مفارقات الحرب ضد "داعش": البشمركة تتقدم والقوات النظامية تتراجع

09 يونيو 2015
استعادت البشمركة نحو 700 كيلومتر من "داعش" (الأناضول)
+ الخط -
بعد عام مضى على سيطرة تنظيم "داعش" على مناطق واسعة من العراق، كشفت الحرب ضد التنظيم عن مفارقات غير متوقعة. وبينما استطاعت قوات البشمركة الكردية، أن تستعيد كثيراً من المناطق التي استولى عليها "داعش"، تستمر القوات العراقية في التراجع والتقهقر وتسليم مناطقها وسلاحها الى التنظيم.

وكانت قوات البشمركة، مدعومة بتشكيل كردي آخر يعرف بـ"الأسايش" وهو جهاز أمني خاص بالإقليم، يرأسه نجل الرئيس، مسعود البرزاني، قد تمكنت من استعادة نحو 700 كيلومتر من الأراضي التي استولى عليها "داعش" وفقاً لقادة عراقيين وأكراد.
وتعد مدن سنجار وقوش وزمار وشنكال وجلولاء والزاب والسد من أبرز المدن التي استعادتها القوات الكردية، بدعم مباشر من الطيران الأميركي والفرنسي، فضلاً عن 67 قرية تقع على سلسلة جبلية محاذية لمحافظتي أربيل ودهوك مع نينوى، يسكنها أكراد وعرب وفضلاً عن الأيزيديين والكاكائيين والزرادشتيين.
إلا أن غالبية سكان تلك المدن لم يرجعوا بعد الى منازلهم على الرغم من تحريرها بسبب ما تقول عنه القوات الكردية عدم اكتمال برنامج تأهيل المدن ورفع عشرات آلاف الألغام التي تركها التنظيم خلفه قبل انسحابه منه.

اقرأ أيضاً: داعش وعام على دولته الإسلامية

في المقابل، كانت الرمادي أحدث المدن التي خسرتها القوات العراقية بعد أن استولى التنظيم على مناطق عدة رئيسية بينها الموصل.
ولم تستطع القوات العراقيّة النظامية ومليشيا "الحشد الشعبي" الحفاظ على المناطق التي حرّرتها من تنظيم "داعش"، فقد خسرتها وفقدت، أيضاً، مناطق أخرى معها، خلال معارك الكر والفر التي ينفّذها التنظيم.
ويرجع مختصون أمنيون أسباب هذه المفارقات إلى ما يصفونه بـ"انعدام الروح الوطنية لدى القوات العراقيّة، وانعدام المهنية بعد دخول مليشيات الحشد الشعبي المعركة وتجاوز خطوط العمل العسكري إلى عمل العصابات".
من جهته، يقول القيادي في التحالف الكردستاني، حسن جهاد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "معنويات قوات البشمركة عالية جداً، فهي مؤسسة لها عمق تاريخي ومعروفة بتدريبها الجيد وتتمتع بروح وطنية عالية، ولديها الاستعداد للموت في سبيل الوطن والقضية".
ويلفت جهاد إلى أنّ "هذه المقومات كانت الدعامة الأساسية التي تسببت في تحقيق انتصارات مستمرة للبشمركة على تنظيم داعش على مدى عام مضى، وعلى جبهات عدة، ابتداءً من سنجار وكركوك وجلولاء وغيرها من المناطق التي استعادتها البشمركة من داعش، وقدّمت كثيراً من الشهداء في سبيل ذلك". ويشير القيادي في التحالف الكردستاني إلى أن "البشمركة، وعلى مدى عام كامل، استطاعت أن تحافظ على المناطق المحررة وتحرر أخرى، وهي تسجل في كل يوم تقدماً جديداً، ولم تتراجع عن أي شبر حررّته من التنظيم".
في المقابل، يشير جهاد إلى أنّ "انسحاب القوات العراقيّة والحشد الشعبي من المناطق التي حررّت من داعش وترك السلاح والعتاد للتنظيم، يرجع إلى عدم زرع روح الوطن لدى تلك القوات، كما أنّها لا تؤمن بقضية كإيمان البشمركة".
وفي السياق ذاته، كشف مسؤول مؤسسة الاستخبارات والدفاع في إقليم شمال العراق، لاهور جينغ طالباني، أنّ "البشمركة ضحّت حتى اليوم بـ 1300 مقاتل على الأقل استشهدوا في الحرب ضد داعش".
وقال طالباني، خلال مشاركته في معرض أقيم في مدينة السليمانية في إقليم كردستان وضم مقتنيات عناصر البشمركة القتلى في الحرب ضد "داعش"، من ألبسة ومحفظات وممتلكات أخرى، أنّ "هذا الرقم هو أقل رقم وهو قابل للزيادة لأنّ الحرب ضد التنظيم الإرهابي مستمرة". وأشار الى أنّ "قوات البشمركة، وخلال الحرب المستمرة منذ حوالي عام ضد داعش، تعلمت التكتيكات اللازمة بشكل أفضل من التنظيم، ولهذا السبب فهي تحقق تقدماً في كل يوم". مستدركاً: "علينا أن لا نتراخى مع التنظيم، لأنّ أمننا القومي في خطر ما دام هؤلاء الإرهابيون في هذه المنطقة".
من جهته، يرى الخبير الأمني، واثق العبيدي، أنّ "قوات البشمركة أصبحت، اليوم، هي القوة الأولى في العراق والتي تعد مؤسسة عسكرية قائمة على أسس مهنيّة". ويعتبر العبيدي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ "الحكومة العراقية، وخلال سنوات، عملت على تحطيم المؤسسة العسكرية العراقية لأسباب سياسية، وعمدت إلى زرع روح الطائفية وتعميق جذورها داخل المؤسسة، لتصبح، اليوم، مؤسسة هزيلة ضعيفة بكل معنى الكلمة نتيجة لتلك السياسات".

ويلفت العبيدي إلى أن "الحكومة عادت لتشكل مؤسسة طائفية مليشياوية لتكون ندّاً للمؤسسة العسكرية، لتأتي على ما تبقى منها"،. مشيراً الى أنّ "كل ذلك تسبب في انهيارات كبيرة أمام داعش وترك السلاح والمناطق المحررة له، فضلاً عن عدم وجود خطة لمسك الأراضي المحرّرة، وتركها في يد الحشد الشعبي الذي لا يمتلك روح حب الوطن بل يسعى للسلب والنهب".
ويؤكد العبيدي أنّ "الحشد الشعبي، الذي يتصدر المشهد الأمني اليوم، من غير الممكن أن يكون مؤسسة رصينة، بل سيبقى عبارة عن مليشيات وعصابات تتحرك وفقاً لأجندات سياسية".
ويشير الى أنّ "نتائج كل ذلك ظهرت للعيان من سياق المعارك والانتكاسات الأمنيّة الكبيرة، ومن خلال سيطرة التنظيم من جديد على أغلب المناطق التي تم تحريرها في صلاح الدين والأنبار وغيرها من المناطق".

اقرأ أيضاً: خلافات بين الرئاسات العراقية حول إعداد الجيش

المساهمون