادر أن "حجازي المعروف بثقافته الواسعة ولباقته وتمكنه من الحديث بأكثر من لغتين، لم يفكر جدياً في أمر الترشح، لكنه من الأسماء التي يحاول بعض مشاكسي النظام ترويجها، في ظل عدم وضوح موقف أسماء مثل المحامي خالد علي، الذي ينقسم مؤيدوه بين فريق ينصحه بخوض الانتخابات، وفريق آخر ينصحه بألّا يفعل تفادياً لمصير حمدين صباحي، لا سيما وأنه لا توجد أي ضمانات لنزاهة الانتخابات، كما لا توجد ضمانات لإجرائها في موعدها الدستوري".

وسبق أن قال مصدران، أحدهما حكومي والآخر برلماني لـ"العربي الجديد"، إنه "قد صدرت تعليمات من عباس كامل، مدير مكتب السيسي لوسائل الإعلام لإبراز إجراء الانتخابات الرئاسية الفرنسية والانتخابات الأخرى في دول أوروبا، في ظل حالة الطوارئ، تمهيداً لإجراء استفتاء تعديل الدستور (وفقاً للخيار الأول) أو انتخابات الرئاسة (وفق الخيارين الثاني والثالث) في ظل حالة الطوارئ، التي يبدو أنها لن تقتصر على المدة الأولى التي أعلنها السيسي في أعقاب حادثي تفجير كنيستين بطنطا والإسكندرية، وهي 3 أشهر، خصوصاً أن مجلس النواب لن يعارض تمديد حالة الطوارئ لثلاثة شهور أخرى، ثم تجديد إعلانها تباعاً كما يحدث في شمال شرق سيناء".

وعن الظروف التي قد تدفع النظام لخيار الانتخابات، ذكر المصدر الحكومي أن "المسألة كلها تتعلق بالضغوط الغربية، وبصفة خاصة من الولايات المتحدة"، مشيراً إلى أن "السيسي لم يتلق حتى الآن ملاحظات بشأن الانتخابات الرئاسية من الولايات المتحدة أو ألمانيا أو بريطانيا أو الاتحاد الأوروبي، لكن هذه الملاحظات متوقعة في الفترة المقبلة، في ظل ضيق الوقت أمام تشكيل مفوضية الانتخابات وبدء إجرائها".
وتحدث السيسي في 26 أبريل/نيسان الماضي، للمرة الأولى، صراحة عن انتخابات رئاسية مقبلة، علماً بأنها جاءت في معرض إجابته عن سؤال لم تعرف هوية صاحبه خلال مؤتمر الشباب بالإسماعيلية، حمل عبارة "ماذا تفعل لو خسرت الانتخابات المقبلة؟". وهو ما تهكم عليه السيسي في البداية ثم أقسم أنه ليس متشبثاً بالمنصب، وأنه لن يزور الانتخابات، وأنه حريص على إجرائها بنزاهة.