ليبيا: الدبيبة يباشر التحقيق في عرقلة جلسة مجلس الدولة

15 نوفمبر 2022
وجّه الدبيبة تعليمات إلى وزارة الداخلية لتأمين مكان انعقاد جلسة المجلس (Getty)
+ الخط -

كلّف رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، ووزير الدفاع، عبد الحميد الدبيبة، أمس الإثنين، وزارة الدفاع بالتحقيق في منع انعقاد جلسة المجلس الأعلى للدولة في طرابلس.

وأعرب الدبيبة، في تصريح صحافي، نشره مكتبه الإعلامي، عن رفض ما سماها "حالة التأجيج والتصميم التي تقوم بها بعض الأطراف لغرض عرقلة الانتخابات"، في إشارة على ما يبدو إلى رئيس مجلس الدولة، خالد المشري، الذي اتهم الدبيبة بالوقوف وراء منع الجلسة من الانعقاد.

وكانت رئاسة المجلس الأعلى للدولة الليبي، قد أعلنت عن تأجيل جلسة كان مقرراً عقدها، أمس الإثنين، ونشرت صوراً لعدد من الآليات المسلحة المنتشرة حول مقر المجلس، مشيرة إلى أنها تابعة لحكومة الوحدة الوطنية وقامت بمنع أعضاء المجلس من دخول المقر. 

وكان من المقرر أن يستمع المجلس للجنة المناصب السيادية المنبثقة عنه، ويناقش مسألة توحيد السلطة التنفيذية، إلى جانب التصويت على القاعدة الدستورية كاملة. 

وعقب تأجيل الجلسة، قال المشري إنّ "قوة تتبع الدبيبة، منعت المجلس من عقد جلسته الرسمية"، مؤكداً أنّ مقربين من الدبيبة منعوا إدارات الفنادق الأخرى من حجز قاعات لعقد الجلسة. 

وعقب الدبيبة بالقول، في ذات التصريح الصحافي: "بحسب المعطيات التي تأكدت منها الوزارة، فإنّ المحتجين كان عددهم قليلاً، وقد أعطينا تعليماتنا لقوة الردع التي بدورها فرقتهم، وأمنت كامل المكان". 

وحثّ الدبيبة الأطراف السياسية على التواصل بشفافية أكثر مع كل أطياف الشعب الليبي القلق على مصير بلده، مضيفاً أنّ "سياسة التكتم والتعتيم وعقد الاتفاقات في الغرف المظلمة، خاصة من أشخاص لا يتمتعون بمستوى مقبول من الثقة من الشعب الليبي من أجل التمديد لأنفسهم في السلطة قرابة 11 عاماً؛ قد تؤدي إلى احتجاجات قد تكون غير منضبطة في بعض الأحيان". 

ووفقاً لذات التصريح الصحافي، وجّه الدبيبة تعليمات إلى وزارة الداخلية لتأمين مكان انعقاد جلسة المجلس، الثلاثاء، في طرابلس، مع عدم المسّ بحق المواطنين في التظاهر والاحتجاج السلمي. 

وفي إشارة أخرى للمشري، أضاف الدبيبة: "بات واضحاً أنّ طرفاً لديه طموحات في القفز إلى السلطة التنفيذية، بعد 11 عاماً في السلطة التشريعية، عبر صفقة تبادل سلطة تؤجل الانتخابات، لكن الشعب الليبي لن يقبل ذلك، ونحن وراءه حتى تحقيقها". 

وطالب الدبيبة الوطنيين من أعضاء مجلس الدولة بـ"عدم السماح بزج المجلس في مقامرات سياسية فردية، والصمود أمام فترة التمديد الثانية، والتركيز على كل ما من شأنه الإسراع بالانتخابات".  

وخلال كلمة متلفزة نشرها المكتب الإعلامي لمجلس الدولة، أكد المشري أنّ الجلسة التي كان مقرراً عقدها، أمس الإثنين، كان ينتظر أن يصوت أعضاء المجلس الأعلى للدولة على القاعدة الدستورية مجتمعة، كما سينظر في آليات توحيد السلطة التنفيذية. 

وكان المشري قد وجّه خطاباً إلى النائب العام، والمجلس الرئاسي، بضرورة فتح تحقيق عاجل في حادثة منع قوة مسلحة مجلس الدولة من عقد جلسته "بأوامر وتعليمات من رئيس حكومة الوحدة الوطنية، وزير الدفاع، عبد الحميد الدبيبة". 

كما طالب المشري المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، بضرورة "إجراء لقاء فوري بين المجلس الأعلى ومجلس النواب برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم، من أجل توحيد السلطة التنفيذية، تمهيداً لإجراء الانتخابات". 

