يبدو أن حالة الهدوء بين الولايات المتحدة والحوثيين قد انتهت، لتبدأ مرحلة جديدة من الصراع، عقب قيام الجماعة باستهداف السفن التي تقول إنها إسرائيلية أو متجهة لإسرائيل، في البحر الأحمر، إذ أدت هذه الهجمات إلى تغيير في الموقف السياسي والعسكري للإدارة الأميركية من الجماعة.
في السياق، قُتل 10 حوثيين وأُصيب اثنان آخران، أول من أمس الأحد، جراء قصف أميركي لزوارق تابعة للحوثيين هاجمت سفينة حاويات في جنوب البحر الأحمر. وأعلنت القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية أنها أغرقت 3 من أصل 4 زوارق للحوثيين وقتلت طواقمها، إثر مهاجمتها سفينة تجارية لشركة "ميرسك" الدنماركية في البحر الأحمر.
وقالت القيادة المركزية إن فريق الأمن المتعاقد لحماية السفينة رد بإطلاق النار باستخدام المروحيات الأميركية الموجودة على سفينتي "يو إس إس إيزنهاور" و"غرافيلي"، وذلك بعد نداء استغاثة أطلقته السفينة التجارية.
الحوثيون والأميركيون
القوات المسلحة التابعة لحكومة الحوثيين قالت إن "قوات أميركية أقدمت على الاعتداء على 3 زوارق تابعة للقوات البحرية أثناء أدائها واجبها الإنساني والأخلاقي". وأعلنت في بيان لها فقدان 10 من منتسبي قواتها البحرية إثر العدوان الأميركي، مضيفة أنها "تزف شهداء القوات البحرية في خضم معركة الإسناد لطوفان الأقصى"، محملة العدو الأميركي تبعات الجريمة وتداعياتها، على حد قول البيان.
شهدت طهران لقاءً إيرانياً حوثياً مساء الأحد
وأشار البيان إلى تنفيذ عملية عسكرية على سفينة الحاويات "ميرسك هانغتشو" كانت متجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة بصواريخ بحرية مناسبة. وأكد البيان أن عملية الاستهداف لسفينة الحاويات جاءت بعد رفض طاقمها الاستجابة للنداءات التحذيرية من القوات البحرية.
وذكر البيان أن "تحركات العدو الأميركي في البحر الأحمر لحماية السفن الإسرائيلية لن تمنع اليمن من أداء واجبه دعماً ونصرة لفلسطين".
وأهاب البيان ببقية الدول عدم الانخراط في المسلك الأميركي الخطير لما سينتج عنه من تداعيات سلبية ستؤثر تداعياتها على الجميع. ونصح البيان كافة الدول بعدم الانجرار مع مخططات الأميركي الهادفة إلى إشعال الصراع في البحر الأحمر، مؤكداً أن القوات المسلحة لن تتردد في التصدي لأي عدوان ضد بلدها وشعبها.
في سياق متصل، ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" أن لقاء جمع، أول من أمس الأحد، المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام، مع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني علي أكبر أحمديان.
وكشفت الوكالة أن الحديث دار خلال اللقاء حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، والتطورات الأمنية في المنطقة. وثمّن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني ما سماه بـ "صمود الحكومة والشعب اليمنيين خلال السنوات الصعاب"، كما أثنى على "إجراءات اليمن الشجاعة لدعم الشعب الفلسطيني في صد العدوان والهجمات الوحشية من جانب الكيان الصهيوني".
عضو المجلس السياسي لجماعة الحوثيين علي القحوم اعتبر، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "ما قامت به أميركا وبريطانيا باستهداف القوات البحرية اليمنية، هو عدوان متكامل الأركان، وفتح باباً لن يستطيعوا إغلاقه، وأشعلوا فتيل معركة لن يستطيعوا الخروج منها بسهولة، وستكون تكلفتها كبيرة عليهم، وستجلب لهم الوبال والويل".
