مؤتمر بروكسل وتجميد القضية السورية

26 مايو 2024
وفد أممي برئاسة ديفيد كاردن في قرية مورين بإدلب، 14 مايو (عمر حاج قدّور/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مؤتمر بروكسل الثامن ينعقد تحت عنوان دعم مستقبل سورية، في ظل تراجع غير مسبوق للدعم الدولي والأممي للشعب السوري، مما يهدد بكوارث إنسانية خاصة في شمال غربي سورية حيث توقفت العديد من المشاريع الإغاثية.
- تراجع الدعم يأتي متزامنًا مع ضغوطات من دول الجوار لترحيل اللاجئين السوريين وتقليص الاهتمام الدولي بالقضية السورية، مما يعكس انسداد آفاق الحل السياسي وتعاطي المجتمع الدولي مع الوضع القائم.
- الأمم المتحدة والمنظمات الفاعلة تسعى لتعويم النظام السوري وتشجيع المشاريع طويلة الأمد لتنمية مستدامة، بينما تعمل الإدارة الذاتية في شمال شرقي سورية على تثبيت وجودها كسلطة أمر واقع، مما يشير إلى إهمال القضية السورية دوليًا لأجل غير مسمى.

يأتي انعقاد مؤتمر بروكسل بنسخته الثامنة الذي ينظمه الاتحاد الأوروبي غداً الاثنين، تحت عنوان دعم مستقبل سورية، وسط تراجع غير مسبوق في الدعم الذي تقدمه المنظمات الأممية، والدول للشعب السوري، والذي تشير تقارير المنظمات الإنسانية والحقوقية إلى تغطيته نسبة ضئيلة من احتياجات الطبقة الأفقر من السكان، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى كوارث في شتى مجالات حياة السكان في الداخل السوري، خصوصاً شمال غربي سورية، التي توقف عدد من المشاريع الإغاثية فيها فعلياً، فيما معظم المشاريع المتبقية مهددة بالتوقف.
على سبيل المثال، يوجد على المستوى الصحي أكثر من 180 منشأة ونقطة طبية وصحية مهددة بالتوقف بشكل كامل، بحسب مدير صحة إدلب زهير القراط، وعلى مستوى تأمين الاحتياجات الأساسية للحياة، هناك توقف لمشاريع "الإصحاح" التي تقدم خدمات مياه الشرب وشبكات الصرف الصحي عن معظم مخيمات شمال غربي سورية، الأمر الذي من شأنه زيادة معدلات الفقر وانتشار الأمراض والأوبئة في تلك المخيمات. طبعاً هذا عدا عن استثناء شرائح واسعة من الدعم الإغاثي رغم حاجتهم الماسة له.

وفي موازاة نقص التمويل للداخل السوري، بدأت حكومات دول الجوار السوري التي تستقبل العدد الأكبر من اللاجئين بحملات ضغط على اللاجئين وترحيل قسم منهم إلى سورية، وهي حملات تأتي في سياق الضغط على المجتمع الدولي لتحمل أعباء اللاجئين بشكل أكبر في دول الجوار السوري. ويعكس تراجع الدعم الإغاثي الأممي المقدم للسوريين بطبيعة الحال تراجعاً سياسياً بالاهتمام بالقضية السورية وانسداد كل آفاق الحل السياسي، لدرجة بدأت تظهر معها ملامح تعاطي المجتمع الدولي مع الوضع القائم كما هو بكل سلطات الأمر الواقع التي تتحكم بالجغرافيا السورية وعلى مدى بعيد الأمد.

الأمم المتحدة بدأت بالقفز على العقوبات المفروضة على النظام وشرعنة المساعدات له من خلال طرح مشاريع التعافي المبكر الذي يسمح للدول "خصوصاً العربية" بتعويم النظام وتقديم المساعدات له تحت هذا العنوان. كما بدأت الجهات الفاعلة والمنظمات في الشمال السوري بعقد المؤتمرات الدولية التي تدعو للتمكين الاقتصادي شمال غربي سورية، وتحفز على المشاريع طويلة الأمد التي من شأنها المساهمة في تنمية مستدامة للمنطقة. وشمال شرقي سورية أيضاً عملت الإدارة الذاتية على مشاريع لتثبيت وجودها سلطة أمر واقع منفصلة عن سورية، ومنها كتابة عقد اجتماعي بمثابة دستور وإجراء تقسيمات ادارية ومناطقية مختلفة عما كانت عليه سابقاً، وكذلك الدعوة لانتخابات برقابة أممية بهدف أخذ الشرعية. هذه المؤشرات وغيرها تشي بأن القضية السورية برمتها ستركن جانباً من قبل المجتمع الدولي إلى أجل غير مسمى.