وحول تبعات التطورات الأخيرة، قالت عضو المجلس الأعلى للدولة، نعيمة الحامي، لـ"العربي الجديد"، إنه "لن تكون هناك جلسة رسمية للمجلس الأعلى للدولة اليوم الثلاثاء"، موضحة أنّ رئيس المجلس خالد المشري أبلغ الأعضاء بتأجيل جلسات المجلس "إلى حين إشعار آخر". 

وتعقيباً على قول الدبيبة، خلال بيانه الصحافي، أنّ من كانوا أمام مقر المجلس الأعلى للدولة أي "المحتجين كان عددهم قليلاً، وقد أعطينا تعليماتنا لقوة الردع التي بدورها فرقتهم"، نفى المشري، في تغريدة على "تويتر"، وجود "محتج واحد، بل كانت هناك مدرعات وأسلحة ثقيلة تابعة لوزير الدفاع"، في إشارة إلى الدبيبة بصفته وزيراً للدفاع بحكومته. 

وتعليقاً على اتهام الدبيبة طرفاً سياسياً لم يسمّه "لديه طموحات في القفز إلى السلطة التنفيذية، بعد 11 عاماً في السلطة التشريعية، عبر صفقة تبادل سلطة تؤجل الانتخابات"، قال المشري: "الجميع يعلم من الذي يعقد الصفقات وصفقة المؤسسة الوطنية للنفط خير دليل"، في إشارة إلى تعيين الدبيبة شخصية مقربة من معسكر اللواء المتقاعد خليفة حفتر رئيساً للمؤسسة الوطنية للنفط. 

وعبّر المشري عن رفضه إعطاء الدبيبة "تعليمات إلى وزارة الداخلية لتأمين مكان انعقاد جلسة المجلس الثلاثاء في طرابلس"، وقال: "سنعقد جلسة المجلس بالظروف المناسبة لنا ولست أنت من يقرر موعدها، ولا نريد تأمينك".

ولقي الحادث أصداء محلية ودولية، فقد استنكر رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح الحادثة، قائلاً: "نستنكر ما تعرض له أعضاء مجلس الدولة من أعمال تهديد وترهيب بقوة السلاح من خلال محاصرتهم من قبل مجموعات مسلحة، الأمر الذي يمثل تهديداً لحياتهم وانتهاكاً لحريتهم الشخصية التي يكفلها لهم القانون"، مطالباً، في بيان له، النائب العام بفتح تحقيق حول الحادثة، ومحاسبة المسؤولين عنها وتقديمهم للعدالة. 

بدورها، حثت سفارة الولايات المتحدة الأميركية في ليبيا، قادة ‎ليبيا على حل خلافاتهم السياسية من خلال الحوار والتسوية، وإجراء الانتخابات الموثوق بها والشفافة والشاملة التي يريدها الليبيون ويستحقونها. 

وقالت السفارة عبر حسابها عبى موقع "تويتر"، إنّ "التهديد باستخدام القوة من شأنه أن يزعزع الاستقرار ويقوض الجهود المبذولة لتحقيق الوحدة الوطنية، وهو ليس طريقة مشروعة أو مستدامة لحل الخلافات السياسية في ‎ليبيا". 

من جهتها، أعربت سفارة المملكة المتحدة البريطانية عن قلقها إزاء التقارير التي تفيد بأنّ بعض المجموعات المسلحة منعت اجتماعاً بين أعضاء المجلس الأعلى للدولة في ‎طرابلس. 

وعلّقت السفارة على الحادثة، قائلة عبر حسابها في "تويتر": "ينبغي السماح للمؤسسات المدنية بالوفاء بمسؤولياتها والاضطلاع بها"، معتبرة أنّ أي محاولة لعرقلة نشاطهم بالاشتراك مع المجموعات المسلحة "أمر غير مقبول". 

وتعاني ليبيا، منذ فبراير/ شباط الماضي، انقساماً حكومياً إثر تكليف مجلس النواب حكومة جديدة، برئاسة، فتحي باشاغا، إلا أنها لم تلق قبولاً من مجلس الدولة، ولم تتمكن من استلام مهامها بشكل رسمي من حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها، عبد الحميد الدبيبة. 

وفيما ترفض حكومة الوحدة الوطنية تسليم السلطة إلا لجهة منتخبة، إلا أنها لا تلقى قبولاً من جانب مجلس الدولة الذي صرّح رئيسه المشري، في أكثر من مناسبة، بضرورة تشكيل حكومة مصغرة بديلة عن الحكومتين كحل أمثل لإنهاء الخلاف الحكومي.

المساهمون