ما مصير الدعوة لنشر قوات سلام أممية في فلسطين؟

ما مصير الدعوة لنشر قوات سلام أممية في فلسطين؟

20 مايو 2024
من الدمار بحي الزيتون في غزة، 17 مايو (داود أبو الكاس/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في الدورة الـ33 لمجلس جامعة الدول العربية بالبحرين، تم اقتراح نشر قوات سلام أممية في فلسطين لدعم حل الدولتين، بمشاركة فعالة من الرئيس المصري السيسي، مما يعكس الاهتمام العربي بالقضية الفلسطينية.
- حماس رفضت الاقتراح، مؤكدة على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بدلاً من تقنينه، ما يبرز التحديات والخلافات بين الفصائل الفلسطينية حول استراتيجيات التعامل مع الاحتلال.
- الشكوك الدولية حول تنفيذ الاقتراح تتزايد بسبب الرفض الإسرائيلي المتوقع والتعقيدات السياسية الدولية والإقليمية، مع تأكيد خبراء ودبلوماسيين على العقبات الكبيرة التي تواجه تطبيق مثل هذا المقترح.

شهدت أعمال الدورة العادية الثالثة والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمّة، التي انعقدت في البحرين الخميس الماضي، العديد من الاجتماعات الثنائية بين القادة العرب على هامش القمّة، جرى خلالها التباحث حول "مستقبل قطاع غزة" بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية، حيث طُرحت فكرة نشر قوات سلام أممية في فلسطين.

اقتراح عربي بنشر قوات سلام أممية في فلسطين

وقالت مصادر دبلوماسية مصرية، لـ"العربي الجديد"، إن "الفقرة الخاصة بالدعوة إلى نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حلّ الدولتين، والتي وردت في البند الرابع من إعلان البحرين، اتُّفق عليها خلال الاجتماعات الثنائية التي شارك فيها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي وصل إلى المنامة قبل انعقاد القمة العربية بيوم كامل".

اتُّفق على المقترح خلال اجتماعات القمّة الثنائية التي شارك فيها السيسي

وأكد مصدر قيادي في حركة حماس أن الحركة ترفض وجود مثل هذه القوات قائلاً في تصريح لـ"العربي الجديد" وطالباً عدم ذكر اسمه: "موقفنا ثابت من وجود أي قوات أجنبية على أرض قطاع غزة، وهو الرفض التام مهما كانت الذرائع والأسباب"، مضيفاً أن "الفلسطينيين يريدون إنهاء الاحتلال، لا قوات عسكرية لحمايته وتقنين وجوده على الأرض الفلسطينية، وبالتالي، فليسعى العالم لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين بدلاً من السعي وراء نشر قوات أممية فيها توفر الحماية للاحتلال".

وتعليقاً على ذلك، رأى خبير القانون الدولي الإنساني ضابط الاتصال السابق لقوات حفظ السلام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في البلقان أيمن سلامة أن هناك صعوبة في تطبيق المقترح الخاص بتشكيل قوات سلام أممية في فلسطين وتحديداً في قطاع غزة، قائلاً في حديث لـ"العربي الجديد" إن "هناك أقاليم تشرف عليها قوات تابعة للأمم المتحدة أو قوات دولية متعددة الجنسيات، لكن ذلك النموذج صعب التطبيق في قطاع غزة، لأن دولة الاحتلال الإسرائيلي سترفض وجود قوات أجنبية، سواء من الأمم المتحدة، أو حلف الناتو، أو أي نوع آخر".

وأضاف سلامة أنه "منذ نشأة دولة الاحتلال الإسرائيلي في عام 1984، وهي تنظر إلى منظمة الأمم المتحدة على أنها غير محايدة تجاه صراعها مع الدول العربية، بل تعتبرها وكأنها عدو لدود، وذلك نتيجة مئات القرارات التي صدرت عن المنظمة، سواء الجمعية العامة أو مجلس الأمن الدولي أو المنظمات والوكالات الإنسانية وغير الإنسانية للأمم المتحدة، التي تدين خروقات الاحتلال للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان".

وشدّد سلامة على أن إسرائيل "ترفض رفضاً باتاً وجود أي قوات سلام أممية في فلسطين المحتلة، سواء داخل أراضيها (أراضي الداخل المحتل) أو في الأراضي الفلسطينية المحتلة داخل قطاع غزة أو في أي مكان آخر، والدليل على ذلك أنه حين انتشرت قوة الطوارئ الدولية الأولى للأمم المتحدة في عام 1956 بعد العدوان الثلاثي على مصر، ورغم انتشارها في مدينة بورسعيد وسيناء في مصر، ورغم أن ولايتها كانت تتضمن العمل والانتشار في صحراء النقب المحتلة، إلا أن تل أبيب رفضت رفضاً باتاً وجود القوة في إسرائيل".

وأضاف سلامة أنه "حتى المبادرات الأوروبية المتعددة لإنشاء فرق مراقبين عسكريين مسلحين أو غير مسلحين من دول الاتحاد الأوروبي، في قطاع غزة تحديداً، قوبلت برفض إسرائيلي قاطع، والحالة الوحيدة التي قبلت فيها إسرائيل، على استحياء، بعثة مراقبين متعددي الجنسية كانت في مدينة الخليل بعد المذبحة الشهيرة، بهدف تهدئة الأوضاع ومراقبتها بين المستوطنين الإسرائيليين والسكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وتحديداً في مدينة الخليل، ولكن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قرّر عدم تمديد تفويض تلك البعثة، وقال إنه لن يسمح لجهة (معادية لإسرائيل) بالبقاء في الضفة الغربية". يُذكر أن الوجود الدولي المؤقت في الخليل كان بعثة مراقبة بعثت بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي سنة 1994، وكانت أول مهمة للبعثة قد بدأت في 8 مايو/أيار 1994. وفي 28 يناير/كانون الثاني 2019، صرّح نتنياهو بأنه قرّر عدم تمديد ولاية البعثة الدولية.

مقترحٌ غير واقعي

بدوره، رأى المساعد السابق لوزير الخارجية المصري السفير حسين هريدي إن هناك شروطاً أخرى يجب توفرها أيضاً لتطبيق المطلب العربي بإنشاء قوات سلام أممية في فلسطين المحتلة، وتحديداً داخل قطاع غزة، من الناحية الفلسطينية، قائلاً في تصريح لـ"العربي الجديد" إنه "لا يمكن أن يُنفَّذ هذا القرار على أرض الواقع في الأراضي الفلسطينية، لا سيما قطاع غزة، إلا بموافقة الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حركة حماس والجهاد الإسلامي".

مختار الغباشي: لن توافق الولايات المتحدة وإسرائيل على مثل هذا المقترح

من جهته، رأى نائب مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية مختار الغباشي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "من المستحيل أن تكون هناك قوات أممية في فلسطين المحتلة، لأن وجود مثل هذه القوات معناه إقرار بوجود الدولة الفلسطينية". وأضاف: "هل الولايات المتحدة وإسرائيل ستوافقان على نشر قوات أممية في فلسطين؟". وأضاف: "أتصور أن كلمة طلب غير واقعية، لأن القوات الأممية في العادة تُخلق عندما يكون هناك نزاع على حدود ما بين دولتين أو حدود مقرّة وفقاً لقواعد القانون الدولي، لكن واقع القضية الفلسطينية أنه لا توجد دولة، ولا ملامح دولة ولا توجد أرض أصلاً تقام عليها الدولة، فإسرائيل تتحكم في مفاصل الضفة الغربية وتتحكم في غزة"، بحسب رأيه.

المساهمون