مصر والقمة الأميركية ـ الأفريقية... حقوق الإنسان قضية هامشية

مصر والقمة الأميركية ـ الأفريقية... حقوق الإنسان قضية هامشية

14 ديسمبر 2022
علاء عبد الفتاح أبرز المعتقلين الذين يتم التداول باسمائهم دولياً (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

مع انطلاق قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا، في العاصمة الأميركية واشنطن أمس الثلاثاء، عاد الحديث في مصر مجدداً عن مصير بعض المعتقلين الذين عادةً ما يتم ذكرهم في المحادثات الرسمية بين المسؤولين الأميركيين والمصريين، وأحياناً يتم الإفراج عن أحدهم في مناسبات كهذه.

وأكدت وزارة الخارجية الأميركية، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أن القمة التي يحضرها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "ستظهر التزام الولايات المتحدة الدائم تجاه أفريقيا وتؤكد تعزيز التزام الولايات المتحدة وأفريقيا بالديمقراطية وحقوق الإنسان".

ويأتي على رأس قائمة هؤلاء المعتقلين، الناشط السياسي البارز علاء عبد الفتاح، ومحاميه محمد الباقر، الذي اعتقل أثناء الدفاع عن موكله في سبتمبر/ أيلول 2019، والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية عبد المنعم أبو الفتوح، بالإضافة إلى الناشط والمدون محمد إبراهيم المشهور بـ"أكسجين".

لا يمكن التعويل على حدوث انفراجة حقيقية في ملف المعتقلين في مصر

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد انتقدت في ديسمبر/كانون الأول 2021، الحكم على النشطاء الثلاثة (عبد الفتاح والباقر وأكسجين). وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، إن حكومة بلاده "أصيبت بخيبة أمل" من الأحكام الصادرة بحق ثلاثة من النشطاء البارزين في مصر. في حين ردت الخارجية المصرية بـ"رفض ربط مسار العلاقات بين البلدين بمثل هذه القضايا".

غياب قضية حقوق الإنسان عن القمة

ودعا الرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقائه بالسيسي، على هامش قمة المناخ التي انعقدت في شرم الشيخ في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، السلطات المصرية إلى الإفراج عن عبد الفتاح.

تقارير عربية
التحديثات الحية

بدوره، قال دبلوماسي مصري سابق وخبير في العلاقات المصرية الأميركية، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "قضية حقوق الإنسان، على الرغم من تأكيد الإدارة الأميركية على أهميتها، إلا أنها تبقى قضية هامشية في قمة القادة الأميركيين والأفارقة المنعقدة في واشنطن". ولفت إلى أنه "لا يمكن التعويل على حدوث انفراجة حقيقية في ملف المعتقلين في مصر بناء على لقاء الرئيس المصري بنظيره الأميركي".

وأوضح الدبلوماسي أن "الأهداف الأميركية من القمة تتركز حول مواجهة محاولات قوى دولية أخرى بسط نفوذها في القارة الأفريقية، في الوقت الذي يتوسع فيه الصراع الدولي على المصالح العسكرية والتجارية والدبلوماسية في أفريقيا، الذي هيمنت عليه الصين لفترة طويلة، ليشمل قوى أخرى مثل روسيا وتركيا والإمارات". وأشار إلى أن "الولايات المتحدة تخلفت في هذه المنافسة الشديدة، وهو ما جعل إدارة بايدن تعيد حساباتها".

مصر تحتاج إلى إجراء مصالحة تشمل جميع فئات المجتمع

وأوضح الدبلوماسي السابق أن اهتمام إدارة بايدن بقضية حقوق الإنسان في القارة الأفريقية بشكل عام، وفي مصر على وجه الخصوص، "ينبع من التزام سابق للرئيس الديمقراطي وإدارته، بالدفاع عن حقوق الإنسان حول العالم، وهو الالتزام الذي أثبتت الأيام عدم أهميته بالنسبة إلى بايدن، في مقابل المصالح". وأكد أن هذا ما "ظهر في طريقة تعاطيه مع قضية الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي قتل داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، حيث زار بايدن السعودية بعد ذلك".

ولفت المصدر إلى أن "الأمر ذاته حدث في تغير أسلوب تعامل بايدن مع نظيره المصري"، مشيراً إلى "تغريدة بايدن عن السيسي في يوليو/تموز 2020، والتي قال فيها: محمد عماشة في المنزل أخيراً بعد 486 يوما في السجون المصرية لحمله لافتة تظاهر. الاعتقال، التعذيب واستبعاد النشطاء مثل سارة حجازي ومحمد سلطان أو تهديد عائلاتهم غير مقبول، لا مزيد من الشيكات على بياض لديكتاتور ترامب المفضل". وقال المصدر إن "لقاء بايدن والسيسي في شرم الشيخ الشهر الماضي، كان حميمياً للغاية، إذ أشاد الرئيس الأميركي بالعلاقات بين البلدين، واعتبر أن لقب أم الدنيا يليق بمصر".

لا رهان على إفراج عن معتقلين

من جهته، قال سياسي مصري بارز ونقابي سابق، إن تأكيد بايدن خلال لقائه السيسي في شرم الشيخ الشهر الماضي، أن الحوار سيستمر حول قضية حقوق الإنسان، وتأكيد الخارجية الأميركية على أن قمة القادة الأميركيين والأفارقة سوف تركز على هذه القضية، "لا يعني رفع سقف التوقعات الخاصة بأوضاع حقوق الإنسان في مصر بشكل عام، والمعتقلين بشكل خاص".

وأكد أن "الرهان على تحقيق انفراجة في ملف المعتقلين بعد زيارة الرئيس المصري إلى واشنطن، ليس في محله، فحتى لو أفرجت السلطات عن بعض المعتقلين، فإن الإفراج سيكون في حدود ضيقة كالعادة"، مضيفاً أنه "سيشمل أسماء بعينها تركز عليها الإدارة الأميركية، نتيجة الضغوط التي تمارس عليها من داخل الكونغرس ومنظمات المجتمع المدني".

وأوضح السياسي أن "الإفراج عن أي شخص بريء أمر يستحق الاحتفاء، ولكن ما تحتاجه مصر في الوقت الحالي هو إجراء مصالحة تشمل جميع فئات المجتمع". وأشار إلى أنه "لن يتحقق ذلك من دون الإفراج فوراً عن جميع المعتقلين السياسيين أياً كانت انتماءاتهم السياسية، وذلك لن يحدث إلا بدافع وطني بحت وليس من خلال إملاءات خارجية، ويكون باقتناع السلطة بضرورة هذا الفعل من أجل المستقبل".