لقاحات إسرائيلية إلى قوة حفظ السلام بسيناء: الأسباب والأهداف

لقاحات إسرائيلية إلى قوة حفظ السلام بسيناء: الأسباب والأهداف

03 مارس 2021
يُشكّل الأميركيون القسم الأكبر من أعضاء القوة الدولية (Getty)
+ الخط -

بدأت الحكومة الإسرائيلية التحضيرات لنقل 2400 جرعة من لقاح كورونا للقوة متعددة الجنسيات المتمركزة في سيناء، بعد طلب أميركي وُصف بأنه "غير عادي" تلقاه مسؤول بارز في وزارة الأمن الإسرائيلية، بينما كان التعليق الإسرائيلي على الموافقة على نقل اللقاحات أن ذلك سيتم لمبررات أمنية وسياسية لا يمكن الإفصاح عنها، وفقاً لما جاء عبر إذاعة "ريشت كان" الإسرائيلية، بينما سيتم البدء في نقل اللقاحات عبر معبر نيتسانا الرابط مع مصر، خلال الأيام القليلة المقبلة.

وخلافاً لخطة اللقاحات الإسرائيلية، فقد تم بحث هذا الطلب في المداولات الداخلية للمؤسسة الأمنية ومجلس الأمن القومي وحصل على موافقة الجهات المختصة بعد أن تم تقديم المسوغ السياسي والأمني للعملية. كما أنه بخلاف خطة اللقاحات (لتوزيع آلاف اللقاحات لنحو 19 دولة) فإن القوات الدولية في سيناء ستتحمّل تكاليف هذه اللقاحات وتكاليف نقلها عبر معبر نيتسانا ومنها إلى أيادي القوات الدولية. وأكدت جهات في إسرائيل هذه الأنباء، فيما لم يصل أي رد من القوات الدولية. وكان موضوع تقديم لقاحات ضد جائحة كورونا قد كُشف للمرة الأولى الأسبوع الماضي، وإثر ذلك اعترض وزير الأمن رئيس الحكومة البديل بني غانتس على القرار، لأنه لم يُطرح على الكابينت السياسي والأمني للحكومة، وأكد في رسالة رسمية وجّهها إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بهذا الخصوص أن اتخاذ القرارات دون مصادقة يُثير مخاوف المسّ بالعلاقات الخارجية وبالأمن الإسرائيلي. كذلك وجّه المستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت طلباً إلى رئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شبات لتلقي شروحات حول خطة توزيع اللقاحات لدول في العالم.

ويأتي الدعم الإسرائيلي لقوة السلام في سيناء في حين أن الحكومة الإسرائيلية تستورد لقاحي "فايزر" و"مودرنا" اللذين يتم التطعيم بأي منهما من خلال جرعتين، وحصل ما يزيد عن 40 في المائة من السكان الإسرائيليين على الجرعتين وما يربو عن نصف السكان على جرعة واحدة حتى الآن. وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد أعلن هذا الشهر أن الفائض من لقاحات "كوفيد-19" سيُمنح إلى دول أجنبية صديقة، لكن هذه المبادرة واجهت تحديات قانونية من داخل حكومته الائتلافية، ليتم الإعلان أخيراً عن إرسال لقاح للقوة الدولية العاملة في سيناء، ما طرح أسئلة حول خلفيات القرار، والأسباب الحقيقية التي تدفع لنقل اللقاحات بشكل فوري. في حين يتساءل البعض حول عدم إرسال أميركا اللقاحات عبر مصر إلى القوة الدولية، أو أنها لم تطلب فعل ذلك من القاهرة التي وصلت إليها دفعات من اللقاحات خلال الفترة الماضية.

وتعقيباً على ما سبق، قال باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد"، إن الاحتلال الإسرائيلي يعي جيداً أهمية استمرار وجود القوة الدولية في سيناء، لا سيما في ظل الحشد العسكري الكبير للقوات المسلحة المصرية تحت مظلة محاربة تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش"، حتى ولو كان التنسيق مع الإسرائيليين عالي المستوى، وجرى تعزيز القدرات العسكرية في سيناء بموافقة إسرائيلية، إلا أن إسرائيل لا تأمن تبدل الأوضاع السياسية في مصر في أي لحظة. وبرأيه فإن إسرائيل ترى أن وجود القوة الدولية والاهتمام بها أولوية لها، بما يحفظ استمرار عملها، وحسن علاقاتها، تحسباً لأي تغير دراماتيكي في الأوضاع الأمنية في سيناء، أو في مصر كلها بما ينعكس مباشرة على الموقف في سيناء.

اللقاحات المتوافرة في مصر سواء كانت الروسية أو الصينية، غير معتمدة لدى الولايات المتحدة

وأضاف الباحث، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته لوجوده في سيناء، أن الولايات المتحدة طلبت نقل اللقاحات نظراً إلى قرب المسافة، فخلال ساعات تكون اللقاحات متوفرة في سيناء، عبر معبر العوجا (نيتسانا إسرائيلياً)، في حال تم نقله من أقرب مركز طبي إسرائيلي في منطقة النقب، جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأشار إلى أنها طلبت فعل ذلك أيضاً نظراً إلى أن اللقاحات المتوافرة إسرائيلياً هي المعتمدة أميركياً، في حين أن اللقاحات المتوافرة في مصر سواء كانت الروسية أو الصينية، غير معتمدة لدى الولايات المتحدة، ولا تقبل بتلقيح جنودها بهذه اللقاحات. ولفت إلى أنه على الرغم من عدم احتكاك هذه القوة العسكرية بالمدنيين المصريين، أو أي طرف آخر، إلا أن الولايات المتحدة تتخوّف من وصول الفيروس إلى أفرادها، أو أنه قد وصل بالفعل، ما يستدعي تحركاً عاجلاً لإمدادها باللقاحات، فيما كان طلب اللقاح صادراً من قيادة القوة الدولية، وهو الأمر الذي استجابت له وزارة الدفاع الأميركية، ووجهت وزارة الأمن الإسرائيلية لتنفيذه بشكل فوري.

يُشار إلى أنه تم نشر القوة متعددة الجنسيات، التي تضم أفراداً من 13 دولة، لمراقبة نزع السلاح في سيناء بموجب معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية المبرمة في عام 1979. ووفق البند 19 من ملحق بروتوكول إنشاء تلك القوة، فإنها تتكوّن من مقر قيادة وثلاث كتائب مشاة، ولا يزيد مجموع أفرادها عن ألفي فرد ووحدة دوريات ساحلية ووحدة مراقبين وعنصر ملاحة ووحدات شؤون إدارية وإشارة. ويشارك في القوة جنود من دول أعضاء في حلف الأطلسي، وتمثّل القوات الأميركية نحو 40 في المائة من تعدادها.

المساهمون