هل تنجح فرنسا في تنشيط العلاقات مع المغرب والجزائر بشكل متزامن؟

هل تنجح فرنسا في تنشيط العلاقات مع المغرب والجزائر بشكل متزامن؟

15 مارس 2024
تحسين العلاقات بشكل مستدام مع كلا البلدين في وقت واحد يظل مسألة صعبة (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- فرنسا تحت قيادة ماكرون تسعى لتعزيز علاقاتها مع الجزائر والمغرب، محاولة إيجاد توازن دبلوماسي وتأكيد على أهمية العلاقة مع كلا البلدين دون الإضرار بأحدهما.
- الأزمات الدولية والإقليمية تدفع فرنسا للسعي نحو استقرار علاقاتها مع الجزائر والمغرب، مع التأكيد على ضرورة التعاون الثلاثي لمواجهة التحديات.
- تواجه فرنسا تحديات في تحسين العلاقات مع الجزائر والمغرب بسبب الضغوط السياسية والقضايا الحساسة، مع محاولات لإيجاد أرضية مشتركة تحترم المصالح الأساسية لكل طرف.

تصر فرنسا على طموحها لتحسين علاقاتها مع الجزائر والمغرب بشكل متزامن، وهي مقاربة دبلوماسية فشلت حتى الآن، لكنها تعود بقوة في سياق دولي محفوف بالمخاطر.

وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، هذا الأسبوع، أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون سيقوم بزيارة لفرنسا في الخريف القادم، مشيراً بوضوح إلى أن تنشيط العلاقات مع الرباط لا يعني تباعداً مع الجزائر.

ويوضح مصدر دبلوماسي أن "الرئيس لم يفضل الجزائر على المغرب، ولم يفكر قط في القيام بالعكس أيضاً"، مشدّداً: "نحن لا ننظر إلى العلاقات الفرنسية الجزائرية والفرنسية المغربية على أنها مترابطة".

وكلف ماكرون وزير الخارجية ستيفان سيجورنيه بكتابة فصل جديد في العلاقات مع المغرب، بعد سنوات من الخلافات الدبلوماسية المرتبطة خصوصاً بالتقارب بين باريس والجزائر.

وخلال زيارته إلى الرباط، في 26 فبراير/ شباط، قال سيجورنيه إنّه "اختار" المغرب لزيارته الأولى للمنطقة بعد توليه حقيبة الخارجية. وسبق هذه الزيارة حفل استقبال في قصر الإليزيه نظمته السيدة الأولى بريجيت ماكرون لأخوات ملك المغرب محمد السادس.

من جهته، يرى المؤرخ والأستاذ بجامعة السوربون بيار فيرميرين أن "التزامن" الذي يريده الإليزيه "ليس خياراً، بل هو ضرورة لفرنسا التي يجب أن تكون لها علاقات سليمة مع المغرب والجزائر". ويضيف أن "أحداث الشرق الأوسط واحتدام الحرب في أوكرانيا والصعوبات في منطقة الساحل تفرض التحلي بالحكمة"، مشيراً إلى أن هذه الرغبة "تتقاسمها" الدول الثلاث التي "تحتاج الواحدة إلى الأخرى".

داخلياً، تعرض إيمانويل ماكرون لـ"ضغوط قوية" لإعادة التوازن في المغرب العربي، فقد ضغط العديد من البرلمانيين والسياسيين، وحتى الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، من أجل تنشيط العلاقات مع الرباط، كما يوضح الباحث في مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسط في جنيف، حسني عبيدي.

ويؤكد عبيدي أنه تم إبلاغ رسالة واضحة مفادها أن "فرنسا لن تكسب الجزائر، وتخاطر بخسارة المغرب".

وبالنسبة إلى الرباط، تبيّن في نهاية المطاف أن فرنسا شريك أكثر موثوقية "على المدى الطويل" من الولايات المتحدة أو إسرائيل، وفق بيار فيرميرين، الذي يؤكد أن المغرب ليس أولوية بالنسبة لواشنطن، في حين أن إسرائيل فقدت مصداقيتها على الساحة العربية منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة.

"حبل مشدود"

في الوقت ذاته، تبدو اللحظة أكثر ملاءمة للتقارب مع الجزائر التي لم تستفد من الفراغ الذي تركه الفرنسيون في منطقة الساحل. والأسوأ من ذلك، يبدو أن الجزائر تجد نفسها في موقف فرنسا نفسه في مالي، بعدما أنهى المجلس العسكري الحاكم اتفاق الجزائر المبرم عام 2015 مع الجماعات الانفصالية في شمال البلاد، والذي اعتُبر لفترة طويلة ضرورياً لتحقيق الاستقرار.

ويتابع الأستاذ في جامعة السوربون أن منطقة الساحل "تجتذب كل قوى الهيمنة (...) وهذا يزعج المغرب والجزائر وفرنسا، ما يخلق أرضية للتوافق"، مضيفاً أن قضية الساحل ليست محورية في المصالحة، لكنها "تساهم فيها". غير أن تحسين العلاقات بشكل مستدام مع كلا البلدين في وقت واحد يظل مسألة صعبة.

ويذكر الخبراء أنه بالنسبة للرباط، تظل مسألة الاعتراف بـ"مغربية الصحراء" ضرورية لتحقيق المصالحة الكاملة مع باريس.

وعن هذا الموضوع الحساس، يشير حسني عبيدي إلى أن وزير الخارجية الفرنسي كان "حذراً للغاية"، وقد أقر سيجورنيه بأن هذه "مسألة وجودية بالنسبة للمغرب".

(فرانس برس)

المساهمون