وأضاف أن "عليهم الإدراك أن هذا العدوان لن يمر ولن يسقط بالتقادم، والبادئ أظلم"، مشيراً إلى أن "على أميركا وبريطانيا تحمّل تبعات ما أقدمتا عليه والآتي أعظم، واليمن له الفخر والشرف أن يكون مع فلسطين، ولن يكترث للتهديدات والتحركات العدائية الأميركية والبريطانية تجاه اليمن".
وأشار القحوم إلى أن "اليمن الكبير يمتلك من عوامل القوة والمنعة ما يمكّنه من كسر الغطرسة الأميركية والبريطانية، والحد من العبث والتواجد العسكري لحماية إسرائيل وغير المبرر في البحر الأحمر، وسيرحلون صاغرين، وهذه نهاية حتمية، واليمن مقبرة للغزاة والمحتلين، والبريطانيون يعرفون ذلك في الماضي، وكذلك الأميركيون، وسيكون لهم ذلك في الحاضر، وعلى الباغي تدور الدوائر".
علي القحوم: على أميركا وبريطانيا تحمّل تبعات ما أقدمتا عليه
المحلل العسكري العميد جمال الرباصي قال، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن الحادث الذي أدى إلى قصف الزوارق الحوثية من قبل القوات الأميركية جاء نتيجة اعتبار تحركات الحوثيين بالقوارب قرب القوات البحرية الغربية استفزازاً غير مقبول، ولهذا قامت بضربهم وقتل بعضهم.
واستبعد قيام واشنطن بشن غارات جوية على المناطق التي يسيطر عليها الحوثي "حتى لا تعطي مبرراً بالتصعيد الذي من الممكن أن يؤدي إلى إغلاق الملاحة الدولية في البحر الأحمر لفترة ما، بل ستكتفي بردعهم في البحر، ومنع حركة زوارقهم البحرية، ومواجهة المسيّرات أو الصواريخ التي يطلقونها، مع حملة إعلامية عن موعد ضربة جوية".
وكانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قد ألغت تصنيف الحوثيين ضمن الجماعات الإرهابية في فبراير/شباط 2021، متراجعة عن قرار إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بإدراجها ضمن هذه القائمة.
مشروع تصنيف جماعة الحوثيين "منظمة إرهابية"
ومطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حث نواب أميركيون إدارة بايدن على إعادة تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية" أجنبية، على خلفية الهجمات التي تشنها الجماعة ضد إسرائيل.
وأكد 15 عضواً في مجلس الشيوخ، في خطاب إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، أن إعادة تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية" أجنبية من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن الولايات المتحدة تعتبر هذه المجموعة بمثابة تهديد واضح لحلفاء واشنطن وشركائها، والاستقرار الإقليمي.
وقال أعضاء مجلس الشيوخ إن الحوثيين يستوفون تعريف "المنظمة الإرهابية"، إذ تدير الجماعة عملياتها بالتنسيق مع إيران، وعلى وجه التحديد الحرس الثوري الإيراني، المصنف على قائمة الإرهاب.
المحلل السياسي سنحان سنان، قال لـ"العربي الجديد" إن الأميركيين لا يريدون القيام بعمليات مباشرة داخل الأراضي اليمنية، ولكن المرجح هو القيام بعمليات مشابهة لما حصل أخيراً، وذلك باستهداف القوات التابعة للحوثيين في عرض البحر والتي تنفذ عمليات اعتراض السفن واستهدافها.
ورأى أنه "إذا استمرت عمليات الحوثيين في البحر من دون نجاح الوساطة العمانية في إقناعهم بالتوقف عن الاستهداف، فستكون إدارة بايدن في خيار ما ليس منه بدّ في إعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية".
واستدرك سنان: "لكن ذلك إجرائياً ليس سهلاً إلا في حال استمر العدوان على غزة أشهراً أخرى، لأن الحوثيين يربطون عملياتهم في البحر بالحرب على غزة، أي أن الإدارة الأميركية لو ساعدت على وقف الحرب ستكون عملياتها ضد الحوثيين، وإعادة تصنيفهم فائض عن الحاجة وينتهي بانتهاء السبب وهي الحرب على غزة".