انقسامات "نداء تونس": الهيئة التأسيسية وتصحيح المسار وجهاً لوجه

انقسامات "نداء تونس": الهيئة التأسيسية وتصحيح المسار وجهاً لوجه

14 مارس 2015
الخلافات داخل "نداء تونس" على طريق اللاعودة (ياسين غيدي/الأناضول)
+ الخط -
يبدو أنّ لحظة المواجهة بين شقي حزب "نداء تونس" الذي أسّسه الرئيس التونسي الحالي الباجي قائد السبسي) قد حانت، ووصلت الى طريق اللاعودة في ظل إصرار فريق الهيئة التأسيسية من ناحية، ومجموعة تصحيح المسار التي يقودها حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس، من ناحية ثانية على موقفيهما.

اقرأ أيضاً ("نداء تونس": مؤتمر أول لتطويق الأزمة الداخلية)
ولم تفلح جهود التهدئة، التي دعا إليها السبسي الأب منذ أيام، حين دعا إلى تعيين موعد للمؤتمر الأول للحزب في أقرب وقت، ولمّ شمل كل التيارات دون إقصاء أحد وتطويق التجاذبات، التي يعيشها الحزب والتي انعكست سلباً على صورته، والعمل على أن يكون هذا المؤتمر موحّداً لكل الطاقات.
وبعد اللقاء الذي جمع السبسي الأب مع المدير التنفيذي بوجمعة الرميلي، انعقدت الهيئة التأسيسية وأصدرت بياناً تضمن دعوة إلى الإسراع في إنجاز المؤتمر الأول للحزب في أجَل لا يتعدى شهر يونيو/حزيران 2015.

ودعا البيان إلى اجتماع المجلس الوطني للحزب يومي 18 و19 إبريل/نيسان المقبل لاعتماد خارطة الطريق التفصيلية الخاصة بإنجاز المؤتمر وتشكيل لجان عمل تجمع كفاءات الحزب بهدف إعداد المؤتمر الانتخابي والانخراطات والنظام الداخلي، ومتابعة العمل الحكومي وتقييمه، والبلديات، والعمل المحلي، ومرافقة العمل البرلماني ومتابعة الهياكل المحلية والجهوية.
غير أنّ مجموعة "تصحيح المسار"، التي هدأت يومين لالتقاط الأنفاس في ما يبدو، لم تستسغ موقف الهيئة التأسيسية الذي أدان ما وصفه بـ"التصريحات غير المسؤولة" لعدد من وجوه الحركة، ومنتسبيها في بعض المنابر الإعلامية الموجّهة، والتي أحدثت ضرراً كبيراً في صورة الحزب.
ولم تبيّن الهيئة التأسيسية موقفها من دعوات توسيعها وانضمام حافظ السبسي إليها، بل لمّحت إلى أن التركيبة ستبقى على حالها باستثناء انضمام رئيس مجلس نواب الشعب، محمد الناصر، ورئيس الحزب بعد خروج السبسي الأب إلى رئاسة الجمهورية، ما يعني إقصاء التصحيحيين من مشهد قيادة الحزب.

بدوره، وجّه حافظ السبسي، في تدوينة على صفحته الرسمية أول من أمس، دعوة إلى انعقاد مجلس وطني لحركة "نداء تونس" اليوم بهدف "إشراك أوسع قاعدة لإطارات الحركة في جميع جهات البلاد".

وأضاف أنّ من بين النقاط التي يقترحها اليوم "الانضمام الآلي للمنسقين المحليين وممثلي المرأة والشباب في الجهات، ورؤساء اللجان الجهوية للانتخابات في المجلس الوطني، تثميناً لدورهم الريادي في إنجاح جميع المحطات التي خاضتها حركة (نداء تونس)، والتي تُوجّت بالنجاح في الاستحقاقات الانتخابية. ومن هذا المنطلق أؤكد على حضورهم لإنجاح المجلس الوطني، والذي يعتبر موعداً هاماً في تاريخ الحركة".
ويشكّل هذا الموقف دعوة صريحة إلى المواجهة المباشرة مع الهيئة التأسيسية ومع التيار الذي يمثلها، وقد يشكل خروجاً في الظاهر عن "بيت الطاعة العائلي"، إذ إنّ السبسي الأب دعا المدير التنفيذي بوجمعة الرميلي إلى وضع حدّ للمعركة الدائرة بين الطرفين، ما يعني تمسكه بالأطر الرسمية للحزب وبشرعية الهيئة التأسيسية.

من جهة ثانية، قال النائب خميس قسيلة، أحد قياديي النداء، الذين يساندون الحملة التصحيحية، إنهم يرفضون بيان الهيئة التأسيسية الذي جاء بما وصفه بـ"الإرهاب فكري من هيئة قبلت أن يكون ضمن الاجتماع من تسبّب في هذه الأزمة" في إشارة إلى الوزير لزهر العكرمي ومستشار الرئيس محسن مرزوق ومدير الديوان الرئاسي رضا بلحاج، لأن هذا الثالوث، بحسب قوله "حاول الانقلاب على الحزب واستغلّوا في ذلك مناصبهم في الدولة".

وأكد أستاذ القانون وأحد المعارضين، توفيق بوعشبة، أن الهيئة التأسيسية لا وجود قانونياً لها بين هياكل الحزب حسبما ينص عليه قانون الحزب، وأن دورها انتهى كلياً.

ويدرك السبسي الابن أنّ جزءاً مهماً من نواب الحزب في البرلمان، وأعضاء في المكتب التنفيذي ومنسقين جويين ومحليين يساندون توجهه في خوض ما سمي "الحركة التصحيحية". ويدرك أن دعوته إلى حضورهم جميعاً اليوم يمكن أن تعني لمّ شمل الغاضبين وتكوين جبهة كبيرة رافضة داخل الحزب، وليس أمامها إلا خياران: خوض الصراع من الداخل، أو من الخارج.

ويشكّل ما وصفه بـ"الموعد الهام في تاريخ الحزب" نقطة بارزة بالفعل في مصير النداء، بدخول الجبهة فيها، تكون قد بدأت رحلة اللاعودة، مع جملة الارتدادات التي قد تحصل ليس على مستوى الحزب فقط وإنما على الحكومة والبرلمان وكامل المشهد السياسي بتوازناته المختلفة.

اقرأ أيضاً (الصراع على مواقع القرار يتهدد وحدة حزب "نداء تونس")
ويدور الجدل الحزبي في ظل مخاوف من انقسام داخل النداء قد يؤدي إلى انقسام في كتلته البرلمانية يمكن أن ينعكس على التكتل المساند للتشكيل الحكومي الحالي، وبالتالي على المشهد السياسي التونسي وتوازناته المحلية والإقليمية.

دلالات