وزير الداخلية الجزائري يزور موريتانيا: الأمن والمعابر أولوية

وزير الداخلية الجزائري يزور موريتانيا: الأمن والمعابر أولوية

01 ابريل 2021
منذ بداية عام 2020 لم تنقطع زيارات الوزراء الجزائريين إلى موريتانيا (تويتر)
+ الخط -

تشهد العلاقات الجزائرية الموريتانية تطوراً كبيراً وبشكل غير مسبوق في الفترة الأخيرة، بعد توجه لافت للجزائر نحو تعزيز علاقاتها مع نواكشوط، ضمن تحول تبديه الجزائر منذ انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون، برسم أفق لإعادة تموضع الجزائر في عمقها الأفريقي.

ووصل وزير الداخلية الجزائري كمال بلجود، اليوم الخميس، إلى نواكشوط في زيارة رسمية إلى موريتانيا، وصفها بيان الداخلية بأنها "زيارة تندرج في إطار الديناميكية التي تطبع العلاقات بين البلدين والقائمة على حسن الجوار والتعاون والتنسيق"، حيث سيبحث الوزير بلجود مع وزير الداخلية واللامركزية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوك وكبار المسؤولين الموريتانيين ملف التعاون السياسي وملف المعابر البرية وتنمية المناطق الحدودية، إضافة إلى ملف بالغ الأهمية يتعلق بالتنسيق الأمني وتأمين الحدود.

وعلى الرغم من الاطمئنان الكبير الذي تبديه الجزائر إزاء ملف أمن الحدود البرية التي تربطها مع موريتانيا، بعد تقويض وجود المجموعات الإرهابية المسلحة في المنطقة الحدودية، بفعل الالتزام الموريتاني بتنفيذ متطلبات المجهود الأمني الذي تقتضيه المرحلة، فإن عودة تمركز المجموعات الإرهابية في الساحل الأفريقي، وخاصة وسط النيجر وشمالي مالي القريبة من الحدود الموريتانية الجزائرية، تدفع الجزائر، بحسب مراقبين، إلى اتخاذ احتياطات مبكرة لتحفيز الجانب الموريتاني على التحفز لمنع أي تموقع للجماعات المسلحة.

وفي هذا السياق، تتخوف الجزائر من أن تعمد المجموعات المسلحة النشطة في منطقة الساحل تحت اعتبارات متعددة لاستهداف خط التجارة البرية الجديد، الذي فتح في أغسطس/آب 2018، ويربط بين تندوف، جنوبي الجزائر، ومدينة الزويرات الموريتانية، لتسهيل حركة الأشخاص والسلع ومضاعفة التبادل التجاري إلى السوق الموريتانية، ومنها إلى السنغال ودول أفريقيا الغربية.

وتأتي زيارة وزير الداخلية الجزائري إلى موريتانيا بعد زيارة تمت قبل أسبوعين لوزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم.

ومنذ بداية عام 2020، لم تنقطع زيارات الوزراء الجزائريين إلى موريتانيا، واتخذ التعاون البيني أشكالاً سياسية وعسكرية مختلفة، ففي أغسطس/آب 2020 حطت طائرة جزائرية في نواكشوط، حملت وزراء الشؤون الخارجية والمالية والتجارة والصحة، ووفداً من الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي، في سابقة سياسية. كما تعزز التعاون بين البلدين في المجال الصحي، حيث أوفدت الجزائر بعثتين للمساعدة على إنشاء الصيدلية المركزية وتسيير أزمة كورونا، إضافة إلى تقديم مساعدات طبية.

وفي المجال العسكري، بدأت الجزائر ونواكشوط مرحلة جديدة من التعاون والتنسيق، إذ تقوم الجزائر بتدريب عدد من كوادر الجيش والأمن الموريتانيين، وفي شهر يناير/كانون الثاني الماضي، استقبلت الجزائر رئيس الأركان العامة للجيوش الموريتانية الفريق محمد بمبا مقيت، حيث تقرر تعزيز التعاون العسكري والتنسيق الأمني والعسكري، وعرضت الجزائر توريد معدات لصالح الجيش الموريتاني.

ويعتقد الباحث المختص في الشؤون الأمنية والسياسية والأستاذ في جامعة ورقلة، جنوبي الجزائر، مبروك كاهي، أن ما يعزز التعاون بين البلدين هو أن "المجال الحدودي ممتد على أكثر من 240 كلم، وكلها مؤمنة، والمناورة الأخيرة للجيش الجزائري والتي تمت في منطقة تندوف، قرب الحدود مع موريتانيا، أكدت الجاهزية لسحق أي عدو تسول له نفسه المساس باستقرار تلك الحدود".

ويضيف أن هناك أداء متميزا للخارجية والدبلوماسية الجزائرية باتجاه موريتانيا وفي المنطقة، بهدف استعادة العمق الاستراتيجي، مشيراً إلى أن "الجزائر بدأت تفكر في فعالية الشاحنة (يقصد شاحنات السلع)، بدلاً من الدبابة (العقيدة الأمنية)، خاصة في حال تنفيذ خط سكة حديد يربط مدينة وهران وميناءها، غربي الجزائر، بمدينة تندوف، جنوبي الجزائر، والقريبة من الحدود الموريتانية، الأمر الذي من شأنه أن يقلل من كلفة نقل السلع نحو أفريقيا، كما أن كل مقومات النجاح لاقتحام موريتانيا ومن ثم العمق الأفريقي متوفرة في حال كانت هناك إرادة، ففي مجال الفلاحة الصحراوية تحقق الجزائر الريادة،وموريتانيا جل أراضيها صحراوية، وبالتالي تحتاج للخبرة الجزائرية، وكذلك الأمر بالنسبة للسلع الجزائرية في مجال الصناعات الكهرومنزلية والصناعات الغذائية".

ولا يغيب الاندفاع الجزائري نحو موريتانيا عن السياقات السياسية المرتبطة بحرص الجزائر، التي تستثمر حالياً في كون رئيس الحكومة الموريتانية خريج الجامعة الجزائرية، إذ تلقى تكوينه الأكاديمي في مدرسة الهندسة والري في جامعة البليدة، قرب العاصمة الجزائرية، وهو عامل يلعب لصالح تعزيز العلاقات بين البلدين، ويدفع نحو إبقاء موقف موريتانيا محايداً في قضية النزاع على الصحراء بين المغرب وجبهة البوليساريو، واستغلال توترات ظرفية راهنة بين الرباط ونواكشوط، ترجم بإلغاء الزيارة التي كانت مقرر لوزير الخارجية الموريتاني ولد الشيخ إلى الرباط.

وفي السياق، يعتقد مبروك كاهي أن من الواضح أن الجزائر تسعى لاستغلال جملة من الأزمات برزت في الفترة الأخيرة بين المغرب وكل من إسبانيا وألمانيا وهولندا وبلجيكا، والتحول الحاصل في الإدارة الأميركية بعد وصول جو بايدن إلى الحكم، وأخيراً الأزمة مع موريتانيا، وكذلك قرار التطبيع، لتعزيز موقفها في السياق الموريتاني، وربما دفع نواكشوط إلى غلق معبر الكركرات الذي كان محل أزمة قبل أشهر.

المساهمون